يُرمى أصحاب الأسئلة في مجتمع تقليدي، كالمجتمع السعودي، بأنهم «متطفلون»، ولا يراعون «الخصوصية»، التي تشكل العمود الفقري محلياً، في التعاطي مع أغلب الأحداث، والمستجدات، التي تطرأ عليه، ويُراد لها عدم التمدد والانتشار. ولكن الحال تجده مختلفاً، عندما يتم التعامل مع «تويتر»، تلك الخدمة التواصلية، التي تقابلك بداية بهذا السؤال: «ماذا تفعل الآن؟»، ومع ذلك لا يعد ذلك «تطفلاً»، ولا «هتكاً للخصوصية». بل يحدث بين المغردين سباق محموم للإجابة عن هذا السؤال، وبكل جراءة. وعلى رغم محدودية المساحة التي يوفرها «تويتر» للإجابة على سؤاله، وهي 140 حرفاً، إلا أن ذلك لم يمنع «المتوترون» من تناول جميع مجالات الحياة، للحديث عنها. وإذا كان شكل «تويتر»، يوحي لزائره لأول مرة، أنه موقع «دردشة للضحك والاهتمامات السخيفة»، إلا أنه يجده مع الممارسة موقعاً «يضم عدداً كبيراً من الرواد الدائمين، الذين يحرصون على طرح المواضيع الجادة ومناقشتها»، إضافة إلى تسريب أخبار «حصرية» تؤجج روح التنافسية بين مرتاديه. وعلى رغم هذه الجدية الظاهرة، إلا أنه يتناول مواضيع شخصية لا تهم أحداً، عدا المتحدث نفسه، ولكنها في الوقت ذاته تجد تفاعلاً بين المرتادين، في صورة مناقضة لمبدأ الخصوصية الذي يتم التلويح به دائماً. ول «تويتر» صفة الشعبية في الطرح، لذلك تسقط هيبة «النخبوية» العالقة في الذهن، فيستطيع رجل الشارع البسيط، أن يتحدث مع المفكر والأكاديمي والسياسي والاقتصادي والرياضي، وكل طبقات المجتمع بعد تجاوز حاجز الحاجة لحوار خاص، لا يحضره أحد غيرهما. وجعلت هذه الصفة «تويتر» يفضح فكر وثقافة الكثير من المحجوبين عن التواصل مع الناس، بسبب أخذهم صفة «الرسمية» في التعامل مع الآخرين. وسمحت هذه الشبكة التواصلية أن تظهر الكثير من الأسماء المغمورة، التي لم تجد لها طريقاً لمخاطبة الناس، والتواصل معهم، وطرح فكرها ومشاريعها، إلا عبر الإنترنت، فأفرزت هذه الشبكة نجومًا وقضايا، لم يكن لها حضور من قبل في المجتمع، مزاحمين بذلك المشاهير والنجوم. فتجد أن 25 سعودياً يعتبرون من «الأكثر تأثيراً» في هذه الشبكة على المستوى العربي، وذلك بحسب تصنيف «فوربس» الصادر أخيرًا. وهؤلاء ال25 كانوا في مراكز متقدمة، وهم خليط من التخصصات والتوجهات، وهذا بحد ذاته يعطي مؤشرات كثيرة. ولم يعرف «تويتر» طريقه إلى المملكة؛ منذ أن انطلق في العام 2009، كبداية فعلية، ولكنه أخذ مساره الطبيعي ووصل مع التقنية التي صنعت الثورات، وحملتها إلى قلب الميادين العربية. وأظهر التقرير العربي الثاني للإعلام الاجتماعي، الذي يعده برنامج «الحوكمة والابتكار» في كلية دبي للإدارة الحكومية، أن عدد مستخدمي «تويتر» النشطين في الوطن العربي، يزيد على 1.1 مليون مستخدم، وأرسل هؤلاء ما يزيد على 22.7 مليون تغريدة خلال الربع الأول من العام الجاري. وتركزت توجهات استخدام تويتر في المنطقة العربية خلال هذه الفترة، في شكل رئيس على التحركات الشعبية في الوطن العربي. وتقدر الدراسة أن عدد مستخدمي «تويتر» في السعودية 115 ألف «مغرد نشط»، أي نسبة انتشار 0.42، وذلك قياساً في عدد السكان.