منذ انطلاقة مشروع «بلانيت هانترز» Planet Hunters (وترجمته «الباحثون عن كواكب سيّارة») في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على شبكة الإنترنت، ساعد 40 ألف هاوٍ علماء فلك محترفين في تحليل الضوء المنبعث من 150 ألف نجمة. وجاءت انطلاقة هذا المشروع في إطار نشاطات علمية مخصصة للمواطنين الهواة. وتعاون الهواة مع المحترفين، بحافز من الأمل المشترك في اكتشاف كواكب شبيهة بالكرة الأرضية ربما كانت تجول في مدار هذه النجوم، على غرار دوران الأرض ومجموعة من الكواكب السيّارة حول الشمس، وهي نجم أيضاً. وفي سياق هذا المشروع، يعمد المستخدمون إلى تحليل بيانات علمية حقيقية جمعها مرصد «كبلر» خلال بحثه عن كواكب سيّارة خارج نظامنا الشمسي، أو ما يُعرف باسم «الكواكب السيّارة غير الشمسية» Non Solar Planets، منذ إرساله في بعثة استكشافية كونية على يد وكالة «ناسا» الأميركية، في آذار (مارس) 2009. وأخيراً، أعلن علماء فلك في «جامعة ييل» عن أول كوكبين محتملين خارج مجموعتنا الشمسية، جرى اكتشافهما على يد مستخدمي برنامج «بلانيت هانترز»، في دراسة جديدة نُشرت في صحيفة «الإشعارات الشهرية للجمعية الملكية الفلكية» Monthly Notices of Royal Astronomy Society (اختصاراً MNRAS «إم إن آر أي إس»). المنازل مراصد لفتت ديبرا فيشر عالمة الفلك والخبيرة في الكواكب السيّارة غير الشمسية، التي ساهمت في إطلاق مشروع «بلانيت هانترز»، إلى أنها المرة الأولى التي استخدم فيها الناس بيانات من مهمة تابعة لوكالة «ناسا» في الفضاء الخارجي، من أجل استكشاف كواكب سيّارة محتملة تدور حول نجوم. ويطوف كل من الكوكبين السيّارين المرشحين حول نجمته، في دورات تتفاوت زمنياً بين 10 و50 يوماً، أي أنها أقصر بكثير من الفترة التي تستغرقها الأرض لتجول حول الشمس، وهي 365 يوماً. ويفوق طول شعاعهما ما يراوح بين مرتين ونصف إلى ثماني مرات، نصف قطر الكرة الأرضية. وعلى رغم تلك الفوارق، فقد يكون أحد المرشحيْن كوكباً صخرياً شبيهاً بالأرض، وليس كوكباً غازياً ضخماً مثل المشتري، كما حصل في كثير من الاكتشافات عن كواكب سيّارة غير شمسية، التي توالت منذ عام 1997. ويؤخذ على الكوكبين السابقين أنهما لا يقعان ضمن ما يُعرف ب «المنطقة الصالحة للسكن» (يُشار إليها فلكياً بمصطلح «جدائل الذهب» Golden Girdles)، وهي منطقة معتدلة في المسافة التي تفصلها عن الشمس، ما يتيح إمكان أن تتوافر فيها مياه سائلة وشكل من أشكال الحياة، كما نعرفها. إضافة إلى ذلك، استعان فريق عمل «بلانيت هانترز» ضمن مشروع للتعاون بين علماء الفلك في «جامعة ييل» و «جامعة أكسفورد» و «بلانيتاريوم أدلر» في شيكاغو، ب «مرصد كيك» في جزيرة هاواي لتحليل النجوم التي يدور في مدارها كوكب أو أكثر. وأعربت فيشر عن اعتقادها بأن فرصة أن تكون هذه الكواكب السيّارة أمراً فعلياً، ربما فاقت ال95 في المئة. وتجدر الملاحظة أن فريق مرصد الفضاء «كبلر»، أعلن عن اكتشاف 1200 كوكب سيّار خارج النظام الشمسي، مُشيراً إلى عزمه على متابعة أكثرها قرباً لاحتمال وجود الماء والحياة عليه، عبر إجراء تحاليل إضافية عليها، إلا أنه تجاهل الكوكبيْن اللذين اكتشفهما مستخدمو «بلانيت هانترز»، مبيّناً أن أسباباً تقنية عدّة دفعته للاعتقاد بأنهما ليسا مرشحيْن واعدين. وفي هذا الصدد، أعلنت ميغ شوامب، الباحثة في «جامعة ييل» التي شاركت في تأسيس مشروع «بلانيت هانترز»، أن الكواكب السيّارة المرشحة لمزيد من التحاليل (يبلغ عددها 3)، كان سيتعذر اكتشافها على الأرجح من دون مشروع «بلانيت هانترز» وعلمائه الهواة. وأضافت: «لا يستبدل هذا المشروع التحاليل التي يجريها فريق «كبلر»، ولكنه برهن أنه أداة قيّمة في البحث عن كواكب سيّارة جديدة. لقد عُثِر على الكوكبين المرشحيْن خلال الشهر الأول من عمليات «بلانيت هانترز» من طريق استعمال بيانات وضعتها مهمة «كبلر» في متناولهم. وأرسل فريق عمل «بلانيت هانترز» أول عشرة كواكب اكتشفها العلماء الهواة إلى فريق «كبلر» الذي حلَّل البيانات محدِّداً أن اثنين من أصل الكواكب العشرة، طابقا معاييره لتصنيفهما في فئة الكواكب المرشحة. لقد حدَّد عشرات من مستخدمي «بلانيت هانترز» هذين الكوكبين السيّارين، نظراً إلى أن البيانات ذاتها تُحلَّل من أكثر من مستخدم». وأوضحت فيشر أن العلماء في فريق «كبلر» حصلوا على البيانات العلمية الأساسية، إلا أن الجمهور العام ساهم في تمويل المشروع من خلال مدفوعاته الضريبية، ومن الصائب أن هذه البيانات وُضعت في متناول الجميع.