على رغم التحولات الكثيرة التي طرأت على قناة «أبو ظبي» شكلاً ومضموناً طيلة السنوات الماضية الا أن احد الثوابت البارزة في كل محطات التغيير الجذرية هذه كانت الإعلامية الجزائرية فضيلة سويسي التي ظلت مواكبة للقناة كأحد ابرز وجوهها عبر تمكنها من فرض نفسها كمقدمة نشرات وبرامج إخبارية وسياسية عبر برنامجي «المدار» و «بانوراما». وهي تطل الآن على المشاهدين في برنامج «مثير للجدل» الذي يحاول الغوص في القضايا الجدلية الشائكة من دون الوقوع في فخ الدوران في فلك قضايا السياسة وحدها، وهو يبدو متسقاً مع شخصيتها الإعلامية وملامحها الكاريزمية المركبة التي تجمع الصرامة والسلاسة بما يؤهلها لإدارة دفة النقاش والحوار بإتقان واتزان. عن انطباعاتها حول «مثير للجدل» كأول برنامج خاص بها تقول فضيلة سويسي في لقاء مع «الحياة»: «صحيح «مثير للجدل» أول برنامج خاص بي أقدمه على قناة «أبو ظبي الأولى»، فحين عرض علي برنامج «بانوراما» قبل 3 سنوات أديت عملي بحرفية قدر ما استطعت مع أنه لم يكن برنامجي في الأساس، وأنجزت المهمة المطلوبة مني وقدمت قرابة 100 حلقة على مدى عامين إلى أن جاءت فكرة برنامج «مثير للجدل» الذي رُشحت لتقديمه بعد 8 سنوات من الكد والعمل المضني والتدرج، إذ لم أحاول أبداً حرق المراحل كما يفعل بعضهم بل تأنيت إلى أن جاءت الفرصة. وعموماً عملي كمذيعة أخبار في الأساس أهلني لأكون مستعدة للجديد دائماً. فالعمل في غرفة الأخبار يجعلك في تحدٍ دائم ويفرض عليك اليقظة والمتابعة الدائمتين مع الاستعداد لأي خبر طارئ أو تغطية عاجلة. وهنا تبرز قدرة المذيع في إدارة الحوار واستنباط الأسئلة وارتجالها في مثل هذه المواقف. وصدقني هذا هو الاختبار الحقيقي لأي مذيع وليس ذاك الذي يطرح أسئلة معدة له سلفاً. وكم من مذيع أو مذيعة سقط في هذا الاختبار». ولكن، هل «مثير للجدل» اسم على مسمى؟ تجيب: «فكرة البرنامج قائمة على التعاطي مع قضايا مثيرة للجدل من السياسة إلى الاجتماع إلى الثقافة. ويهمنا كقناة أن نبرز هذه القضايا بموضوعية وحياد وأن نتحدث عنها بعمق ونطرحها في قالب جريء، ولكن ليس بطريقة فجة. فنحن نعطي مساحة لمختلف الآراء قدر استطاعتنا. وما دمنا كفريق عمل نتبع هذه القواعد المهنية فلا يعود للرقابة دور على ما أعتقد. ودعني أوضح هنا أن حرية الإعلام في الإمارات وتحديدا في أبو ظبي نجحت في إعطاء وجه مشرق وواعد لهذا البلد الطموح الذي يستحق ذلك لإدراكه أهمية الإعلام الذي لا يقل شأناً عن السياسة والاقتصاد». فأين وجدت فضيلة سويسي نفسها أكثر كمذيعة أخبار أو مقدمة برامج؟ ترد: «لا يمكن الفصل بين الاثنين بالنسبة إلى كونهما عملين متكاملين. ومذيع الأخبار اليوم لا يكتفي بقراءة الأخبار فقط بل هناك مساحة للحوار بعد كل خبر تقريباً أو أثناء أي تغطية عاجلة. وهذا ما كان يحدث معي في برنامج «المدار» التحليلي الذي وفر لي الإلمام بأدوات وقواعد الحوار الحقيقية حيث عملت فيه لسنوات تحت إشراف نخبة من رؤساء التحرير انتقلوا الآن للعمل في «الجزيرة» و «بي بي سي» و «الحرة». وأعطي مثالاً في الغرب عن مذيعي برنامج «ستون دقيقة» الأميركي الشهير الذي يزيد عمره على 40 سنة فمعظمهم يعملون في الميدان كمراسلين ويزاولون تقديم البرنامج تباعاً». وحول المشهد الإعلامي العربي تقول سويسي: «برأيي المتواضع إعلامنا العربي يحتاج إلى إطلاق العنان لحرية الإبداع التي لا يمكن أن تتحقق إلا بعد أن يتحرر العقل من كل القيود الاجتماعية والاعتبارات المكبلة الأخرى. صحيح تبقى الاعتبارات الأخلاقية خطاً أحمر، ولكن من الضروري أن يزول الخوف تماماً من قلم الصحافي ومن عقل المحاور والقائمين على الإعلام. فالعالم أصبح صغيراً جداً فلا ينفع أن نغطي الشمس بالغربال كما يقول المثل الفرنسي. فكل المعلومات أصبحت متاحة عبر الإنترنت ومحاولة إخفائها لا تزيد الجمهور إلا رغبة في الإطلاع عليها بطرق ملتوية على قاعدة كل مرغوب ممنوع. ذلك ان ثلاثة أشياء لا يمكن إخفائها لفترة طويلة الشمس والقمر والحقيقة». وعن كيفية تعاملها مع المنافسة بمعناها السلبي والغيرة ربما في الوسط الإعلامي والحكمة التي تحبذها في حياتها وعملها تقول فضيلة سويسي: «وقتي مكرس لعملي، وهذا أفضل رد على أي ظواهر سلبية من هذا القبيل. فأنا مؤمنة بأن العمل الجيد كالزيت يطفو على الدوام. وبالنسبة الى الحكمة التي أرددها دوماً فهي: سأل الممكن المستحيل أين تقيم فأجاب في أحلام العاجز».