دمشق، موسكو - «الحياة»، أ ف ب - حذر الرئيس السوري بشار الأسد من أن أي تدخل غربي ضد دمشق سيؤدي إلى «زلزال» من شأنه أن «يحرق المنطقة بأسرها»، كما ناشد الرئيس السوري روسيا مواصلة دعم النظام في دمشق «في ذلك المنعطف التاريخي» بحسب تعبيره. وجاءت تصريحات الأسد في مقابلتين صحافيتين مع صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية والقناة الأولى في التلفزيون الروسي، حيث دافع الرئيس السوري عن القرارات التي اتخذها حتى الآن قائلاً إن «وتيرة الإصلاح ليست بطيئة»، غير انه اعترف إن قوات الأمن ارتكبت أخطاء في التصدي للمتظاهرين. وجاءت تصريحات الأسد متزامنة مع اجتماع بين سورية والجامعة العربية في الدوحة لبحث سبل حل الأزمة في الإطار العربي وسط مخاوف من أن مرور الوقت من دون حلها قد يؤدي إلى تدويلها. وقال الأسد في مقابلته مع صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية أمس إن «سورية اليوم هي مركز المنطقة. إنها الفالق الذي إذا لعبتم به تتسببون بزلزال... هل تريدون رؤية أفغانستان أخرى أو العشرات من أفغانستان؟». وأضاف أن «أي مشكلة في سورية ستحرق المنطقة بأسرها. إذا كان المشروع هو تقسيم سورية فهذا يعني تقسيم المنطقة برمتها». وأقر الأسد بأن قواته الأمنية ارتكبت «أخطاء كثيرة» في بداية الحركة الاحتجاجية ضد نظامه، مشدداً بالمقابل على أنها لا تستهدف اليوم إلا «الإرهابيين». وقال «لدينا عدد ضئيل جداً من رجال الشرطة، وحده الجيش مدرب للتصدي لتنظيم القاعدة». وأضاف «إذا أرسلتم جيشكم إلى الشوارع فإن الأمر عينه قد يحدث. الآن، نحن نقاتل الإرهابيين فقط. لهذا السبب خفت المعارك كثيراً». وأكد الرئيس السوري انه يدرك أن القوى الغربية «سوف تكثف الضغوط حتماً» على نظامه، ولكنه شدد على أن «سورية مختلفة كل الاختلاف عن مصر وتونس واليمن. التاريخ مختلف، والواقع السياسي مختلف». وشدد الرئيس السوري على أن رده على الربيع العربي كان مختلفاً عن ردود فعل القادة العرب الآخرين الذين أطاحتهم في النهاية حركات الاحتجاج الشعبية. وقال «نحن لم نسلك مسلك حكومة عنيدة»، موضحاً انه «بعد ستة أيام (من اندلاع الحركة الاحتجاجية) بدأت بالإصلاح. الناس كانوا متشككين بأن الإصلاحات ما هي ألا مهدئ للشعب، ولكن عندما بدأنا الإعلان عن الإصلاحات، بدأت المشاكل تتناقص، وهنا بدأ التحول، هنا بدأ الناس يدعمون الحكومة». وشدد الأسد على أن «وتيرة الإصلاح ليست بطيئة. الرؤية يجب أن تكون ناضجة. يتطلب الأمر 15 ثانية فقط لتوقيع قانون ولكن إذا لم يكن مناسباً لمجتمعك سيؤدي إلى انقسام. هذا مجتمع معقد جداً». وأكد الرئيس السوري أن ما تشهده سورية اليوم هو «صراع بين الإسلاميين والقوميين العرب (العلمانيين)»، مضيفاً «نحن نقاتل الإخوان المسلمين منذ خمسينات القرن الماضي وما زلنا نقاتلهم». وفي مقابلة أخرى مع التلفزيون الروسي قال الرئيس السوري إنه يتوقع من موسكو مواصلة دعمها دمشق مع تعرض نظامه لإدانات متزايدة لحملته على المعارضة، مؤكداً أن «الدور الروسي شديد الأهمية». وأضاف «منذ الأيام الأولى للأزمة أبقينا الاتصال بشكل دائم مع الحكومة الروسية، ونحن نطلع أصدقاءنا الروس بالتفصيل على مستجدات الأوضاع». وتابع «أولاً وقبل كل شيء نعتمد على روسيا كبلد تربطنا به صلات وثيقة في هذا المنعطف التاريخي». وجاءت تصريحات الأسد بعد اقل من شهر من قول الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف للزعيم السوري للمرة الأولى أن عليه إما أن يقبل بإصلاحات سياسية أو ينحني للمطالبات بتنحيه. غير أن روسيا تواصل دعم سورية في مجلس الأمن وقد حالت في الماضي دون صدور قرارات تدعو لعقوبات اشد على الحليف التقليدي لموسكو.