حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات - الإثم الكنعاني يصل إلى سورية
نشر في الحياة يوم 05 - 11 - 2011


الاثنين 31/10/2011: استعادة المنظر
هذه الأشجار التي تنمو ببطء، نغذيها بالماء والظل ولمعة البحر القريب.
وكم نرغب في استعادة ما كان قبل أن يقطع حطابو الميليشيات الأشجار العالية لينصبوا مدافعهم.
كانت التلال زينة فصارت منصة الخطر، وتقزمت المدينة التي نشرف عليها الى لسان ناشف قرب بحر مالح.
ننتظر الأشجار البديلة، نحفظها في ما تبقى لنا من عمر، متلمسين المصائر مثل حلم هارب، مثل مستقبل محاط بالشك.
وحدها الأشجار التي تنمو سبب بقائنا على التلة، نطلّ على البحر ونحنو على مدينة الصيادين.
الثلثاء 1/11/2011: الإثم الكنعاني
سورية حبيبة العرب المجهولة واقعة في الهيولى أو في اللانظام، وما من دولة مجاورة تستطيع منع تفككها أو احتضان الفتات. فتركيا، المرشحة لذلك، فقدت أوراقها بسرعة، وبدا رجب طيب أردوغان أقل ذكاء مما ظننا حين انفضحت رغباته بسرعة: الاستيلاء على القرار السوري كما تستولي ايران على القرار العراقي. انه يجهل مثلما تجهل القيادة الإيرانية ان القبض على مشكلات بلد مجاور كالقبض على الجمر، يحرق الأصابع أو أكثر.
السوريون الأكثر خوفاً على بلدهم ومن بعدهم اللبنانيون، بل يبدو خوف اللبناني أكثر «توثيقاً» لأنه خبر الآليات الواضحة والغامضة للاقتتال حين ترتبط بدول وهيئات بعيدة أو قريبة.
نقرأ الخوف في تحفظ كثيرين من المفكرين ومبدعي الأدب والفن في سورية عن إبداء رأي واضح في ما يجري، أما الذين صرحوا أو كتبوا فقد حصروا أنفسهم في المنحى الإنساني (الحريات وحقوق الإنسان وإدانة القمع) وابتعدوا عن المنحى السياسي، فقط لأنه لا يزال مجهولاً فيصعب إبداء الرأي فيه.
تدخل سورية في مرحلة اللانظام، فلا كلام حكامها يقنع ولا كلام المعارضة، الطرفان يحشدان الأنصار ويحرضان لتعزيز الحشد. أما السياسة فغائبة، علماً أن سورية هي مهد الفكر السياسي القومي العربي منذ عصر النهضة، واستطاع مفكروها التأثير في نخب حاكمة أو معارضة في لبنان والعراق والأردن، وحتى في مصر الناصرية من طريق حوار المختلفين.
الأصدقاء السوريون الذين غادروا بلدهم في فصل الربيع، كالعادة، ليطلعوا على جديد الفكر والفن في أوروبا، طالت إقامتهم هناك. وحين نتهاتف في المساءات تصلني أحوالهم في نبرة الصوت وقماشته. لن أوزع اليأس ولكن، كم من أصدقاء لبنانيين توزعوا في أربع جهات العالم ينتظرون العودة، حتى إذا عادوا بعد عقدين من السنين أو أكثر لم يجدوا الوطن الذي تركوه، فسكنوا في مكان الحيرة بين وطن ومهجر. إنه «الإثم الكنعاني» الذي ذكره انطون سعادة، حين كان ضائعاً بين تانغو أميركا اللاتينية ودبكة لبنان وأهازيج سورية. «الإثم» يشعر به أهل بلادنا فيما هم مدفوعون في قطار الهجرات الطويل.
الأربعاء 2/11/2011: «طلل الوقت»
«طلل الوقت» أحدث دواوين أحمد عبدالمعطي حجازي. شاعر أراده مبدعو قصيدة النثر في مصر خصماً، بل عدواً، حين تمسك بإيقاع الشعر الحر ولم يعترف بهم وبشعرهم. لم يتركوا له حرية الاختيار وربما لم يترك لهم هذه الحرية أيضاً. بدا الصراع بين حجازي والشعراء الشباب شبيهاً بالصراع بين جيله وعباس محمود العقاد، ويذكر تاريخ الأدب في مصر ان العقاد الذي كان يرأس لجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، أحال قصائد الشعر الحرّ التي وصلت اليه على لجنة النثر، من باب الاختصاص.
لا يمانع حجازي من تشبيهه بالعقاد باعتبار الأخير قامة عالية في الثقافة المصرية، لكن التشبيه ليس دقيقاً هنا، وحجازي ليس عدواً للشعراء لأنه شاعر بالدرجة الأولى، فلا عداء بين عطاء وعطاء، خصوصاً إذا لم يكن للمعطي مقابل سوى تجديد الوجدان الإنساني.
أحرص على قراءة الشعر القليل لأحمد عبدالمعطي حجازي، فالندرة صنو المسؤولية، وقصائده تشبه الوداع. أليست القصيدة كلمة أخيرة على قمة جبل والسامعون يملأون الأفق.
من قصيدة «طلل الوقت» هذا المقطع:
«طلل الوقت، والطيور عليه
وقعٌ.
شجر ليس في المكان،
وجوه غريقة في المرايا
وأسيرات يستغثن بنا
شجر راحل، ووقتٌ شظايا.
هل حملنا يومَ الخروج سوى الوقت
نُماشي سرابهُ بسرابِ؟
ونضاهي غيابهُ بغيابِ؟
هل تبعنا غير الهنيهاتِ نستاف شذاها
ما بين تيهِ وتيهِ؟
مقطف الوردة التي لا نراها
نلقط الذكرى كِسْرةً بعد أخرى
ونُسوّي فسيفساءً الوجوه!».
الخميس 3/11/2011: الملح المصري
مصر ملح العرب يستعينون بها للبرء من الفساد، فماذا يحل بهم إذا فسد هذا الملح؟
هذا الكلام ليس لمصلحة النادمين على انهيار نظام حسني مبارك وتقطع جذوره العسكرية الممتدة الى انقلاب 23 تموز (يوليو) 1952، انه موجه الى المثقفين المصريين وأقرانهم العرب الذين يتابعون الوضع في مصر ويريدون وصوله الى استقرار مقرون بالحرية والديموقراطية، وبالإبداع طبعاً.
الكتابة الأدبية عن ثورة 25 يناير لم تبدأ بعد. هناك يوميات تطبع في كتب، وآراء تدافع عن الشباب، عماد الثورة، في وجه قوى سياسية منظمة، اسلاموية وغير اسلاموية، تفتح فم التنين لالتهام الثورة.
الصديق ابراهيم أصلان واثق من انتصار الثورة على المعوقات، ويرى استحالة في عودة الأمور الى ما كانت عليه قبل 25 يناير، وإن بعناوين جديدة تخفي القديم خلف أبواب مغلقة. أما الصديق عبده جبير فيخشى «مقايضة بين الأطراف السياسية يكون الإبداع ضحيتها».
كان المبدعون بعيدين عن الدوائر القريبة لنظام حسني مبارك، وإن ظهروا في الصورة الرسمية أثناء افتتاح معرض الكتاب الذي يحضره الرئيس، أو في نشاطات متقدمة لوزارة الثقافة في عهد فاروق حسني المديد. المبدعون هؤلاء قدموا إنجازات ناتجة عن قناعاتهم ورؤيتهم لنهضة مصر المستمرة، وربما ساعدهم انصراف رأس النظام الى حوارييه من رجال الأعمال الفاسدين والمفسدين الذين يشاركونه الآن الزنزانة وموقع المتهم في المحكمة.
بعد 25 يناير، وفي سياق استكمال الثورة، يمكن الالتفات الى موقعين للفكر والأدب والإبداع الفني:
- الأول موقع الشباب الذي يعبر عنه المثقفون المتقدمون في فكرهم ونهجهم الإبداعي، ويهتز عطاء هؤلاء طالما بقي موقع الشباب مهتزاً.
- الثاني موقع الإسلاميين السياسيين من «إخوان» وغيرهم. هؤلاء لا يكتفون بمناهضة حرية الثقافة والإبداع إنما يصلون الى تحريمها وتكفير من يوقعونها كتباً وأفلاماً ومسرحيات وأعمالاً موسيقية. ويقدم هؤلاء بديلهم الجاهز المسمى «الأدب الإسلامي» وهو كناية عن نصوص ركيكة على رغم ادعائها التمسك بالفصحى وبقيم أخلاقية عمومية لا جديد فيها، تصلح ربما مادة للتعليم في المدارس الابتدائية.
عملياً ليس لهؤلاء ما يقولونه في مجال الأدب والفن سوى الرفض والتكفير، وهم يعتبرون الفكر والوجدان مكتفيين لا يحتاجان الى اضافات وتجارب حية، ولا يدرون بل لا يريدون الدراية بأن حرية العقل والوجدان والتعبير عنها كانا سبب نجاح الحضارة العربية الإسلامية واستمرار وهجها الى أيامنا الحاضرة.
الجمعة 4/11/2011: عاملة التنظيفات
أول المطر في بيروت، لمعة الشوارع والأبنية حين ينفرج الغيم عن شمس حنون، نشكو زحمة السير حُفر الطريق، لكننا إذ نأوي الى ثياب الشتاء نشعر اننا في حنان المسكنين، المدينة والمعطف الصوف.
أول خبر رأيته على شاشة الكومبيوتر بعدما علقت المعطف والمظلة كان خبر عاملة التنظيفات الألمانية التي أزالت الزنجار عن مغطس من المطاط موضوع تحت ألواح من الخشب في متحف دورتموند في المانيا. لم تدرك أن المغطس والأخشاب يكوّنان عملاً فنياً حديثاً عنوانه «عندما تبدأ قطرات الماء بالسقوط من السقف» وقيمة بوليصة التأمين على سلامة العمل هي 800 ألف يورو.
تسببت العاملة الألمانية بالأذى من حيث أرادت نظافة المتحف. هل الفن الحديث تشويه متعمد؟ هذا السؤال لم تعلنه حين علمت بخطأها الفادح.
الحرية مطلوبة للتجريب الفني لئلا نقع في كلاسيكية جديدة تمنع التطور، ولكن، للناس أعذارهم حين يرون في بعض الفن الحديث صدمة للمنظر العام، صدمة تشويه مقصودة، لكنهم لا يحبذونها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.