اجتمع متخصصون وهيئات حكومية وخاصة ووكالات سفر وسياحة في مسقط للمشاركة في أعمال المؤتمر العالمي الثالث للسياحة الجيولوجية الذي جاء تحت عنوان «رؤية الوجهات السياحية بشكل مختلف» ونظمته وزارة السياحة العمانية. جاء تنظيم المؤتمر في الوقت الذي أعلن الدليل الإلكتروني «لونلي بلانيت»، وهو أحد المواقع العالمية المشهورة في مجال السفر والسياحة، قائمة بأفضل عشر مدن في العالم جديرة بالزيارة في العام 2012. وحلت مسقط في المرتبة الثانية بعد لندن التي تصدرت القائمة، ثم بانغلور (الهند)، وكاندز (إسبانيا)، واستوكهولم (السويد)، وقويماريز (البرتغال)، وسانتياغو (تشيلي) وهونغ كونغ (الصين)، وأورلاندو (الولاياتالمتحدة الأميركية)، وداروين (أستراليا). وطالب المشاركون في المؤتمر، بعد ثلاثة أيام من المناقشات، الحكومات والهيئات السياحية ووكالات السفر والسياحة بضرورة التأكيد على دمج السياحة الجيولوجية في صوغ إستراتيجيات السياحة المستدامة وأساليب إدارتها، مؤكدين أهمية دعم التواصل مع الهيئات المحلية والدولية والعاملين في مجال السياحة وتحديد الفرص من أجل التوسع في بحوث وإدارة وتسويق السياحة الجيولوجية، خصوصاً أنها جزء هام في استراتيجيات السياحة المستدامة. وحض المؤتمر على زيادة الوعي والمعرفة الجيولوجية في التدريب والإرشاد السياحي، والأهم في الترويج السياحي، وتبني تقنيات حديثة للتعريف بالمواقع الجيولوجية بهدف تطوير البرامج التعليمية وزيادة الوعي في هذا المجال وتشجيع المبادرات التي تكفل حماية وصيانة ومعرفة المعالم الجيولوجية والسعي نحو تقديم خدمات سياحية بمعايير الجودة العالمية. وأشار البيان الختامي إلى أن السلطنة تعد وجهة واعدة للسياحة الجيولوجية بالإضافة الى الأنماط السياحية الأخرى المتميزة. ومن أوراق العمل المقدمة دراسة عن إمكانات السياحة الجيولوجية المستقبلية في محافظة ظفار، وأخرى عن تجربة السلطنة في تطوير كهف الهوتة، وكيفية تسويق السياحة الجيولوجية ومعرفة التنوع الجيولوجي في المستقبل. كما طرحت تجارب دولية في مجال تنمية السياحة الجيولوجية من إيران وموريشيوس، وتم إستعراض نماذج لعدد من المشاريع السياحة الجيولوجية في مناطق عمانية كعبري ووادي بني خالد ومسقط ومصيرة والجبل الأخضر. ورأى البروفيسور روس داولينغ وهو أحد المشاركين في تنظيم هذا المؤتمر «أن صناعة السياحة العالمية تؤدي عملاً جيداً في ما يتعلق بتطوير وتفسير وترويج المظاهر الإحيائية والثقافية، ولكن في المجمل هناك غياب لفهم المظاهر اللاحياتية وهي العنصر الأكثر أهمية، خصوصاً الجيولوجيا والتضاريس والمناظر الطبيعية». وأشار إلى أن شعار المؤتمر يعكس «الطريقة الأكثر شمولية التي يمكن من خلالها تطوير صناعة السياحة، وتفسير وتعزيز السياحة في مجالات طبيعية، اعتماداً على فهم أكثر إكتمالاً لمصادر القوة الطبيعية للمنطقة، وسيكون هذا التوجه الأكثر شمولية تجاه السياحة على قدر كبير من الأهمية بالنسبة الى المهتمين الجدد بالسياحة الذين يسعون للحصول على خبرات سياحية أكثر تثقيفاً ووعياً». وأوضح المدير العام للتنمية السياحية بوزارة السياحة سالم بن عدي المعمري أسباب استضافة بلاده للحدث، مستعرضاً المقومات التي تتمتع بها عُمان على مستوى الطبيعة والحضارة، وقال: «إن السياحة مميزة بالسلطنة بسبب التكوينات الجيولوجية التي تتميز بها البلاد، ومعروف أن التكوينات الجيولوجية في السلطنة متنوعة من الشمال إلى الشرق والجنوب، وفي كل منطقة تجد اختلافاً جيولوجياً مثل الجبل الأخضر الذي يبلغ ارتفاعه ثلاثة آلاف متر عن سطح البحر، ومناظره الخلابة. وهناك أيضاً جبل شمس حيث المنظر الطبيعي الجذاب، إضافة إلى رمال الصحراء الشرقية في بني وهيبة وسهل صلالة الذي يعد من أهم محطات الجذب السياحي في فصل الخريف، هذا إضافة إلى وجود المياه العذبة من خلال نظام الأفلاج التي تتميز بها السلطنة، مثل فلج دارس وفلج المالكي». وفي الإطار نفسه تحدث رئيس الجمعية الجيولوجية العمانية الدكتور محمود بن سيف المحروقي عن التراث الجيولوجي للسلطنة باعتباره أبرز الوجهات السياحية للسياحة الجيولوجية بالاشتراك مع الثقافة العمانية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ وكرم ضيافة الشعب العماني الأصيل، إضافة إلى جيولوجيا السطح والتكوينات الفريدة التي تتميز بها السلطنة والتي تعد فرصة ذهبية لتطوير صناعة سياحية جيولوجية بارزة. وقال إنه يمكن استغلال عدد كبير من الإكتشافات الصخرية والحفرية لقيمتها العلمية وعمل رحلات ترفيهية لها في الوقت نفسه، وهذا القطاع موجه بشكل محتمل تجاه مؤسسات تعليمية ومراكز أبحاث محلية وإقليمية ودولية. وأوضح أن بعض المواقع الجيولوجية القريبة من المدن والقرى تحتاج إلى إتخاذ إجراءات مباشرة وخطوات كافية من قبل السلطات لحمايتها وتطويرها كحدائق جيولوجية. ورأى المحروقي «أن السلطنة بحاجة إلى مواقع للسياحة الجيولوجية من خلال المسوحات وتحديد هذه المواقع. ونقترح إنشاء حدائق جيولوجية، كما إننا بحاجة إلى خطط تنموية ومراجعة للتشريعات القائمة وتحسين المنشآت والمطاعم». وأوضح البروفيسور صبحي ناصر في ورقته «السياحة الجيولوجية في جبال عُمان» أن السياحة الجيولوجية مرتبطة بالمواقع والمناطق الجيولوجية، وهي تعني إعادة ترميم السياحة، مشيراً إلى أن السياح الجيولوجيين هم الأخصائيون والطلبة والمؤرخون والفنانون، معتبراً أن «السياح بطبيعتهم مستهلكون ينفقون الكثير من المال وهؤلاء يعدون من السياح المهمين بالنسبة للسلطنة».