استدعى الغموض الذي أحاط قضية خطف السوريين الثلاثة اول من امس في محلة بئر حسن، وعودتهم ليلاً واكتفاؤهم بالإفادة امام قوى الامن الداخلي بأنهم تعرضوا للسرقة من دون ان يخوضوا بأي تفاصيل اخرى، مواقف مستنكرة من المعارضة، ما يبقي ملف خطف السوريين في لبنان مفتوحاً، في وقت ذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية، أنه «جرى نقل ثلاثة جرحى سوريين من منطقة القصير (على الحدود الشماليةالشرقية للبنان مع سورية) إلى عدد من مستشفيات عكار، بعدما أُدخلوا عبر معابر غير شرعية على الحدود، إصابة احدهم خطرة ووضعه الصحي حرج». وفي المواقف من خطف السوريين، أكد وزير العدل شكيب قرطباوي في حديث إلى إذاعة «صوت المدى»، أن «الخطف غير مقبول، وهذه قضايا أمنية غير مقبولة والمفروض على القوى الأمنية حماية كل المواطنين»، مشدداً على أن «هذه مواضيع يجب أن تبقى ضمن القضاء والأجهزة الأمنية، من دون تسييسها». وقال قرطباوي إنه «بقدر ما يكون الجو السياسي هادئاً وبعيداً من التدخل بالقضاء، يتمكن الأخير من النظر بالقضية بروية». اما في المعارضة، فاعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية احمد فتفت في حديث الى «إذاعة الشرق»، «أن عملية خطف السوريين الثلاثة من منطقة بئر حسن أخطر بكثير برمزيتها السياسية من عملية خطف الأستونيين السبعة، وتُعَدّ رسالةً للمعارضين السوريين مفادها أن لبنان ليس ملجأ لهم، ورسالة للداخل اللبناني مفادها أن حرية الرأي ستقمع في أي شكل من الأشكال». وإذ رأى «أن عملية الخطف لم تكن غامضة، باعتبارها حصلت في منطقة خلفياتها السياسية معروفة وتأتمر بأوامر حزب الله»، اعتبر «أنها جرت من أجل إيجاد مشهد رعب لدى المعارضة السورية بهدف قمعها، لأنها تلعب دوراً سياسياً مهماً»، واصفاً ما حصل ب «العملية الجرمية»، ومؤكداً «أن المشكلة الأكبر تكمن في كون الدولة اللبنانية صامتة، بينما هي مطالبة بتوضيح الموضوع في أسرع وقت ممكن». وكشف فتفت أنه «تلقى فعلاً تهديداً شخصياً من عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية نواف الموسوي بعد جلسة «لجنة حقوق الانسان» النيابية التي خصصت لموضوع خطف السوريين»، موضحاً ان الموسوي «قال لجميع من كان حاضراً: كل واحد يحكي إلا فتفت». وأكد فتفت «أن التحقيقات في حادثة مرجعيون في حرب تموز 2006، أظهرت أن لا دخل لوزير الداخلية (فتفت) فيها»، وقال: «في 21 أيلول (سبتمبر) من السنة نفسها، زارني المسؤول الأمني لحزب الله وفيق صفا، وبعد ثلاث ساعات من النقاش قال لي إنه في تاريخ وزارة الداخلية كله، لم يخدم وزير حزب الله كما خدمتهم أنا». وإذ قال «إن هناك فريقاً مسلحاً وفريقاً غير مسلح»، رأى «أن السلاح لا يقتصر على حزب الله وحسب، بل على حلفائه أيضاً»، مؤكداً «أن 14 آذار غير مستعدة للتسلح مهما كان الثمن». وتوجه فتفت إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالقول، إن «الساكت عن الحق شيطان أخرس»، وقال: «نحن اليوم أمام حكومة ميليشيا فُرضت بقوة السلاح، وظهر أن رئيسها الفعلي هو السيد حسن نصرالله». وعن الخروق السورية في شمال لبنان وقول السيد نصرالله إنها «صديقة»، رفض فتفت هذا الوصف، داعياً الجيش السوري الى «التعاون مع الجيش اللبناني لمعالجة الموضوع»، وشدد على «أن لا نية سورية لاعتبار العلاقات مع لبنان دولة تجاه دولة»، معتبراً «ان هذا ما كرسته الحكومة الحالية». وتطرق إلى مسألة النازحين السوريين الى لبنان، متحدثاً عن «وضع سيئ جداً يعانون منه، إذ إن قسماً كبيراً منهم يعيشون في العراء أو في بيوت مزدحمة بشكل لا يوصف، أو على سطوح المباني»، مشدداً على «ضرورة مساعدتهم إنسانياً»، وقال: «يبدو أن هناك قراراً سورياً بعدم فتح مخيمات للاجئين السوريين، خوفاً من تزايد أعدادهم». واستغرب عضو الكتلة المذكورة سمير الجسر «ما تمت روايته عن أن السوريين الثلاثة الذي قيل إنهم خطفوا من بئر حسن عادوا، وأنهم تعرضوا لعملية سلب، ثم قولهم إنهم كانوا في مهمة عمل»، ورأى أن «ما حصل ليس توقيفاً بل خطفاً، لأن التوقيف تقوم به السلطات الشرعية». ورأى الجسر في تصريح الى «أخبار المستقبل»، أن في رواية المخطوفين العائدين «استخفافاً بعقول الناس، خصوصاً بعد ما سمعه اللبنانيون من شهود قالوا إن العناصر الذين نفذوا الخطف استعملوا سيارات ذات زجاج داكن وحملوا أسلحة»، معرباً عن اعتقاده بأنه «إذا كان الأمر بمثابة عملية سلب، فهذا خطير بقدر ما هي عملية خطف، وإذا كانت الرواية «مهمة عمل»، فهذا أمر فيه استخفاف». واعتبر الجسر أن هذه العملية «ظاهرة أمنية خطيرة جداً»، مطالباً بإيضاحات من «قبل وزير الداخلية ومدير عام قوى الامن الداخلي لمسائل تتعلق بأمن الناس وحرياتهم». وتوقف عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية أنطوان زهرا، امام «استمرار عمليات خطف معارضين سوريين، ما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك تعاوناً من الداخل اللبناني مع السلطات السورية، وهو مؤشر بالغ الخطورة، الأمر الذي من شأنه أن يثير تساؤلات كبيرة عن عجز الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية عن التصدي لهذه العمليات التي تهدد الأمن الوطني وتستبيح حياة اللبنانيين وغير اللبنانيين». وأعلن زهرا «أننا نعمل على توجيه أسئلة إلى الوزارات المعنية وقادة الأجهزة الأمنية عن أسباب عدم التصدي لعمليات خطف المعارضين السوريين، من خلال الجلسات التي تعقدها لجنتا الدفاع والأمن النيابية وحقوق الإنسان، للإحاطة بتفاصيل هذه العمليات وبكل الوسائل المتاحة للحصول على أجوبة شافية في هذا الموضوع». وقال عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النيابية ايلي ماروني: «هناك أشخاص في لبنان يتم خطفهم ومن ثم يُفرج عنهم، لكن هؤلاء من خوفهم لا يتكلمون عن الخاطفين، من هنا يجب على القوى الأمنية ان تقوم بدورها»، معتبراً أنه «أصبح لدى حزب الله مخافر ومحققون». وتابع: «إذا كان صحيحاً ما ادّعاه السوريون الذين خطفوا من بئر حسن بأن الأمر كان بسبب سرقة دراجة نارية، نسأل: أليس هناك دولة وقوى أمنية لتحقق معهم؟ فلتتم إدانة حزب الله أو تبرئته من هذه الأعمال»، مضيفاً: «نحن خائفون، إذ مثلما يتم خطف سوريين في لبنان بقوة السلاح، يمكن ان يتم خطفنا، فنحن ايضاً معارضة». ورأى ان «الدولة لا تقوم بحماية أرضها ولا سيادتها، فقبل جلسة مجلس الوزراء كان هناك تعدٍّ على الاراضي اللبنانية في دير العشائر، لكن لم تُبدِ الدولة اللبنانية اي انزعاج». وتحدث ماروني عن ان «تراخيص السلاح توزّع مثل ال «بونبون» لبعضهم، وعندما نطالب بتراخيص سلاح لمرافقينا من أجل تأمين حمايتنا، بالكاد نحصل عليها، كما يمنعون بعض الضباط من التعاطي معنا»، منبهاً الى ان «الكيدية لا تقود إلا إلى الكيدية، والانتقام لا يقود إلا إلى الانتقام».