لا يزال علي الرويعي يتذكر «مرارة» الصوم بعيداً عن وطنه، عندما كان طالباً مبتعثاً في نيوزلندا ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، بعد أن أجبرته ظروف الدراسة على البقاء في نيوزلندا خلال شهر رمضان، فيما لجأ إلى وسيلة السفر في عطلة نهاية الأسبوع «للالتقاء بأبناء بلدي، خصوصاً أنني كنت أدرس في منطقة من النادر أن ترى فيها سعوديين يجتمعون مع بعضهم بسبب قلتهم». ويصف فترة دراسته في هذا الشهر ب«الكئيبة»، لكونه «بعيداً عن الأهل، إضافة إلى أن نظام الجامعة مختلف عن نظام الدراسة في المملكة الذي يراعي ظروف الصائمين»، موضحاً أن «الصعوبة لا تتمثل في الدراسة في الساعات الأولى من الصباح فحسب، بل تتمثل في ساعات النهار الطويلة، خصوصاً وأننا نعود من الجامعة ونبدأ في الطبخ لتناول طعام الإفطار، إضافة إلى أن عدد ساعات الصوم أكثر من المملكة بواقع 4 ساعات تقريباً، إذ كنا نكتفي بوجبة واحدة عن السحور والفطور، فيما نخصص الوقت الأكبر للمذاكرة ومحاولة قراءة القرآن الكريم وبعض الأدعية المأثورة لاستشعار الأجواء الرمضانية». وبيّن أن «عدداً من المبتعثين في نيوزلندا كانوا يمرون بذات الظروف التي كنت أمر بها، لكننا تغلبنا على ذلك من خلال إجازة نهاية الأسبوع عبر التجمعات الأسبوعية، وعمل الأطباق الرمضانية التقليدية مثل «الهريس والجريش والسمبوسك» وغيرها، إذ نجتمع سوياً في أحد المناطق القريبة ونتبادل الذكريات الرمضانية الجميلة، أو نشاهد برنامجاً رمضانياً على التلفزيون أو على «يوتيوب»، وفي أحيان كثيرة ننشغل بقراءة القرآن الكريم والأعمال اليومية لشهر رمضان، كل ذلك بهدف القضاء على أجواء الغربة والكآبة التي لازمتنا خلال هذا الشهر في المهجر». لكن الطالب عبدالله العلي والذي يدرس بذات البرنامج في الولاياتالمتحدة الأميركية، يرى خلاف ذلك، فهو يرى أن «التجمعات الشبابية والأندية الطلابية المنتشرة في معظم الولايات الأميركية أسهمت في تخفيف معاناة الطلاب بأجواء الغربة في هذا الشهر»، موضحاً أننا «اعتدنا بشكل يومي على الاجتماع في أحد المنازل بشكل دوري فنقوم بالطبخ بشكل جماعي، ونركز على الأطباق الخليجية التقليدية، كما نقوم بتخصيص وقت لمزاولة كرة القدم ومشاهدة المسلسلات الخليجية أو العربية». وعن قصر الوقت يقول: «نحاول أن نستغل هذه الأيام الجميلة في تعزيز علاقاتنا الاجتماعية، خصوصاً وأن الطلاب المجتمعين يختلفون في التوجهات الفكرية والدينية إلا أننا خلال هذا الشهر نستشعر بحاجتنا إلى بعضنا، ونهدم كل خلافاتنا في سبيل الشعور بالأجواء الإيمانية والرمضانية». فيما لفت عبدالعزيز العقيل الذي يدرس في إنكلترا إلى أن «هذا الشهر تحديداً يعلمنا الانضباط وإدارة الوقت، فالوقت هنا يكون قصيراً، لكننا نحاول الاستفادة من كل دقائق اليوم، ننام قليلاً، ندرس بصورة منتظمة، نحدد وقت للطبخ، وآخر للاجتماع مع الأحباب، وجزء مهم لقراءة القرآن الكريم»، ذلك أن أرض الغربة «علمتنا الاهتمام بالوقت لكن في شهر رمضان نكون أكثر حرصاً على ذلك، بل حتى الإنكليز يحترمون خصوصيتنا في هذا الشهر، ويتعاطفون معنا في أحيان كثيرة». ويتذكر أحد المواقف في أحد الفصول الدراسية في شهر رمضان المبارك، إذ «عرض علي أحد الطلاب قارورة ماء فامتنعت واعتذرت عن ذلك، وأخبرته أنني صائم، فاعتذر عن ذلك وبدأ يسألني عن هذا الصوم، وتفهم ذلك وأصبح مهتماً بعدها بكثير من الأمور الإسلامية». وبيّن أن «رمضان في لندن ربما يكون مختلفاً عن بقية دول الابتعاث، ربما لكثرة العرب هنا، ولكثرة المراكز الإسلامية التي تخلق أجواء رمضانية مشابهه نوعياً لما نستشعر به على أرض الوطن».