يمر دربي الكرة السعودية الذي يجمع الهلال والنصر نهاية الأسبوع الحالي، كسابقيه، من دون أن يشعر بطعمه ونكهته أحد، لأن لقاءات الفريقين فقدت بريقها ووهجها من زمان، بل إن أنصار الناديين يقتاتون قبل كل دربي جديد بذكريات «دربي زمان» يتصفح الوسط الرياضي وخصوصاً أنصار القطبين «الهلال والنصر» الأوراق الجميلة من لقاءات الفريقين التي كانت تملاْ الدنيا حديثاً وشوقاً ولهفة، يتذكرون النجوم الكبار في العصر الذهبي للفريقين، ويتذكرون المساطب الأسمنتية التي كانت مريحة أكثر من الاختناقات المرورية هذه الأيام، ويتذكرون الأهداف الملعوبة، والجمل التكتيكية والمهارة الممزوجة بالموهبة الفطرية لا المصنوعة كما هي الحال الآن. ليس من الأنصاف وضع الجيل السابق في كفة الأفضلية المطلقة، فقد تغيرت المدارس الفنية والطرق الأدائية، وأصبحت اللياقة البدنية هي المعيار الأساسي الذي يسبق المهارة والموهبة، وأصبح الأداء لا يعتمد على «نجم» الجميع يُخدم عليه وتصنع له الفرص وتهيئ له المساحات والدوائر الضوئية، وحل بدلاً عنها اللعب الجماعي وتبادل المراكز والسرعة وقوة الالتحام. لو لعب الجيل السابق في مباريات هذه الأيام فقد لا يجد النجاح نفسه حتى وإن تفوق بالمهارة، ولو لعب الجيل الحالي في الزمن «الجميل» فقد لا يجد له مكاناً في خريطة أي فريق، لأن لكل جيل رونقه وناموسه ووسائله التعبيرية، ولأن لكل زمان دولة ورجال، ولكل مرحلة أهلها وناسها. ذهب جيل ماجد عبد الله والهريفي ويوسف خميس، وأتى جيل سعد الحارثي وخالد زيلعي وإبراهيم غالب ومحمد السهلاوي في النصر، وذهب جيل الثنيان والنعيمة وسامي الجابر، وأتى جيل محمد الشلهوب وأسامة هوساوي وعبد العزيز الدوسري ونواف العابد في الهلال ،... وبين هؤلاء وهؤلاء نستجر الذكريات ونتعشم متعة وإثارة في اللقاءات الجديدة... نترقب «ليلة خميس» فقد تطرز لنا بوابة مدينة المدائن بشيء من عبق ذكريات لقاءات الماضي الجميل، وقد تُعيد لنا شيئاً مما فقدناه واعتدناه في «دربي زمان». بوصلة دوري «زين» تتجه عشية الخميس لمواجهة القطبين النصر والهلال بحسابات لا تقبل الجدل البيزنطي، فكل الطرق تؤدي للرصيد البنكي وبينهما فارق 10 نقطة وهو فارق كبير وكبير جداً، لكن حساسية اللقاء تُلغي هذه الفوارق وتجبرنا على الانتظار لعلنا نشاهد كرة قدم حقيقية، أو ملامح من لقاءات أيام زمان. [email protected]