شاء الرحمن أن يختار الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى جواره. طيب الله ثراه وخيّم عليه برحمته وغفر له ذنوبه، وأسكنه فسيح جناته. إنه سلطان الخير أحد أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله، نعم سلطان الخير، اللقب الذي بصم على جبينه لأنه سار على خطى نبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبدالله، بأفعاله وكرمه وعطاءاته ومحبته. بابتسامته، وبشاشته، ووجهه الطيب الصادق، العاكس لما في داخل نفسه وروحه، التزم سلطان بما أمر الله سبحانه وتعالى في آياته الكريمة السابقة. كان أباً حنوناً عطوفاً على الأيتام، يهدي الضال ويعطي كل محتاج. لم يقهر أحداً، ولم ينهر أحداً، وحدّث بنعمة ربه فأعطى ولم يبخل على الفقير ولا على محتاج، وقف بجانب المرضى والمعوقين. رزقه الله، وهو يرزق من يشاء من عباده، فحدَّث وكان خير من حدث بنعمته. تربى وترعرع على يدي أبيه الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وعلى أيدي خيرة رجال العلم والفقه والقضاء، فكان خير تلميذ؛ أخذ من صدقهم، ومن أخلاقهم الحميدة، ومشى على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعندما يتوارث الأبناء نبل الطباع وقمم الفضيلة فلا تأتي منهم إلا محاسن الأشياء وسمو النفوس وطهارة القلوب وصدق المواقف. أمضى حياته في خدمة دينه وعلمه ووطنه وشعبه. جاهد في سبيل حماية مملكتنا من الغزاة وأصحاب النفوس الخسيسة التي أرادت زرع الفتنة والإخلال باستقرار وطننا الغالي. وقف وقفة الرجال أمام أصحاب النفوس الضعيفة، وأبقى كلمة الله شامخة أمام التحديات التي مررنا بها وما زلنا نمر بها. أثبت جدارته حين تسلّم قيادة الدفاع عن المملكة، فقدم الكثير لتطوير برنامجه من تدريبات للرجال المنسوبين للوزارة. سلح بأحدث ما توصل إليه العالم من أسلحة الدفاع والهجوم، كان لا يتوانى في السؤال عن الكبير أو الصغير ولا يبخل أبداً على أفراد جيش مملكتنا المشهود ببسالتهم في الذود عن الدين والعلم والوطن وولاة الأمور. هذا هو سلطان الخير. كان محبوباً لدى شعبه وشعوب العالم. القلم يدوّن الحقيقة ولا نستطيع أن نختذل منها شيئاً. حتى العَلم ذرف دمعه على غياب سلطان لأنه عاش في كنفه شامخاً في العلا، نتضرع إلى الله الواحد الأحد أن يظل مرفرفاً خفاقاً في سماء أمتنا. إن دموع إخوانه وأبنائه الذين رأيناهم يحملون نعشه كانت معبرة ومؤثرة، وتنم عن محبة عارمة ووفاء عظيم من إخوة وأبناء عظماء تربوا على الأخلاق الحميدة والفضائل التي تجري في عروقهم. كيف نصف أخاه ملك مملكتنا الكبير عبدالله أبا متعب، أطال الله في عمره، الذي أبى على نفسه إلا أن يستقبل جثمان أخيه سلطان - رحمه الله - في المطار، وأن يصلي عليه في المسجد على رغم تحذيرات الأطباء ونصائحهم له بأن يلازم الفراش. وماذا عن أخيه سلمان حفظه الله، الذي حمله على كتفه بعد أن لازمه طوال فترة علاجه في الخارج. وأخيه نايف الذي كان أول المتقدمين في استقبال الجثمان وحمل النعش عل كتفه. ندعو الله أن يحفظهم جميعاً ويلبسهم ثوب العافية والصحة. أكرم بهؤلاء الإخوه في ترابطهم وتآلفهم وفكرهم الموحد. يا خالد بن سلطان الخير... ستبقى على عهد والدك المغفور له بإذن الله تعالى ومسيرته لتبقى سيرته العظيمة على الدوام. نردد مع الشاعر: شمس المعارف راقد تحت الثرى وثناؤه قد فاح منه عطور هو من بني آل سعود أجل سلالة هم أنجم في رياضنا وبدور حفظك الله يا أبا متعب خادم الحرمين الشريفين وألبسك ثوب العافية وأدام عزك وعز علمنا. ونقول: علوت لمجد فوق ما أنت أصله وفزت بإقبال لك العز حامله لك السعد ما هذا العلو لمبتغ سواك وما في الدهر شهم يحاوله. [email protected]