في مشهد لفه الحزن، توقف عصر أمس (الأحد) آخر نبض للمعلمة سوزان الخالدي إحدى المصابات في الحريق الذي نشب الأسبوع قبل الماضي في مدرسة براعم الوطن، كثالث ضحاياه بعد المعلمتين غدير وريم. توزع إخوة المعلمة التي أعلنت فراقهم الأبدي، بين الدفاع المدني في جدة والشرطة والمستشفى لإنهاء إجراءات مواراة ثرى شقيقتهم سوزان، بعد تلقيهم خبر وفاتها في الساعة الثالثة من مساء أمس لتبدأ مأساة أخرى، كيف ينقلون هذا النبأ إلى والدتهم (والدة سوزان). «الوجع» كان أدق تعبير لوصف شقيقها جميل مشاعره بعد رحيلها، إذ قال ل«الحياة»: «أشعر بوجع يتملك قلبي، أحتاج إلى النوم، وجسدي يرفض ذلك، التفكير يشل ذهني، متى وكيف ولماذا؟ شقيقتي الصغرى المفعمة بالحياة تختنق في غمضة عين بالحريق؟ بأي ذنب لا أعلم!، والله.. ومع هذه المصيبة لا ندري كيف ننقل خبر وفاتها إلى أمها». وبعدما رأى جميل مختنقاً بعبرته، أكمل شقيقه فهد: «قلت لأمي أن سوزان تحتاج منها الدعاء فالأوكسجين لا يصل إلى دماغها، قالت لي، قل لي بصراحة، هل ماتت سوزان؟، حينها لا أعلم ماذا أجيب، فألحت علي أن آتي بها إليها، وها نحن الآن ذاهبون بسوزان إلى منزلنا عند الوالدة ليتم غسلها هناك حتى يتم دفنها بعد صلاة الفجر ما لم يستجد جديد». «الحياة» وقفت على نقل سوزان جثة من ثلاجة الموتى إلى منزلها، ليتم غسلها هناك ومن ثم دفنها، كان الوضع صعباً على ذويها، القماش الأبيض يلف جسدها النحيل، وإخوتها يقومون بنقلها وليس لهم سوى الصبر والجلد بعد أن عانت من كدمة في الفك وكسر في الحوض واختناق. لم يكن مع أشقاء سوزان سوى أقاربهم ولم يتصل بهم حتى لحظة وفاتها أي مسؤول وكذلك صاحب المدرسة، وفقاً لإفادة شقيقها جميل ل«الحياة « الذي قال: «لم يتصل للاطمئنان على سوزان لأكثر من مرة سوى الأستاذة سامية بن لادن والحمدلله لا نحتاج الآن إلا أن يدعو لها الجميع». من جانب آخر، أفصحت مشرفة الإعلام التربوي في الإدارة العامة في التربية والتعليم في جدة نورة الشرواني ل «الحياة» أن الإدارة خيرت طالبات مدرسة براعم الوطن بين ثلاثة أمور لإكمال فصلهن الدراسي الحالي، وهي «الالتحاق بابتدائية (91) الحكومية، وهو ما يشمل كل منسوبات المدرسة من معلمات وموظفات وطالبات، ويكون الدوام فيها مسائياً من الساعة 12 والنصف إلى الساعة الخامسة عصراً، على أن تؤمن مدارس براعم الوطن المواصلات لهن»، مشيرةً إلى أنهن بدأن الدوام فيها أول من أمس السبت وأن مبنى المدرسة مناسب، وأعدت فيه برامج لاستقبالهن، أما الخياران الآخران للطالبات فهما الالتحاق بأي مدرسة حكومية يردنها تكون موجودة في المحيط نفسه، أوالالتحاق بالمدارس الأهلية التي بادرت باستقبالهن. ومن جهتها، قالت المشرفة التربوية في إدارة التعليم الأهلي وأحد أعضاء لجنة متابعة أحداث براعم الوطن والمسؤولة في لجنة الجزاءات والعقوبات في المدارس الاهلية شكرية جان إن عدد الطالبات اللائي التحقن بابتدائية (91) هو 400 طالبة، مشيرةً إلى أن العدد الإجمالي لهن هو 700 مع طالبات رياض الأطفال والتمهيدي، أي أن عدد طالبات المرحلتين المتوسطة والابتدائية هو أكثر من 500، وهن اللائي استأنفن دراستهن بداية هذا الأسبوع أول من أمس، وهناك 22 فصلاً مخصصاً لهن في هذه المدرسة. أما عن طالبات رياض الأطفال والتمهيدي، فقالت: «خطتنا كانت أن نبدأ في توزيع طالبات الابتدائية والمتوسطة هذا الأسبوع، لنتفرغ بعدها لرياض الاطفال والتمهيدي»، لافتةً إلى أنهم يبحثون عن مدرسة حكومية كما فعلوا مع طالبات المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، إلا أنها أشارت إلى أن المدارس الأهلية التي بادرت باستقبال الطالبات، استقبلت أيضاً في الوقت نفسه طالبات التمهيدي ورياض الأطفال، وذلك لأن إدارة التعليم لم تحدد لها المرحلة الدراسية، فباب الاستقبال مفتوح فيها. وقالت: «هناك تقريباً 10 مدارس أهلية استقبلت الطالبات من دون مقابل، مثل مدارس البيان، والبيت السعيد، ومدارس الذكر، والرائدات، والإبداع، والحمراء، والأمم»، لافتةً إلى أن هناك مدارس تبرعت بفصول ومبانٍ جديدة لطالبات براعم الوطن، وأضافت: «هناك تقريباً 10 طالبات التحقن بمدارس حكومية اخترنها، والبقية في المدارس الاهلية التي بادرت باستقبالهن، كما أن مدرسة البيت السعيد استقبلت 60 طالبة». وأفادت جان أن هذا الوضع موقت وسينتهي بانتهاء الفصل الدراسي الحالي، على أن تعود الطالبات إلى المدرسة بداية الفصل الدراسي المقبل من دون تأجيل. «اختصاصي نفسي»: استقبلت في عيادتي طالبات رفضن الذهاب إلى المدرسة خوفاً من «النيران» مدرسة تتفاعل مع «البراعم»... وتكيّف طاقتها الاستيعابية لاستضافتهن