طوفان من الحزن يجتاح قلوب السعوديين هذه الأيام، تراه في وجوم الكهول وغصة العجائز، في دموع النساء وضيق الرجال، في وجوه الصغار البريئة تجد ملامح الحزن وتعرف أثر الفقد في كل مدينة وشارع وبيت، سلطان بن عبدالعزيز أحد البناة العظام للدولة السعودية الحديثة التي نتفيأ ظلالها اليوم، رجلٌ بأمة من الرجال بقدر ما عظمت مسؤوليته في كل هولٍ تمر به البلاد بقدر ما تواضعت نفسه وأشرع قلبه للجميع، كان أخاً كريماً اشتهر بجزيل العطاء ووالداً رؤوفاً امتدت صنائع معروفه لتشمل القاصي والداني، ما إن تحتاج إلى الإسعاف حتى يصلك الإسعاف أينما كنت على أرض الوطن الشاسعة، تنقل أو ينقل مريضك على طائرات الإخلاء الطبي ليستقر في أرقى المستشفيات، ويتلقى أفضل العناية والعلاج، ما إن تصيبك الفاقة أو يحل بك حكم القدر حتى تسرع إليك المساعدات والمعونات فتنسيك الألم وتخفف عنك المصاب، أب وقائد وعضيد ملوك عظام افتقده الوطن هذا الأسبوع وبكته أعين أهله السعوديين بحرقة ولهجت له قلوبهم بالدعاء، يصلح بين المتخاصمين فيفك الرقاب ويسعى في حاجات المحتاجين ويعين على نوائب الدهر، مسؤول جعل الله السلطة في يده وألبسه رداء الجاه فتواضع حتى رفع مكانته في قلوب الناس، شارك جنوده الأفراح والأتراح فترك طيب المقام وسافر ليهنئهم في الأعياد، وليقف معهم في الملمات حتى ألفوا حضوره وأحبوا عذب ابتسامته رحمه الله، التزم ميراث العدل من أسلافه الصالحين فاحترم حق الضعيف قبل القوي والبعيد قبل القريب وانتصر للمظلوم من الظالم حتى أمن في كنفه الغرباء والضعفاء، كم من المبرات وكم من المنافع وكم الجمعيات الخيرية وكم من مراكز العون أقامها واعتنى بها ليس في الوطن فحسب، بل أينما حلّت الفاقة وانتشرت المجاعة وحيثما دعت الحاجة كان أول الموجودين، نعم إنه حزن ثقيل يلف الوطن لرحيل سلطان الخير وهكذا نحن في المملكة أسرة واحدة متآلفة، فرحنا واحد وحزننا واحد، تُعمل قيادتنا في شعبها العدل والإنصاف وتوليه صادق المودة فيبادلها حباً بحب وولاءً بولاء، نعيش بما أفاء الله علينا من فيض نعمه ونتقاسم الرغيف أحراراً إن شحت بنا الحال متحدين تحت رايتنا الخالدة ملتفين حول مليكنا وقيادتنا، لا يضرنا ولا يخلف رأينا من خالفنا من الناس. [email protected]