دكار - أ ف ب - تشبه قصة الفنان السنغالي إبلايي نديايه الملقب ب «تيوسان»، حكاية خيالية يحلّ فيها منتج مكان الساحرة اللطيفة! فهذا المغني الموهوب الذي لم يكن يملك الوسائل المادية الكافية، أصدر في سن الخامسة والسبعين أسطوانة أولى، ناهلاً من بين مئات الأغاني التي كتبها خلال خمسة عقود. ويقول نديايه مبتسماً: «بدأت أشتهر الآن بفضل الله وابراهيما سيلا» مؤسس شركة «سيلارت بروداكشنز» للانتاج التي تتخذ من باريس مقراً لها. وبدأ المغني السبعيني النحيف صاحب الشعر الأبيض واللحية والنظارتين السوداوين، جولة إثر صدور ألبومه «تيوسان» (أي «العادات والتقليد» في لغة ولوف المحلية). ويضيف: «أنا سعيد جداً لانتاج هذا الألبوم بفضل سيلا، لأنني كنت منسياً كلياً في السنغال». ويؤكد المنتج: «كان في حوزة الرجل بعض الاشرطة وحوالى أربعين قطعة مسجلة بالوسائل المتاحة له ولم تبث أبداً. وصُعق سيلا عند معرفته بأن أسطورة بهذا الحجم، لم تكن أصدرت أي أسطوانة حتى ذلك الحين». ويعتبر نديايه «أسطورة» لأنه اشتهر بأغنية «تال لين لامب يي» (اضيئوا الانوار)، وهي نشيد أول مهرجان عالمي للفنون الزنجية الذي نظمه الرئيس السنغالي الشاعر ليبولود سيدار سنغور العام 1966. ويقول المغني «أصبحت هذه الأغنية رمزاً وكان جميع أبناء السنغال يسمعونها يومياً». وكانت للمغني حينها فرقة «أوركسترا توسيان كلوب» التي تشكلت بفضل لقاء بالصدفة العام 1962 في تييس، حيث تسجل في مدرسة تعلم الفنون الجميلة والمسرح. وسمعه مدير المدرسة يغني صدفة، فاتصل بمسؤول إذاعي أخبره عنه، فراح يبث أغانيه. ويقول المغني: «عندها رحت أشتهر في السنغال». وبعد هذا النجاح النسبي، سقط المغني مجدداً في النسيان. ويقول ندياييه المولود في الثالث من شباط (فبراير) 1936: «لإنتاج ألبوم كنت بحاجة الى المال ولم أكن أملكه». وهو أب لثماني بنات وصبي واحد وله أحفاد أيضاً. وينتمي المغني من جانب أمه الى أسرة حكواتيين ينقلون التقليد الشفهي. هذا الارث وشغفه بالافلام، يقفان وراء حبه للموسيقى ولا سيما فيلم «من دون خوف من دون شفقة» (1953) للبرازيلي ليما باريتو. ويقول المغني السنغالي: «أغاني هذا الفيلم جذبتني وشجعتني على أن أصبح مغنياً». وبفضل السينما اكتشف «العالم والتاريخ»، وتينو روسي، وهاري بيلافونت، وديوك إيلينغتون، وبي بي كينغ، ونات كينغ كول... وهؤلاء أثّروا في أسطوانته الاولى حيث صدح صوته الخفيض الجميل على أنغام تتلون بالسامبا والسالسا والايقاعات السنغالية. وصفق الحضور لتيوسان مطولاً في المعهد الفرنسي الشهر الماضي، خلال أول حفلة له في دكار منذ صدور ألبومه الجديد. ورافقه على المسرح عازف الغيتار الكونغولي أنطوان نيدولي الملقب بالاسطورة في مجال موسيقى الرومبا. وحقق تيوسان النجاح نفسه أخيراً خلال عروض قدمها في فرنسا. ويشير فلوران مازوليني الى أن «سجله خارق ولديه مئات الاغاني»، إلا أن الفنان وشركة سيلارت قررا في النهاية «اصدار حوالى عشرين أغنية. علماً أن ألبوماً آخر سيرى النور قريباً جداً». ويحافظ المغني على تواضعه ويعبر دائماً عن فرحة تكاد تكون طفولية: «انها بداية حياة جديدة بالنسبة إليّ. أنا سعيد جداً».