عندما ننتقد المنتخب السعودي، أو نتحدث عن ضعف المنظومة الرياضية السعودية وهزالة بعض مخرجاتها، نستشعر بشيء من الغضب الممزوج بالعتاب الشديد، مع كثير من عدم التقبل والارتياح من بعض مسؤولي الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وبعض مسؤولي الاتحادات واللجان الرياضية المختلفة. والتصريحات الأخيرة التي شاهدناها وقرأناها أو سمعناها من بعضهم تدل على فترة «الخريف» التي تمر بها العلاقة بين القائمين على الرياضة السعودية أخيراً مع الإعلام الرياضي السعودي. فأوصاف «الحاقدين» و«المعطلين» و«أعداء النجاح» بدأت تطلق من بعض مسؤولي الرياضة السعودية أخيراً على الإعلاميين والكتّاب الرياضيين المهتمين بشأن الرياضة السعودية، الذين بذلوا أجزاء من حياتهم المهنية في خدمة الرياضة والشباب السعودي. ولا أنكر أن بعض الكتّاب والمحللين والصحافيين الرياضيين خرجوا عن «المهنية» و«الروح الرياضية»، وبالغوا قليلاً أو كثيراً في النقد و«جلد الذات»، ولكن لا يمنع أبداً أنهم يظلون محبين لرياضة بلادهم، وأن أخطاءهم تظل بسبب حماستهم الزائدة، ورغبتهم العارمة في رؤية رياضة بلادهم تزدهر وتتقدم، خصوصاً أن الرياضة في بلاد ناشئة بدأت تحقق نجاحات أكبر من الرياضة السعودية، التي سادت آسيا والعالم العربي والخليج، ثم تراجعت تراجعاً أقل ما يقال عنه إنه «سقوط مخيف» يدل دلالة واضحة على حاجة المنظومة الرياضة لغربلة شاملة من الجذور وحتى الأطراف. فالمنتخب السعودي الذي تسيّد آسيا لعقود خرج من كأس آسيا الأخيرة ب«خفي حنين» من دون نقاط ومن الدور الأول، بعد أن كان ركناً ثابتاً في المباراة النهائية لعقود، ولم يحصل على أية بطولة منذ أكثر من سبع سنوات. أما منتخبات الشباب والناشئين والأندية السعودية، فهي ليست ببعيدة عن المنتخب السعودي الأول، إذ لم تحقق نتائج تذكر منذ سنوات. وبعيداً عن كرة القدم لم تحقق المنتخبات السعودية في الرياضات الأخرى أي إنجاز يذكر، لا في الألعاب الجماعية ولا في الألعاب الفردية ولا في ألعاب القوى التي كنا نجيدها وتميزنا بها لسنوات. وفي معمعة الحديث عن المنتخب السعودي الأول الذي جاءت نتائجه مخيبة للآمال في تصفيات كأس العالم، وقعت «الطامة» الرياضية الكبرى في دورة الألعاب الأولمبية الخليجية التي أقيمت أخيراً، وجاءت المنتخبات السعودية في المركز الأخير بعد عمان وقطر والإمارات والكويت وحتى البحرين التي كانت تمر بظروف خاصة. والأدهى والأمر الهزيمة أمام منتخب قطر، التي تلقيناها على «الزيرو» من دون أن نلعب بعد أن نسي إداري المنتخب السعودي أن يجهز ملابس الفريق، ولم يضع عليها الأرقام الصحيحة. وقد كان مشهد إداريي منتخب السلة وهم يضعون الأرقام باللاصق الطبي على ملابس اللاعبين السعوديين التي رفضها حكم المباراة مضحكاً مبكياً ومعبراً عن خلل عميق في منظومة الرياضة السعودية، التي لن ينفع معها اتهام الصحافيين والكتّاب الرياضيين بالحقد والكراهية وتعطيل المسيرة وعدم الولاء، ولن ينفع معها توقيفهم والنيل منهم، بل لا بد من العمل المتواصل، ولا شيء غير العمل وحده. [email protected]