فاجأ الرئيس اليمني علي عبد الله صالح خصومه في قوى المعارضة بعودته إلى صنعاء قادماً من الرياض بعد ثلاثة أيام على توقيعه المبادرة الخليجية، ثم فاجأهم بإعلان عفو عام عن كل من «ارتكب حماقات خلال الأزمة» التي تعصف بالبلاد منذ نحو عشرة أشهر. واصدر الرئيس اليمني بالانابة عبد ربه منصور هادي قراراً بتكليف محمد سالم باسندوه تشكيل حكومة الوفاق. وقال التلفزيون اليمني الرسمي إن الرئيس «يعلن العفو العام عن كل من ارتكب حماقات خلال الأزمة ما عدا المتورطين في جرائم جنائية وفي حادث مسجد الرئاسة وسيحالون إلى العدالة أكانوا أحزاباً أو جماعات أو أفراداً». وكان صالح تعرض لمحاولة اغتيال في الثالث من حزيران (يونيو) الماضي عندما زرعت عبوة ناسفة في المسجد الذي كان يصلي فيه ما أدى إلى إصابته بجروح وحروق خطرة. لكن أوساط المعارضة اعتبرت أن إعلان العفو يخالف المبادرة الخليجية لأن الرئيس نقل صلاحياته إلى نائبه ولا يحق له ولا قدرة لديه على اتخاذ قرارات من هذا النوع. ودعا صالح في اجتماع مع قيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم أمس إلى التعاون لتنفيذ المبادرة مع هادي الذي نصحه بأن يبلغ مجلس التعاون الخليجي أو مبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر عن كل من يتلكأ في تنفيذ المبادرة وآليتها التنفيذية من أي طرف كان. وقال صالح إن «على القيادات السياسية المعلولة سواء في السلطة أو المعارضة ترك مناصبها في هذه المرحلة والذهاب إلى المستشفيات وترك المناصب القيادية لمن هم قادرين على البناء». وأضاف انه «ليس هناك منتصر ولا مهزوم في توقيع المبادرة الخليجية والرابح الوحيد هو الشعب»، وطالب ب «وقف المسيرات ورفع الاعتصامات وإنهاء قطع الطرقات والاعتداء على المعسكرات»، مرحباً بالشراكة مع المعارضة، وداعياً إلى «وقف التصعيد في الخطاب الإعلامي للسلطة والمعارضة». «الحوثيون» والسلفيين على صعيد آخر، قالت جماعة سلفية في منطقة دماج التابعة لمحافظة صعدة (شمال غربي البلاد) إن مسلحين من حركة «الحوثيين» قتلوا يومي السبت والأحد 24 من الدارسين في «معهد الحديث» السني في منطقة دماج بينهم طلاب من جنسيات أجنبية على رغم وجود وسطاء من وجهاء المحافظة يسعون لوقف إطلاق النار وفك الحصار عن المعهد. وقالت مصادر محلية إن «الحوثيين» الذين يسيطرون على محافظة صعدة بعد فشل قوات الجيش الحكومي في إخماد تمردهم في ستة حروب كان آخرها قبل نحو عامين، أصابوا بجروح أيضاً نحو 50 شخصاً في القصف الذي استهدف المعهد وجواره. وشكك «الحوثيون» في رواية السلفيين، وقال مصدر في مكتب زعيمهم عبد الملك الحوثي إنه أصدر توجيهات بوقف إطلاق النار والتزام الهدنة مع المسلحين السلفيين، لكن هؤلاء رفضوا وواصلوا القتال. وأضاف: «لدينا شهداء وجرحى سقطوا في مواجهات مع السلفيين، وقد أبلغنا الوسطاء بأن السلفيين يمكنهم الاحتفاظ بشعاراتهم طالما انهم يمتنعون عن التحريض والتكفير». وأدى التصعيد الحوثي إلى دعوة تحالفات قبلية في المحافظات المجاورة إلى نصرة «السلفيين» في دماج، وتحشيد المتعاطفين معهم على مشارف صعدة استعدادا لمقاتلة «الحوثيين». وقالت مصادر قبلية في المنطقة إن المئات من رجال القبائل المسلحين يعدون العدة لفك الحصار عن السلفيين، ما ينذر باندلاع حرب قبلية ذات طابع مذهبي في حال فشلت الوساطات الجارية في نزع فتيل الأزمة.