شهد التوتر في العلاقات الإيرانية - الأوروبية تصعيداً جديداً امس، اثر اعتقال طهران 8 ايرانيين يعملون في السفارة البريطانية في العاصمة الإيرانية، واتهامهم بالتورط في الاضطرابات التي تلت إعلان فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بالانتخابات الرئاسية. وأبدى الاتحاد الأوروبي تضامنه مع بريطانيا التي اعتبرت الاعتقالات نوعاً من «الترهيب» وهددت برد جماعي على هذه الممارسات، فيما جدد مرشد الجمهورية في ايران علي خامنئي ادانته ل «التدخلات والتصريحات السخيفة للمسؤولين الغربيين» حول التطورات الداخلية في بلاده. تزامن ذلك مع تأكيد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا رغبة الدول الكبرى في مواصلة المفاوضات مع طهران في شأن برنامجها النووي، بغض النظر عن التطورات الداخلية في ايران. وأعلن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني ان الاتحاد الأوروبي أعرب عن دعمه لبريطانيا اثر اعتقال ثمانية من الموظفين المحليين في سفارتها في طهران. وقال عقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في كورفو (اليونان): «توصلنا الى اتفاق يجدد التأكيد على تضامن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خصوصاً مع السلطات البريطانية في شأن الاعتقالات». في الوقت ذاته، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ان نظراءه الأوروبيين اتفقوا على أن يواجهوا أي «ترهيب» إيراني للديبلوماسيين الأوروبيين في طهران ب «رد جماعي قوي». وأشار ميليباند الى ان الوزراء دعوا بالإجماع الى الإفراج فوراً عن الموظفين الثمانية. وقال ان «مضايقة وترهيب الموظفين الديبلوماسيين التابعين للاتحاد الأوروبي (في طهران) ستواجه برد جماعي وقوي». في المقابل، ندد خامنئي بالتصريحات ال «سخيفة والتي تمثل تدخلاً» من جانب مسؤولين غربيين في اعقاب الانتخابات الرئاسية الإيرانية. ونقلت الإذاعة الإيرانية عن خامنئي قوله: «اذا كان هناك إجماع واتفاق في الأمة وبين المسؤولون (الإيرانيين) فلن يكون هناك اثر لإغراءات الحاقدين الدوليين والساسة المتدخلين الوحشيين». وأضاف خامنئي ان المسؤولين في الغرب «يتحدثون كما لو ان كل مشاكلهم حلت، ولم يتبق لهم سوى مشاكل إيران». وواصل رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني تأييده للمرشد لليوم الثاني على التوالي أمس. وأشار رفسنجاني الى «وجود فتنة معقدة تديرها أيدٍ مشبوهة هدفها النفاق والتأثير علي ثقة المواطنين بالنظام السياسي»، داعياً الإيرانيين الى الحذر لإفشال هذه «المؤامرة». وأعرب رفسنجاني عن أمله في ان يتمكن المعنيون بالانتخابات من تنفيذ توصيات المرشد بالاستفادة من المهلة القانونية للنظر بجدية في الطعون المقدمة بعدل وإنصاف، مشيراً الي «حجم الأعمال العدائية والتهم» التي وجهت الي رئيس الجهاز القضائي محمد حسين بهشتي قبل مقتله العام 1980 حين وصفه الإمام الخميني الراحل ب «الشهيد المظلوم». وكان رفسنجاني يتحدث امس امام عوائل ضحايا الانفجار الذي ادي الي مقتل عدد من رموز الحزب الجمهوري في 28 حزيران (يونيو) 1980. واتهم رفسنجاني «المنافقين» (مجاهدين خلق) و «اليسار الليبيرالي» و «تيار (ابو الحسن) بني صدر» (الرئيس الأول بعد الثورة) وكلها قوى تنشط في الخارج، بمحاولة فصل رموز الثورة عن المواطنين. في الوقت ذاته، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) علي لاريجاني في الجزائر أمس، إن «التدخل الغربي» هو سبب الاحتجاجات في إيران. وأكد لاريجاني في تصريح للصحافيين أن «الوضع بات مستقراً الآن في إيران»، مشيراً الى أن «أعمال الشغب لم يرتكبها الشعب وأن الاحتجاجات لن تستمر إلى ما لا نهاية». ورأى لاريجاني ان الحياة الديموقراطية في الجزائروإيران متشابهة وهي مندمجة مع الثقافة الإسلامية وهو «اتجاه قيم بالنسبة لكلا البلدين». وأضاف «إنه يتعين على الغرب أن يحترم هذه القواسم المشتركة بين البلدين وبين الدول الإسلامية في شكل عام». الى ذلك، انضم المرشح الإصلاحي للانتخابات الرئاسية الإيرانية مهدي كروبي الى المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي في رفض التعاون مع اللجنة التي اقترحت السلطة تشكيلها للنظر في الاعتراضات على إعادة انتخاب نجاد، وذلك انطلاقاً مع تحفظهما عن إشراف مجلس صيانة الدستور على عمل اللجنة، فيما يتوقع ان يصدر المجلس قراراً نهائياً اليوم، في شأن «سلامة الانتخابات» في ضوء مقاطعة المرشحين الإصلاحيين لعمل اللجنة. على صعيد آخر (أ ف ب)، أعلن نائب رئيس الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان كريم لاهيدجي في باريس أمس، ان «اكثر من الفي شخص» معتقلون في ايران وان مئات آخرين يعتبرون «في عداد المفقودين». وقال لاهيدجي الذي يرأس الرابطة الإيرانية للدفاع عن حقوق الإنسان التي تتخذ من باريس مقراً لها خلال تجمع في العاصمة الفرنسية: «بحسب معلوماتنا، فإن اكثر من ألفي شخص اعتقلوا وهم لا يزالون حالياً محتجزين». وزاد: «هناك ايضاً مئات الأشخاص يعتبرون في عداد المفقودين، ووصلتنا هذه المعلومات امس (السبت) من مصادر مستقلة في طهران». وأوضح لاهيدجي ان هذه المعلومات جمعت من متعاونين مع الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان في إيران وخصوصاً لدى عائلات الضحايا من معتقلين او مفقودين.