اختتمت الدورة الثامنة من مهرجان مصر السنوي نشاطاتها الفنية في مونتريال بعرض أول لمسرحية «القاهرة في مئة عام» أو «ثوراتنا المصرية» لمؤلفها لينين الرملي. وهي تؤرخ لمحطات بارزة من تاريخ مصر الحديث، بدءاً من العام 1911 وفترة الاستعمار البريطاني، مروراً بالعهد الملكي، وانتهاء بولادة الجمهورية والرؤساء الذين تعاقبوا عليها، من محمد نجيب وجمال عبد الناصر، إلى أنور السادات وحسني مبارك حتى تنحيه إثر ثورة 25 يناير2011. المسرحية رحلة فنية تاريخية، لا تتناول «ثورات» مصر بقدر ما تتحدث عن حكّامها وما خلّفوه من انتصارات وانكسارات، وعن أمزجتهم وطبائعهم وتصرفاتهم وانفعالاتهم، لا سيما في اللحظات المصيرية الحرجة. تلك الخصال النفسية والشخصية، على اختلاف مكوناتها وتناقضاتها، تقولبت في عمل مسرحي نقدي ساخر وفريد من نوعه. فهو يمزج فنياً وتقنياً تسجيلات الفيديو والتمثيل والغناء والرقص والموسيقى والكوميديا والتراجيديا معاً. أما الأداء المسرحي، فتعاقَبَ عليه المونولوجيست ماجد القلعي -مقلّد الزعماء المصريين-، وياسر بدوي، يواكبهما شريف نور بألحانه الثائرة، وفرقة رضا للفنون الشعبية باستعراضاتها وأزيائها المستوحاة من وحي المناسبة التاريخية مكاناً وزماناً. أما المسرح الذي كان سياسياً بامتياز، فتوالى عليه الحكّام المصريون الواحد تلو الآخر. وسلّط الضوء على ضعفهم وقوتهم، وتندّر الممثلون بأبرز المواقف التي مرّ بها هؤلاء الحكّام بتهكم فني لافت. هكذا كان ظهور الملك فاروق بشخصيته المنغمسة في الملذات والعبث، والمنشغلة عن قضايا الوطن بما يحاك في القصر من دسائس ومكائد، إضافة إلى استخفافها بالحركات الشعبية والسياسية التي أنهت العصر الملكي في مصر. وفي العهد الجمهوري، لم يكن المشهد الفني أقل وطأة، لا سيما على جمال عبد الناصر الذي نال في إنجازاته الوطنية والقومية ونكساته الحربية والسياسية، أقصى درجة من التهكم المسرحي اللاذع، أداء وغناء ورقصاً وتمثيلاً، مقارنة بخليفتيه أنور السادات وحسني مبارك. يشار إلى أن مهرجان مصر نظمته جمعية الصداقة الكندية-المصرية، بالتعاون مع وزارة الثقافة والمكتب الثقافي التابع لقنصلية مصر العامة في مونتريال. وعرضت فيه على مدى أسبوعين أفلام مصرية، إضافة إلى سلسلة من النشاطات والسهرات الغنائية والموسيقية والفولكلورية، ومعارض فوتوغرافية حول «ميدان التحرير»، وأخرى لوثائق تاريخية تتعلق بحضارة بلاد النيل.