قبل ايام من اصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها الجديد عن إيران، تلوح إسرائيل تلويحاً قوياً بتوجيه ضربة عسكرية الى ايران لتدمير منشآتها النووية. ويجب حمل التهديد هذا على محمل الجد، في ظل ادارة أميركية ضعيفة في واشنطن. في المقابل، أعلن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أن عواقب وخيمة تترتب على مثل هذا الهجوم محذراً اسرائيل. ورفض لافروف التدخل العسكري في ايران. وكان أولى بأنقرة أن يصدر هذا الموقف عنها وليس عن موسكو لعدد من الاسباب السياسية. فتركيا وقفت منذ البداية الى جانب حق طهران في الحصول على التكنولوجيا النووية من أجل الاغراض السلمية. وهي رفضت الكلام عن زيادة العقوبات على طهران، وذهبت في دعم ايران الى حد التصدي للقوى الدولية في مجلس الامن. وكان حرياً بها ألا تلتزم الصمت وأن تكون أول من يرفض أي هجوم عسكري ضد طهران اليوم. وهذا موقف مبدئي. لكن هل ثمة ما تغير في هذه المرحلة؟ يفترض أن تدعم أنقرةطهران في هذه المرحلة لعدد من الاسباب: أولاً، التزام موقف مبدئي إزاء حق ايران في حيازة الطاقة النووية لأغراض سلمية والتمسك بسياسة تركيا السابقة في هذا المجال. ثانياً، انضمام تركيا الى مشروع درع حلف شمال الاطلسي الصاروخية وموافقتها على نشر محطة الرادار والإنذار المبكر الاطلسية على أرضها – وربما اجبرت أنقرت على القبول بهذه الخطوة. وهذه المحطة أججت شكوك طهران في نيات أنقرة، في وقت سعت هذه الى طمأنة طهران. واليوم الفرصة سانحة لطمأنة ايران إزاء الموقف التركي وإلا بدا صمت أنقرة إثر نشر الرادار الاطلسي وكأنه انعطاف كبير في سياستها ازاء ايران، ولانقلبت السياسة التركية رأساً على عقب من النقيض الى النقيض. وثالثاً، السيناريوات التي تروج في المنطقة عن حرب تركية - ايرانية بالوكالة بسبب الربيع العربي. فالنظام الايراني يدعم النظام الدموي الديكتاتوري في سورية. وفي وسع أنقرة مفاتحة طهران بالأمر. وأغلب الظن أن تلقى آذاناً صاغية في طهران أكثر مما إذا حاولت اقناعها من طريق الضغط على الاسد والتضييق على نظامه. وتركيا مدعوة الى التمسك بموقفها المبدئي ورفض ضرب ايران. لكن وقوفنا الى جانب حق ايران في مشروعها النووي السلمي لا يعني أن نؤيد السياسات الايرانية كلها. وثمة حاجة الى تجديد نذور الصداقة بين الجارتين تركيا وإيران، خصوصاً في هذا الظرف. فالصداقة هذه تجنب المنطقة سيناريوات قاتمة كثيرة يحيكها لنا الآخرون ويريدون أن تنفذها تركيا وتنساق وراءها مغمضة العينين. * صحافي، عن «يني شفق» التركية، 8/11/2011، إعداد يوسف الشريف