تشهد سوق الدراما المصرية ارتباكاً غير مسبوق في ظل عدم وضوح الرؤية الإنتاجية والتسويقية لغالبية المسلسلات التي أعلن عن تدشينها لتعرض خلال العام المقبل، وتحديداً في شهر رمضان، بعدما تفاءل كثر عقب ثورة «25 يناير» بفرص ومواسم عرض على مدار العام وليس في رمضان فقط. وعلى رغم الإعلان عن تعاقد فنانين على تقديم مسلسلات جديدة، إلا أن الأمور تبقى «مكانك راوح»، ويظهر أطراف العناصر الفنية من مؤلفين ونجوم ومنتجين ومخرجين كما لو كانوا يلعبون لعبة «الكراسي الموسيقية»؛ تنتقل النصوص المعلن عنها من نجم إلى آخر، ومن جهة إنتاجية إلى أخرى. وهكذا استقر يحيى الفخراني الذي غاب عن رمضان الماضي للمرة الأولى منذ نحو 30 عاماً، على مسلسل جديد عنوانه «الخواجة عبدالقادر» من تأليف عبدالرحيم كمال الذي قدَّم معه من قبل «شيخ العرب همام»، مع العلم أن الفخراني كان مقرراً أن يقدم واحداً من مسلسلي «محمد علي» من تأليف زوجته لميس جابر، و «بواقي صالح» للمؤلف ناصر عبدالرحمن. وفاجأ نور الشريف الجميع باعتذاره عن عدم تقديم مسلسله «بين الشوطين» أمام معالي زايد وإخراج عمر عبدالعزيز، والذي كان تأجل من سباق رمضان الماضي بسبب تداعيات الثورة، ليعلن تعاقده على بطولة مسلسل جديد عنوانه «عرفة البحر» لا يزال مؤلفه محمد الصفتي يعكف على كتابته. وهو ما فعله محمود عبدالعزيز الغائب عن التلفزيون منذ ثمانية أعوام حين قدَّم مسلسل «محمود المصري»، إذ بعدما أبدى موافقته على بطولة مسلسل عنوانه «الملك»، اعتذر منذ نحو شهر قبل بدء التحضير للتصوير، وأعلن نيته تقديم مسلسل آخر عنوانه «باب الخلق» كدعم لنجله محمد الذي يساهم من خلال شركته في إنتاج المسلسل مع آخرين. وتكرر الأمر ذاته مع يسرا التي سحبت مسلسلها «شربات لوز» من تأليف تامر حبيب وإخراج خالد مرعي من الشركة التي كانت تنوي تقديمه معها لرمضان الماضي، لتقدمه مع شركة إنتاج أخرى على رغم أن النص لم تكتمل كتابته إلى الآن لانشغال مؤلفه بأعمال أخرى من بينها مشروع مسلسل يجمع للمرة الأولى بين الزوجين أحمد حلمي ومنى زكي. ودخل المسلسل الذي كان مقرراً أن يعود به محمود حميدة إلى التلفزيون بعد غياب «النيل الطيب» من تأليف وإخراج أحمد خضر في نفق مظلم، لعدم وضوح الرؤية لدى منتجه، خصوصاً أن المنتجين يحرصون حالياً على ضمان تسويق المسلسل الذي ينوون إنتاجه من خلال شركات الدعاية والإعلان قبل البدء في تنفيذه. وبعدما انتقلت غادة عبدالرازق إلى البطولة المطلقة في العامين الماضيين في مسلسلي «زهرة وأزواجها الخمسة» و «سمارة» من إخراج محمد النقلي وتأليف مصطفى محرم الذي كان يفصّل الأعمال على قياسها، على حد قوله، قرر هذا العام التعاون مع هيفاء وهبي في تجربتها التلفزيونية الأولى من خلال مسلسل «مولد وصاحبه غايب»، وهو ما أوقع غادة في مأزق، لم تخرج منه إلا بعثورها على فكرة مسلسل لدى المؤلف أيمن سلامة عنوانها «مع سبق الإصرار». وعلى رغم استكمال عادل إمام تصوير مسلسله «فرقة ناجي عطاالله» وإلهام شاهين «قضية معالي الوزيرة» ووفاء عامر «تحية كاريوكا» إلا أنهم يواجهون مشكلة تكمن في ارتفاع التكلفة الإنتاجية لهذه الأعمال، مقارنة بتدني الأسعار المعروضة من القنوات الفضائية لعرضها على شاشاتها. وفي موازاة مشاكل أعمال الكبار تواجه مسلسلات الشباب التي أعلن عنها المصير ذاته، إذ لم تتضح الرؤية بخصوص المسلسل الجديد الذي ينوي محمد هنيدي تقديمه بعدما لعب بطولة «مسيو رمضان أبو العلمين» في رمضان الماضي. وعلى رغم موافقة كريم عبدالعزيز على العودة إلى التلفزيون بعد غياب 13 عاماً منذ شارك في «امرأة من زمن الحب» أمام سميرة أحمد، من خلال مسلسل عنوانه «الهروب» من تأليف بلال فضل الذي كان انشغل بكتابة مسلسل آخر عنوانه «أهل اسكندرية» لهشام سليم وجومانة مراد، إلا أن ظهور العمل مرهون بتقديم كريم أفلاماً سينمائية في الموسم الحالي. أما أحمد السقا الذي أعلن نيته تقديم مسلسل عنوانه «خطوط حمر» (من تأليف أحمد أبو زيد)، يعود به بعد غياب منذ شارك في بطولة مسلسل «رد قلبي» عام 1998، فلا يزال بحسب كثر متردداً في الإقدام على هذه الخطوة، خصوصاً أن السقا يركز نشاطه على السينما ويخشى الاتجاه إلى التلفزيون، ويدللون على كلامهم باعتذاره المفاجئ أخيراً عن بطولة مسلسل «كرم الجن» على رغم موافقته السابقة عليه. كما لم تتضح الرؤية بالنسبة لمسلسل أحمد عز «الرحلة» الذي يتناول قصة حياة الراحل أشرف مروان، إذ أكد مؤلف العمل حازم الحديدي أنه ينتظر موافقة جهاز الاستخبارات للبدء في الكتابة. ويبدو أن الدراما المصرية لن تتخلص بسهولة من أمراضها التي باتت مزمنة نتيجة ارتباطها الوثيق بالنجم الأوحد والبطولات الفردية، على رغم أن العلاج بسيط، ويكمن في نجومية النصوص والبطولات الجماعية.