منذ 30 عاماً، والأجيال تتوارث مشاهد «منظار المشاعر، وتتناقلها من يد إلى يد، ويتغير الصغار، ويكبرون، ويرث من بعدهم أطفالهم وصغارهم الصور نفسها، فيما الزمان والمكان يتبدّلان، لتكتسب هذه الصور التي لا يستطيع أي طفل أو كبير أن يرجع إليها إلا من خلال «منظار المشاعر» قيمة أثريّة، وذكريات تربط الأجيال بعضها ببعض. بضغطة واحدة على جانب «المنظار» تطالع صوراً متناهية من الزمن الغابر، وتتابع بعينيك وكأنك تنظر من نافذة مشرفة على الأيام المنصرمة، رحلة العمر قبل أكثر من ربع قرن من الزمان. ترى الطائرة وهي تهبط في مطار جدة القديم، قبل أن تمعن عينيك النظر إلى لقطة حاج يسافر بعينيه إلى باطن الحجر الأسود الشريف، ثم الكعبة الشريفة قبل توسعة المطاف وإخراج بئر زمزم منه، فمقام إبراهيم في عهد الملك فيصل، وصولاً إلى خراطيم المياه المتدفقة من بئر زمزم إلى صحن الحرم المكي، ثم حركة الحجاج في المسعى القديم، انتهاء بمنظر طبيعي جميل أخّاذ يرمز إلى الرحمة والغفران. الأطفال يتميزون بأنهم لا يفقدون طعم المناظر القديمة بتكرار رؤيتها، بل يحرصون على اقتنائها، ويرحلون بأذهانهم إلى تخيّل تلك الأيام التي يحكي لهم عنها آباؤهم، والكبار لا يفتأون من حين إلى آخر يعودون إلى هذه الصور لعلهم يتذكرون شيئاً مما تبخّرَ من الذكريات العزيزة على الفؤاد. أما المقبلون من الخارج من زوار البيت الحرام وضيوف الرحمن، فهم يحرصون أشد الحرص على اقتناء «المنظار» المألوف بألوانه المختلفة وإهدائه إلى أطفالهم حين يعودون، وحتى إلى الكبار والمسنين، الذين يتبركون بأي منظر من مناظر البيت الحرام، وينتابهم الشوق إلى ملامسة أي شيء مقبل من البقاع المباركة له صورة في «المنظار».