أكد رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أن «الحل ليس باستقالة الحكومة بل بإيجاد حل، والحرص على لبنان والحفاظ عليه يكون بالتفاهم بين اللبنانيين وفي استمرار البحث عن الحل وفي الحوار». ورأى أن «جزءاً كبيراً من الأحداث التي تجري في سورية هدفه توجيه الانتباه عن الانسحاب الأميركي من العراق». كلام بري جاء خلال رعايته المؤتمر العام البلدي الوطني الأول الذي نظمه مكتب الشؤون البلدية المركزي في حركة «أمل» أمس في قصر الأونيسكو. حضره ممثل رئيس الحكومة نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، ووزراء ونواب وسفراء، وممثلون عن رؤساء الطوائف، ووفد يمثل قوات «يونيفيل». وأكد وزير الداخلية والبلديات مروان شربل في كلمة أن «أي تطوير للنظام سياسياً كان أم إداريا، لا بد من أن يمر في البلديات، فاللامركزية الإدارية المدخل والأساس». ونوه بري بعقد المؤتمر الوطني الأول للبلديات، الذي يمثل «أول عرض للقوة الأهلية لمناسبة عيد الاستقلال إلى جانب العرض العسكري السنوي لجيشنا الباسل، لأنهما يبرزان القوة الرسمية إلى جانب قوة المجتمع الأهلي في التصميم على العبور إلى الدولة وأدوارها، ويردان على الحملات المشبوهة التي تحاول إضعاف أو تحييد الجيش عن القيام بمهامه وجعل حدود لبنان مفتوحة أمام المجهول، وبالتالي تهديد استقرار نظامنا العام قبل جوارنا العربي بما يؤدي إلى تحكم الفوضى وتجارة الموت والجريمة المنظمة والإرهاب بمناطق الحدود». وأكد بري أن «استقرار وطننا مسؤولية الجميع وليس مسؤولية الحكومة من دون معارضتها، وأن أحداً لا يمكنه أن يرفع عن نفسه المسؤولية تجاه الأزمات المتنوعة التي نعاني منها. ولا يمكن أحداً في ظل الأوضاع المحلية أو الإقليمية وفي ظل الاضطراب والقلق والشك والخوف على المصير، أن يدفن رأسه في الرمل أو أن يرتب الأولويات وفق مصالحه أو مشاعره». وشدد على أن «الوقائع الراهنة وكذلك التجربة أثبتت أن أحداً لا يمكنه أن ينفرد بالسلطة أو أن يملك حق الفيتو على القرارات الوطنية الأمر الذي كان ولا يزال يتطلب صنع تفاهمات وطنية ترتكز على اتفاق الطائف طالما نحن ضمنه كعقد وطني، وهذه التفاهمات لا نحتاج معها إلى وسطاء بل إلى الجلوس إلى طاولة صريحة برعاية رئيس الجمهورية لحوار محدد المواضيع والأهداف للوصول إلى إجماع وطني حول ما نتفق عليه وما نختلف عليه أيضاً». وقال: «لا يجوز أن تقاس المسؤولية تجاه السيادة الوطنية على الحدود الجنوبية بالطريقة نفسها التي نتطلع بها إلى الوقائع الجارية عبر حدودنا الشمالية والشرقية، أتفهم أن يكون لكل منا مشاعره تجاه ما يجري على مساحة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، فكيف على مساحة سورية الشقيقة، ولكن هذا لا يبرر لأحد منا على الإطلاق أن يضع نفسه في مكان السوريين في مجال تقرير مصيرهم ومستقبلهم السياسي، وإلا فكيف يحق لطرف أو أطراف لبنانيين اتهام الآخرين بأخذ لبنان إلى الحرب أو بوضع لبنان تحت التهديد وعلى منظار التصويب؟». وأوضح أنه «كان أول من عبر عن مخاوفه من أن تشكل المسألة السورية الشرارة الأولى التي تشعل النيران في المنطقة وتحدث زلزالاً وتؤدي إلى انقسامات عميقة وحروب طائفية، فإني حينها واليوم لا أقصد أن أخيف اللبنانيين «الله علّقنا» وقلنا إن لبنان يقع في عين العاصفة فقالوا إن نبيه بري يهدد بحرب أهلية في لبنان مع العلم أنني لم آت على ذكر الحرب اللبنانية ولكنني قلت إن هناك فتنة وهناك خوفاً حقيقياً ولكنني لا أريد لأحد من اللبنانيين أن يصدق ببساطة بأن التضحية بأي نظام سياسي أو بأي رمز للمستوى السياسي في أي بلد عربي على أنه انتقام مشروع وأنه لن يؤدي إلى شيء. أول حرب الفتنة في لبنان حصلت، نتيجة كامب ديفيد، أليس هناك انعكاسات على لبنان من أي بلد عربي وخصوصاً من الجار الأقرب؟ وليدرك الجميع أن لبنان مرآة المنطقة التي تعكس صورتها المستقرة أو المتوترة أو الملتهبة». وطالب الجميع «بإعادة النظر بمسؤولياتهم تجاه لبنان ودوره في نظام منطقته العربية واستعادة استقراره». وتمنى «أن ينتبهوا إلى أن دقة المرحلة تقتضي أن نحفظ هذا الشرق وفي قلبه لبنان وحفظ لبنان وفي قلبه الجنوب، وأن ننتبه إلى أن الخطر الذي يتهدد وطننا يأتي من جهة الجنوب الذي جعلت منه إسرائيل موقعاً للرماية بأسلحة القتل والدمار طيلة عقود، وهي اليوم ترفع من وتيرة تهديداتها العابرة لحدود لبنان والتي تصل إلى إيران في محاولة للاستثمار على حال التفكك العربي وعلى خلافات يدّعونها وفتن يزرعونها بين السنّة والشيعة». وأمل بأن يدرك الجميع أن «مسؤوليتنا الأساسية ستبقى دائماً دعم الشعب الفلسطيني لتحقيق أمانيه الوطنية واعتبار أن أي بوصلة لا تشير إلى القدس وإلى فلسطين فهي بوصلة مشبوهة»، وسأل: «أين أصبحت عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة؟ أليس لها علاقة بالديموقراطية؟ وأشار بري إلى أن «الحوار الساخن الذي يجري بدماء أشقائنا في سورية جيشاً وشعباً جزء أساسي منه يتم لتحويل الانتباه عن استتباعات الانسحاب الأميركي من العراق وعن وعد الرئيس (الأميركي باراك) أوباما لناخبيه بتحقيق هذا الانسحاب قبل نهاية العام. إن هذا الانتباه يستدعي كذلك ألا نجعل من بلدنا خاصرة موجعة لسورية وللعرب وللمنطقة لأن لبنان عندئذ سيكون الأشد توجعاً نتيجة ذلك». مؤكداً أن «بعض الغرب يهرب من مشكلاته عبر خلق أزمات في أماكن أخرى وأولها الشرق الأوسط».