تترقب الساحة السياسية في مصر بعد عطلة عيد الأضحى تفجر قضايا سياسية خلافية ليس آخرها الانتخابات البرلمانية المقرر بدء مرحلتها الأولى في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، إذ دخل الجدل في شأن وثيقة «المبادئ الحاكمة للدستور» التي اقترحها نائب رئيس الوزراء الدكتور علي السلمي، على خط المواجهات السياسية الساخنة. وبدا أن الإسلاميين الذين يصرون على رفض هذه الوثيقة، مع قوى أخرى، مستعدون لإبداء مرونة في ما يتعلق بالحوار في شأنها، لكنه حوار مشروط بحذف بنود منها يرونها مرفوضة من حيث المبدأ. وفي وقت يستعد نائب رئيس الوزراء لإطلاق جولة ثانية من الحوار في شأن وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور، دعا «التحالف الديموقراطي من أجل مصر» الذي يقوده حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، القوى السياسية الرافضة للوثيقة إلى اجتماع اقترح أن يعقد بعد غد لتنسيق موقف موحد منها. وأصر «الحرية والعدالة» الذي يقود جبهة رافضي الوثيقة على رفض الحوار في شأن أي مبادئ حاكمة للدستور، معتبراً أن «وثيقة الأزهر» التي أطلقها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وأقرتها غالبية القوى السياسية من شأنها «إنهاء فتنة وثيقة السلمي»، فيما أبدت شخصيات قريبة من دوائر صنع القرار في الحزب استعداد «التحالف الديموقراطي» للحوار في شأن الوثيقة بشرط حذف بعض بنودها. وقال الأمين العام ل «الحرية والعدالة» الدكتور سعد الكتاتني ل «الحياة»: «ما زلنا عند مبدأنا، وهو أن موضوع المبادئ الحاكمة للدستور قطعنا فيه شوطاً كبيراً وانتهى الأمر بالاتفاق على وثيقة الأزهر ووثيقة التحالف الديموقراطي واعتبارهما وثيقتين استرشاديتين، وبالتالي لا داعي لتبني وثائق أخرى». وأضاف: «تحاورنا في السابق مع السلمي وهو أخذ من وثيقتي الأزهر والتحالف وأعد وثيقة ثالثة وضع فيها في حينه بندين اعترضنا عليهما ووعد بحذفهما على أن تكون الوثيقة استرشادية، لكن في توقيت غريب تم إطلاق الوثيقة مرة أخرى ببنود لم تكن فيها مثل المادة 9 التي تمنح الجيش صلاحيات مطلقة وكذلك معايير اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور». وأشار الكتاتني إلى أن حزبه «لا يقاطع الحوار من أجل المقاطعة، لكن نتساءل لماذا إثارة هذا الموضوع الآن، ونحن نستعد للانتخابات؟... ليس لدينا وقت لإضاعته في الحديث عن أمور سبق أن اتفقنا عليها». وأوضح أن حزبه «يوافق على غالبية بنود الوثيقة التي طرحها السلمي، لكن هناك بعض الصياغات التي تحتاج إلى تعديل، ونرفض المادة 9 المتعلقة بصلاحيات الجيش وبندين حول معايير اختيار اللجنة التأسيسية، ومع ذلك لا نجد مبرراً لحضور اجتماعات السلمي». وشدد على «ضرورة طي هذا الموضوع، والعودة إلى الوثائق المتفق عليها، وعلى رأسها وثيقة الأزهر التي من شأنها إنهاء الفتنة حول هذه الأمر والحيلولة دون شق الصف الوطني». وذكر بأن «وثيقة الأزهر أقرتها غالبية القوى السياسية من مختلف الأطياف، واتفقنا على اعتبارها وثيقة استرشادية لوضع الدستور، وانتهى الجدل، فلماذا نعود لإثارة الأمر مرة أخرى». لكن رئيس لجنة المتابعة في «التحالف الديموقراطي» الدكتور وحيد عبدالمجيد أكد ل «الحياة» أن «قادة التحالف بمن فيهم الإخوان لا يعارضون الحوار، لكن شريطة أن يكون حواراً جدياً». وقال إن «الحوار ضروري وندعو إليه، لكن ما حصل في الاجتماع الأول بين السلمي والقوى السياسية لم يكن حواراً، وإن كان هناك حوار جدي فلا مانع من المشاركة فيه». وأوضح أن «التحالف لا مشكلة لديه إلا في بعض الصياغات وبند أو اثنين في وثيقة السلمي فضلاً عن معايير اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور ودور الجيش في تشكيل هذه اللجنة». وأوضح أن «غالبية القوى الرافضة للوثيقة تقول إن وثيقة الأزهر تكفي، ولا داعي لكل هذا العبث، غير أن الحوار ممكن وضروري ومرغوب فيه إذا كان حواراً جدياً». من جهة أخرى، دعا رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم المصريين المغتربين إلى التسجيل في قاعدة بيانات الناخبين المغتربين من خلال الموقع الإلكتروني للجنة على شبكة الإنترنت، وكذلك في القنصليات والسفارات المصرية في الدول التي يقيمون بها وفقاً للضوابط التي يصدر بها قرار من وزير الخارجية، على أن يكون ميعاد التسجيل للقيد اعتباراً من الخميس المقبل وحتى 19 تشرين الثاني الجاري. وتقرر السماح للمصريين في الخارج بالتصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة تحت إشراف السلك الديبلوماسي لتعذر إرسال قضاة للخارج لمراقبة عملية التصويت. في غضون ذلك، نظم عشرات الناشطين أمس مسيرة تحت شعار «لا للمحاكمات العسكرية» انطلقت من ميدان طلعت حرب القريب من ميدان التحرير إلى دار القضاء العالي، تنديداً بالمحاكمات العسكرية للمدنيين وللمطالبة بالإفراج الفوري عن الناشط السياسي علاء عبدالفتاح.