بعد عودة الحجاج من مزدلفة، لم يبقَ ما يمكن أن يسبب الازدحام والتدافع سوى الجمرات، ومع أن التطور الجديد الحاصل في الجسر المؤدي لها جعل الانزعاج حولها يختفي تقريباً، فإن نوعاً جديداً من التزاحم والتدافع بدأ يبعث القلق في محيط قطار المشاعر وعند بوابات دخول امتطائه، مع أن جميع الحملات تم منحها من الجهات المنظمة للحج توقيتاً خاصاً لعملية تفويج، لكل حملة للاتجاه بحجاجها إلى قطار المشاعر. لكن ذلك كله، ومع اليوم الأول من أيام التشريق، يكاد يصبح حبراً على ورق، خصوصاً في مشوار الذهاب إلى موقع الرمي، إذ تتقدم منذ الساعات الأولى من الصباح مجموعات هائلة من الحشود، لتحيط إحاطة السوار بالمعصم بمحطتي منى (1 و2)، محاولين الولوج بالقوّة، وتظهر في ذلك مشاهد غير مطمئنة من التدافع الشديد الذي يحصل بين حجاج متسربين من حملاتهم، وغير منضبطين بمواعيد التفويج فيها، ويحدث بينهم تنافس مبني على عبارة «من الذي وصل أولاً»، ما يضطر عناصر القطار بمساعدة رجال الأمن إلى إغلاق جميع بوابات المحطة، وعدم السماح بالدخول إليها تحت أي ظرف من الظروف، الأمر الذي يفاقم التزاحم على البوابات الموزعة على السياج، ويحول دون عبور أي مركبة في الطريق المتجه إلى محطة الجمرات (منى 3). وحين تأتي التعليمات بجاهزية القطار لحمل دفعة من ضيوف الرحمن إلى الجمرات، يبدأ حراس المنافذ بفتح الأبواب الخاصة بالدخول، فيندفع حجاج من مختلف جهات منى، ممن يحملون الأسورة المصرح لها بالعبور من طريق القطار، وممن لا يحملونه، ويقومون بدفع رجال الأمن وموظفي المحطة، ليصلوا إلى منطقة انطلاق القطار بقوّة الجموع المحتشدة التي لا يستطيع أحد الوقوف في وجهها. ولا يقتصر التدافع عند أسيجة المحطة الخارجية، بل بمجرد وصول المحطة، يهجم على بوابات القطار أكبر عدد ممكن، وعند الدخول يبدأ بعضهم في دفع البعض الآخر، ويهجم من الخارج عليهم حجاج يحملونهم إلى الداخل قسراً، ويتضاغط جميع الحجاج في القطار حتى لا يعود فيه موضع شبر واحد، ثم تأتي دفعة أخرى محاولة الزج بالحجاج الواقفين بجوار بوابات القطار إلى الداخل وضغطهم بقدر الإمكان ليدخل أكبر عدد ممكن، فتنكتم الأنفاس، ويتحرك القطار متجهاً إلى الجمرات. وفي الجهة المقابلة لا يحصل الضغط نفسه على القطار في طريق العودة، بسبب أن مساحة الجمرات ومجهود الحركة فيها يخفف من عنف الحجاج العائدين منها، فيصلون في مجموعات متفرقة إلى قطار العودة، الذي يكون جاهزاً لإعادة من يصل في أسرع وقت، قبل أن يحصل في مشوار العودة تجمع وتدافع مشابه لما جرى في مشوار الذهاب. من جهته، قال المدير العام لمشروع قطار المشاعر المقدسة المهندس فهد أبوطربوش ل «الحياة»: «إن التزاحم «يفترض أن يكون في العودة أكثر منه في الذهاب، لأن الذهاب ينقل الحجاج من مزدلفة (3) ومنى (1) ومنى (2)، إلى منى (3) إلى حيث الجمرات، وفي العودة ننقل من محطة واحدة هي منى (3) إلى جميع المحطات المذكورة، لكن الذي جعل التزاحم يزداد اليوم في مشوار الذهاب وخصوصاً في محطة منى (1) هو نتيجة لتزاحم حجاج يرغبون في استخدام القطار من دون امتطاء القطار من دون أسورة مصرح لهم بها، «مسؤوليتنا أن نمنع تسرب من لا يحق له ركوب القطار، ما يؤدي إلى ما شوهد من تزاحم وتدافع، وإلا فالقطارات تتحرك بصورة دائرية والعدد هو نفسه».