الذين يحشرون الطائفية في كل حادثة يُخطئون في حق بلادهم وأنفسهم قبل أي كان، بل يقدمون -من حيث لا يشعرون- هدية لمن يسعى لاستهداف الوطن. الوطنية والإخلاص لا علاقة لهما بطائفة ولا منطقة، وإذا ما قام أفراد -كما حصل في القطيف- باقتراف جرائم فهم من أجرم ومن يجب أن يؤخذ على يده، ولا ينسحب هذا على طائفتهم ولا أسرهم. وقطع الطرق عن الآمنين بإشعال الإطارات جريمة قذرة، وإطلاق النار واستهداف رجال الأمن ونقاط التفتيش جريمة أكبر وأقبح لأنها تستهدف الجميع، النظام والاستقرار والدولة. وما حدث في القطيف متوقع، ألم يعلن بشار الأسد تهديدات بزلازل وحرائق في المنطقة، وتناغمت معه إيران في أكثر من تصريح قبله وبعده؟ الأمر مرتبط بالتهديدات فالتصعيد يطاول المنطقة كلها، انه جزء من الرد على المواقف السياسية التي اتخذتها الغالبية في الجامعة العربية، والتصعيد بالشغب وتحريك الخلايا النائمة يعني انتهاء مرحلة الديبلوماسية. وخلال الأسابيع الماضية وبعد قرار الجامعة الذي أحدث صدمة للنظام في سورية وفي طهران، أطلقت أصوات سياسية لبنانية معروفة بمواقفها العدائية تجاه الرياض نداءات للسعودية للتدخل والوساطة في الأزمة السورية! صرح ميشال عون بقوله إن هناك شخصاً واحداً يمكنه التدخل لحل الأزمة في سورية، مشيراً إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ونبيه بري أيضاً نادى بالتدخل السعودي، ونشرت صحف لبنانية عن خطاب وجهه الرئيس السوري بشار الأسد للأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وصفته بالحميمي، لكن الإشارات التي صدرت عن الرياض لاحقاً أكدت ضرورة تطبيق نظام بشار الاسد قرارات الجامعة التي وافق عليها، ونص على ذلك بوضوح في بيان مجلس الوزراء السعودي الأخير، وهذا يعني الإصرار على مبادرة عربية نالت أصوات غالبية أعضاء الجامعة. وليس من المصادفة أن يعلن قاسم سليماني قائد فيلق القدسالإيراني والمشرف على نشاط الحرس الثوري في كل من العراق وسورية ولبنان عن «ايرانات» جديدة في دول عربية ذكر منها مصر واليمن والبحرين. والأولى شهدت تطورات سلبية في ميدان التحرير أعادتها إلى المربع الأول، في حين شهدت اليمن توقيع علي عبدالله صالح على المبادرة الخليجية لنقل السلطة، اما البحرين فهي تعلن عن إصلاحات وقبول بتقرير يدين الإفراط في التعامل الأمني، وسليماني هو الذي تتهمه واشنطن بمؤامرة اغتيال السفير السعودي عادل الجبير وتصريحاته من قبيل الأمنيات، فالعيون على سورية والعمل لفك الخناق يتم في أرجاء الوطن العربي، كما انه ليس من المصادفة استهداف جنسيات بعينها بالقتل على الهوية في سورية، خلال أسبوع قتل حجاج أتراك وسعودي وأردنيان. وأعلن التلفزيون السوري أن الشاب السعودي المغدور، «سوري الأصل وإرهابي مشهور باسم بندر»، في حين كشف والده انه طالب يدرس في لندن ويقضي إجازة العيد لدى أقاربه، ومن الغريب ألا تحذر السفارة السعودية في دمشق من السفر إلى سورية والاستهداف أوضح من شعاع الشمس، وتكتفي بأنها «تستفسر» من دمشق من دون إجابة. www.asuwayed.com