معتمرون وزوار يوثقون «رحلة الإيمان» وينقلون مشاعرهم «مباشرة» إلى أسرهم! كلما أطل موسم الحج وغدا.. وبدأت مواسم العمرة تقترب..نلحظ مشاعر آلاف الحجاج والمعتمرين وهم يقفون بشوارع مكةالمكرمة وطرقاتها محملين بآمال كانت عالقة بأذهانهم عقوداً مضت، وأحلام تمنوا تحقيقها كلما بزغت شمس فجر يوم جديد.. وقبل أن تدق ساعة الرحلة للتوجه صوب الأراضي المقدسة نسمع عن تسابقهم صوب الأسواق برفقة أسرهم بحثاً عن جهاز هاتف جوال يحمل من المميزات مايجعلهم واثقين فيه..لا للحديث عبره مع أسرهم للاطمئنان عن صحتهم وحالهم، بل لتوثيق رحلتهم التي ظلوا منتظرين موعدها عقوداً عبر صور يحفظها هذا الجهاز..فالرحلة بالنسبة لهم سواءً كانت رحلة حج أو عمرة بحاجة إلى توثيق لايرتبط بمستند كجواز سفر أو تذكرة طائرة يقدمه الحاج أو المعتمر لأبنائه أو أحفاده بعد عودته؛ فهو بحاجة إلى صورة تنقل واقع حال عاشه داخل وبجوار المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف وعلى بطحاء عرفات وجبال مزدلفة ومخيمات منى، إضافة إلى مواقع الآثار الإسلامية بمكةالمكرمة والمدينة المنورة. وان كان هناك من يرى صعوبة حمل حاج تجاوز سنه الستين كاميرا بعدسات متعددة وفلاش لابد من ضبطه لتظهر الصورة جميلة وصافية؛ فإن التقنية الحديثة قضت على هذه الصعوبة عبر الهواتف المحمولة "الجوال" وتمكنت من نقل صوت الحاج والمعتمر الذي تعيش أسرته في أقصى شمال الكرة الأرضية أو أقصى جنوبها؛ وفضلاً عن ذلك فبمقدورها حفظ مئات الصور عبر حافظة صغيرة الحجم تحمل ذكريات كبيرة عن رحلة الحج أوالعمرة. هكذا غدت الرحلة للبقاع الطاهرة للكثير من الحجاج والمعتمرين موثقة بذكريات تحفظ داخل ألبومات خاصة تقيها رطوبة الجو وتسابق الزمن لتنتقل عبر الأجيال رحلة أب وجد مضى جسده وبقيت ذكرياته. مشاهد جميلة! وقبل أن نقف أمام مشاهد نراها وأخرى نسمعها عن الحجاج والمعتمرين وجوالاتهم بمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة "عرفات، مزدلفة، منى" نسترق قليلاً من الكلمات التي عادة ما نسمعها تردد سواء داخل الحرم المكي الشريف أو خارجه؛ فهناك من يقول لدي صورة وأنا اشرب ماء زمزم بالحرم المكي الشريف، وآخر يقول التقطت صورة وأنا أصلي بالحرم المكي الشريف، وثالث نسمعه قائلاً احتفظت بأول صورة لي وأنا داخل للمسجد الحرام. وان هناك كلمات قليلة الأحرف لكنها في المقابل كثيرة المعاني لدى هؤلاء الحجاج والمعتمرين الذين يعتبرون أن الصورة داخل هاتفهم المحمول أغلى ثمناً مما يملكون في بلادهم من عقارات سكنية أو تجارية أو حتى أرصدة بنكية. وهذا ما أكده لنا أحد رؤساء مجموعات الخدمة الميدانية بإحدى مؤسسات الطوافة إذ روى قائلاً "فوجئت يوماً بحاجة تجاوز سنها الستين يسيل الدمع من عينيها وتصرخ بألم وحرقة فاعتقدت للوهلة الأولى أن هناك حدثاً خطيراً قد أصابها؛ لكنها في الواقع وبعد الحديث معها أوضحت أنها فقدت هاتفها الجوال وقد أكدت لها أن ضياع هاتف جوال ليس بهذه الدرجة من الخطورة وسأمنحها مبلغا مالياً لشراء غيره؛ لكنها ردت قائلة: إن كان المال يحضر هاتفاً جديداً فمن الصعب عليه أن يحضر صوراً لذكريات أيام ومواقف عشتها بالأراضي المقدسة؛ فالجهاز يحوي على صور التقطتها وزوجي بمكةالمكرمة والمدينة المنورة؛ لحظتها أدركت أن صور البقاع الطاهرة عبر الهاتف الجوال أغلى من المال لدى هؤلاء الحجاج والمعتمرين".. ترى كم من قصة مماثلة يعيشها المعتمرون والحجاج عبر هواتفهم المحمولة.. تحفظ صورهم الصغيرة في حجمها.. الكبيرة في ذكرياتها حين تحكي أياماً جميلة قضوها بالبقاع الطاهرة؟ وهذا يعني أن الهواتف الجوالة لها دور كبير في تنشيط الذهن الإيماني لدى المسلم؛ وواحدة من الوسائل التقنية الحديثة التي لعبت دوراً هاماً وحيوياً في تسليط الضوء على خدمات الحج والعمرة؛ فغدا المعتمرون والحجاج يتنافسون للوصول إلى المسجد الحرام والتجول في أروقته والخشوع الإيماني، والتوجه نحو جبلي ثور والنور، والصعود إلى جبل الرحمة ومنه إلى مزدلفة والوقوف تحت جسر الجمرات ناقلين صوراً لا تروي ذكرياتهم فحسب؛ لكنها تنقل وتبرز جهود الدولة في خدمة المعتمرين والحجاج. وهذا ما يؤكد على أن للهواتف الجوالة دوراً بارزاً في حفظ الذكريات ونقل الحضارات وبناء العلاقات؛ خاصة حينما تكون شبكات الاتصالات صافية متواصلة دون انقطاع أو فشل فهي لاتنقل صوت حاج لأسرته، بل بإمكانها أن تبعث صورته قبل عودته لموطنه. ومن يشر من قريب أو بعيد إلى أن الهواتف الجوالة تحمل فيروساً مزعجاً للإنسان أثناء تواجده في الأماكن الطاهرة، فإننا نقول إن زيارة واحدة صوب الحرم المكي الشريف أو المسجد النبوي الشريف والجلوس قرب الغرباء من المعتمرين والحجاج والاستماع إلى أحاديثهم وهم يتجاذبون الكلمات وينظرون لصور بعضهم البعض داخل الهواتف الجوالة تؤكد على أن هذه الهواتف غدت بئراً يروي عطش المشتاقين للبقاع الطاهرة، وصندوقا يحفظ رحلة عمر يحلم بها الكثيرون. إقبال كبير من المعتمرين على التقاط الصور بهواتفهم الجوالة