يمتلك المنتخبان السعودي والعماني حظوظاً متساوية وهما يلتقيان اليوم على ملعب الملك فهد الدولي في مباراة مفصلية في الطريق نحو التأهل إلى نهايات كأس العالم فهما يمران بحالة معنوية متشابهة إثر تحقيقهما أول فوز لهما في هذه التصفيات، وهو ما منحهما جرعة معنوية كانا في أمس الحاجة لها. ويلعب عامل الأرض والجمهور مع المنتخب السعودي الأول والذي قد يؤتي بثماره لو تم استغلاله بالطريقة المثلى من لاعبي «الأخضر» والذي لم ينجح في استثمارها بالشكل المأمول أخيراً، وأبرز الشواهد مواجهة استراليا في مدينة الدمام. الغيابات تربك عمان من المصاعب التي يواجهها مدرب المنتخب العماني بول لوغوين إيجاد بديلين يتمكنان من سد ثغرة غياب أحمد كانو «الموقوف»، وأحمد حديد «المصاب» خصوصاً خلال المرحلة «المفصلية» والقصيرة ما بين الفوز على استراليا وقبيل مواجهة السعودية، فغياب عنصرين بإمكانات وخبرة وتمرس كانو وحديد ليس بالأمر الهين على الإطلاق ولا شك أن مدرب المنتخب السعودي فرانك ريكارد في المقابل مطالب بالاستفادة القصوى من غياب كانو وحديد بالإيعاز للاعبي الوسط المتقدم محمد نور والفريدي للمناورة في هذه المنطقة واستغلالها بالصورة التي تضمن الوصول السهل لمنطقة الجزاء العمانية، وبالتالي إحراج الحارس العملاق علي الحبسي من مسافات قريبة، بالذات أن الكرات العرضية، أو التصويبات من مسافات كبيرة تجد التصدي والتفاعل الإيجابي من الحارس المتمكن. معركة «الوسط» سيضع المدربين فرانك ريكارد وبول لوغوين منطقة الوسط نصب عينيهما في هذه المباراة وسيسعى كل واحد منهما على السيطرة على منطقة المناورة. ومن المتوقع أن يقوم لوغوين بإجراء تغيير في طريقة وأسلوب لعب المنتخب العماني بسبب غياب أحمد كانو وشكوك مشاركة أحمد حديد خصوصاً أنه يمتلك خيارات بديلة متمكنة والتغيير الأبرز المتوقع هو الدفع بخمسة لاعبين في منطقة الوسط على حساب الهجوم، بمشاركة فوزي بشير في التشكيل الرئيس إضافة لأسماء شابه كما هو حال الحضري والكتكوت والعجمي وبالتالي ففي هذه الحال سيرمي بعماد الحوسني في خانة الهجوم وحيداً وهو الذي يجيد مشاغبة المدافعين وسيعول كثيراً على توغلات الحضري لتحقيق عنصر المفاجأة. في الجهة المقابلة، ينتظر أن يكون للاعبي الوسط السعودي كلمتهم خلال هذه المباراة، في ظل غياب لاعبيين من خط الوسط في العماني حتى في حال مشاركة حدد فإنه لن يكون في «فورمة» مثالية لمباراة حساسة وحاسمة كهذه المباراة. القضية الأبرز تكتيكاً على طاولة ريكارد هي تعديل «هفوات» مباراة تايلند وإحداث تغيير على أدوار لاعبي خط الوسط فهو يعتمد على سعود كريري وحيداً في مركز الوسط المتأخر، وعليه تقوية هذا المركز بالاعتماد على أحمد عطيف، ووضع نور في الوسط الأيمن، والدوسري في الوسط الأيسر، مع الاعتماد على الثنائي الهجومي نايف هزازي وناصر الشمراني (ياسر القحطاني)، فهذه الطريقة قد تحق «التوازن في الخطوط» للمنتخب السعودي وتمنحه التفوق في منطقة الوسط من خلال إجبار لاعبي عمان على البقاء في مناطقهم الدفاعية. وفي كل الحالات فإن منطقة الوسط ستشهد معركة تكتيكية وميدانية كبيرة بين المدربين واللاعبين وسيكون الوسط «السلاح» المؤثر على مجريات اللقاء ونتيجته. «المهارة» في مواجهة «السرعة» يتفوق لاعبو المنتخب السعودي على منافسيهم بالسيطرة على الكرة لوقت طويل وذلك من خلال إجادة التمرير القصير واللجوء للمهارة الفردية في الوقت المناسب، ولا شك أن الحلول الفردية ورقة رابحة ل«الأخضر» في ظل احتمالية الحصول على أخطاء قريبة على حدود منطقة الجزاء، وربما تصل لداخل منطقة الجزاء، فمحمد نور والفريدي والشلهوب (الدوسري)، إضافة لحسن معاذ وعبدالله الزروي لديهم مقدره فردية على المراوغة والتحرك من دون كرة بما يشكل القدرة على «تفكيك» أي تكتل دفاعي متوقع لمنتخب عمان. في المقابل فإن ميزة سرعة الانتشار وتناقل الكرة بتمريرات قصيرة ومباشرة تعتبر «السلاح الخطير» للمنتخب العماني، فسرعة عماد الحوسني مع فوزي بشير والحضري قد تحفزهم على استغلال أي تقدم لدفاعات المنتخب السعودي، ولا شك أن مدرب عمان يضع من ضمن «حساباته» اعتماد أسلوب الكرات المرتدة لاستغلال تفوق لاعبيه في السرعة والانتشار. باختصار، خطّا الوسط سيكون مفتاحاً للمباراة، وسيعتمد الأمر على القدرة التكتيكية لدى المدربين لاستغلال أدوات التفوق لديهما بالدرجة الأولى. خط حراسة مطمئن يمتلك الطرفان حارسان يبعثان الاطمئنان في قلوب لاعبي المنتخبين، فالثقة والتمركز والتفاعل مع هجمات المنافس صفات توجد في علي الحبسي ووليد عبدالله، وسيكونان أحد أضلاع التفوق في هذه المباراة، فمع حضورهم اللافت ستتعطل خطورة الكرات العرضية، وستتقلص فرص التهديف من مسافات بعيدة، حتى الكرات الثابتة القريبة من المرمى ستتقلص خطورتها، مع عدم إغفال براعتهم في التصدي لركلات الترجيح أيضاً، لذلك تظل كلمة وليد عبدالله وعلي الحبسي مؤثرة بشكل كبير على نتيجة المباراة. حضور البدلاء مع هذه المباريات «المفصلية» والمباريات التكتيكية، تحتم الظروف دوماً توافر عناصر على مقاعد البدلاء يمتلكون القدرة على إحداث الفارق أثناء مشاركتهم، شريطة أن يوفق المدرب في الزج بهم في الوقت والمكان المناسبين، وتبقى دكة «الأخضر» أوفر حظاً في ظل حضور أكثر من لاعب يمتلك الخبرة والمهارة والقدرة على ترك «بصمة ميدانية»، ولعل ذلك يمنح ريكارد فرصاً أوسع للزج بأوراقه الرابحة عند اللزوم بدلاً من الانتظار للدقائق الأخيرة من المباراة كما حدث في المباراة الماضية. وعلى رغم الوفرة والقدرة لدى مقاعد بدلاء المنتخب السعودي، فإن مدرب عمان يعول على الذكاء التكتيكي من خلال استغلال البدلاء في المكان والوقت المناسب والتي متى ما وفق فيها من خلال قيام اللاعب بأداء دور مثالي فإن إحداث الفرق سيكون وارداً. التنافس «الخليجي» تخشى الأجهزة الإدارية والفنية في مثل هذا النوع من المباراة تأثير الحساسية «الخليجية» على انضباطية الأداء لدى اللاعبين وعلى المباراة بشكل عام، فالمنتخبان بينهما تنافس كبير خليجياً، ما قد يؤدي في الغالب إلى تخلي أغلب اللاعبين عن أداء الواجبات التكتيكية المحددة لهم من المدربين، فيطغى الأداء الفردي على الجماعي في دقائق عديدة، وهو الأمر الذي قد يكلف أحد المنتخبين هز شباكه بما «يبعثر» المخططات والتطلعات الفنية.