لم تأتِ الكرة السعودية أمس بجديد، فقد واصلت سقوطها المريع ونتائجها الهزيلة في المحافل الدولية والمنافسات الخارجية في الأعوام الأخيرة، وخسر الأخضر الأوليمبي مباراته أمام المنتخب الكوري الجنوبي بهدف من دون رد في سيول، وبات حلم الأخضر وأمله في بلوغ أولمبياد لندن 2012 شبه مستحيل بعد تذيله المركز الأخير وقاع الترتيب في مجموعته التي تضم إلى جواره منتخبات قطر عمان وكوريا الجنوبية وذلك بنقطة واحدة من مجموع تسع نقاط، وفقد الأخضر الكثير من هيبته وقوته وسطوته في القارة الصفراء، وبات ممراً سهلاً لكل المنافسين، لينضم إلى المنتخب الأول الذي انهار بشكل مفجع في كأس الأمم الآسيوية الأخيرة في قطر، وما زال ضائعاً يبحث عن نفسه في التصفيات الأولية لكأس العالم 2014 في البرازيل. وتراجعت الكرة السعودية في السنوات الأخيرة، وسجلت تدهوراً حاداً في المستويات والنتائج، وعانت من الصراعات الداخلية، والأخطاء الكوارثية، وابتعدت المنتخبات الوطنية والأندية المحلية عن حصد البطولات والإنجازات والألقاب الذهبية، وتحولت المشاركات إلى تأدية واجب ثم عودة بخفي حنين، وفشل مثير للشفقة، وعانت الجماهير السعودية العاشقة والذواقة لكرة القدم من السقوط المرير المتتالي والتراجع المخيف المتتابع، والنكسات والنكبات في الكثير من المشاركات، وباتت الأحزان والآلام سمة ملازمة لهذه الجماهير المغلوبة على أمرها، لدرجة أن الكثيرين باتوا لا يتفاءلون بأي لقاء للأخضر، ولا يثقون في الأجهزة الفنية والإدارية واللاعبين في ظل النتائج السلبية المستمرة التي جعلت أسياد آسيا صيداً سهلاً حتى للمنتخبات الصغيرة في عالم المستديرة. وأكد الاتحاد الدولي الفيفا تدهور الكرة السعودية في تصنيفه الشهري، ورمى بالأخضر في المركز 98 على مستوى العالم لأول مرة منذ أكثر من 18 عاماً، ثم عاد وأكد نفس المركز في الشهر الفائت، في دلالة واقعية على ما يجري للكرة السعودية هذه الأيام، فالمسألة ليست في آلية اختيار المدربين سواءً بيسرو أو ريكارد أو عنبر وغيرهم من المدربين الوطنيين والأجانب الذين يقودون المنتخبات السعودية، والقضية أكبر من برمجة موسم أو جدولة مباريات أو تخطيط معسكر، وإنما المشكلة في سيستم العمل الروتيني القديم الذي ما زال يسري في أورقة اتحاد الكرة، فالأسماء الغير متخصصة في المجال الرياضي باتت هي التي تحل وتربط في أهم اللجان، والأعضاء المخضرمون منذ القدم ما زالوا على كراسيهم، والكوادر الشابة التي تسعى دول الجوار لاستقطابها يتم تطنيشها بشكل غريب يضع أمامه أكثر من علامة استفهام. ويحاول الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل جاهداً أن يعيد ترتيب الأوراق، وأن يرد هيبة الكرة السعودية المفقودة، وظهر ذلك جلياً في الفترة الماضية من خلال بعض القرارات القوية التي كان يتخذها بشكل متفرد، ولكن ثمة بعض الجوانب التي تحتاج إلى تدخل سريع خصوصاً فيما يخص نظام الاحتراف وسقف الملايين المبالغ فيها التي دلّلّت اللاعب السعودي وجعلته غير آبه بمهمته الأساسية داخل الميدان، لينعكس ذلك جلياً على أداء ناديه خصوصاً، والمنتخبات السعودية عموماً في الاستحقاقات الخارجية، فأية انتصارات وبطولات وإنجازات في غير لعبة كرة القدم لن تروي عطش الجماهير السعودية، والمرحلة المقبلة تتطلب بذل المزيد من العمل والتخطيط المقنن من أصحاب الاختصاص على رغم صعوبة مهمة الأخضر في لقاء أستراليا، وتضاءل فرصة الأوليمبي في الوصول لأولمبياد لندن 2012.