دمشق، عمان، نيقوسيا - «الحياة» ، أ ف ب - رويترز - في واحد من أعنف أيام الجُمَع في سورية في الأسابيع الأخيرة، قال نشطاء وشهود إن القوات السورية قتلت ما لا يقل عن 35 محتجاً غالبيتهم في حمص وحماة، وجرحت واعتقلت المئات، في وقت سُمع فيه دوي انفجارات في دير الزور. وقال الناشطون إن الآلاف خرجوا في ريف دمشق وأدلب ودرعا واللاذقية وبانياس، إضافة إلى حمص وحماة وحلب ودير الزور، مشيرين إلى أن قوى الأمن استخدمت الرصاص الحي لتفريق التظاهرات. وفيما طالب النشطاء ب «حماية دولية» للمدنيين وفرض حظر جوي على سورية، متحدثين عن احتدام الحملة الأمنية ضد المتظاهرين في المدن الأساسية بهدف إخماد الاحتجاجات على الارض بقوة السلاح والاعتقالات والعقاب الجماعي للمدنيين، متمثلاً في حصار المدن وقطع الطرق الرئيسية ونشر الحواجز الأمنية، نفت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) حصول تظاهرات في حي الحمدانية في حلب شمالي البلاد، وتحليق طائرات في سماء حمص وسط البلاد امس. وعن تطورات أمس، قال المرصد السوري لحقوق الانسان، إن «12 شخصا قتلوا في مدينة حماة، بينما قتل 20 في حمص، واثنان في مدينة تسيل بمحافظة درعا، وشخص في مدينة القصير في ريف حمص». وتابع أن «شخصين أحدهما من قرية كرناز بريف حماة وآخر من قرية كفرنبودة، توفيا متأثرين بجروح أصيبا بها الخميس». وأضاف المرصد انه سُجل «إصابة اكثر من مئة شخص واعتقال اكثر من 500 شخص» في انحاء مختلفة من سورية في «جمعة الحظر الجوي... الخزي والعار لمن يقصف أطفالنا بالطائرات». ودعا نشطاء سوريون على صفحتهم على «فايسبوك» إلى التظاهر، مطالبين بفرض حظر جوي على سورية «للسماح للجيش السوري الحر بالتحرك بحرية أكبر». و «الجيش السوري الحر» هو قوة معارضة مسلحة أَعلن عن تشكيلها في تموز (يوليو) العقيد رياض الأسعد، المنشق اللاجئ في تركيا. وكانت الانشقاقات قد زادت في الجيش السوري مؤخراً، وكذلك الاشتباكات بين الجنود والمنشقين عليهم. وقال النشطاء إن الجيش السوري واصل تنفيذ عمليات عسكرية وأمنية في حمص وريفها، وسط قتال بين قوات الجيش ومَن تشتبه في أنهم منقشون عنه. وأفاد المرصد السوري ان متظاهرين خرجوا امس في اغلب مناطق حمص. وأوضح أن «نحو 20 ألفاً ساروا في منطقة حي ديربعلبة في حمص» مطالبين بسقوط النظام. كما تحدث النشطاء عن «إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات في القصير» في ريف حمص والبلدة المضطربة قرب الحدود مع لبنان، حيث سعت قوات الأمن لفضّ تظاهرات خرجت من مساجد عدة. وأفاد المرصد السوري أن ما لا يقل عن 20 مدنياً قتلوا امس، فيما اصيب 13 شخصاً، اثنان منهم بحالة حرجة «إثر اطلاق قوات الامن الرصاص الحي لتفريق تظاهرة خرجت في مدينة القصير... وفي اطلاق رصاص في حي الإنشاءات لتفريق تظاهرة حاشدة». فيما قالت لجان التنسيق المحلية، إن أحياءً متعددة في مدينة حمص تعرضت لإطلاق نار كثيف وقصف عشوائي، لا سيما أحياء الخالدية ودير بعلبة والبياضة وبابا عمرو. وذكرت أن 12 شخصاً قتلوا في ضواحي مدينة حماة، بينهم سبعة في منطقة كرناز، واثنان في قلعة مدق، وواحد في كل من كفرنبودة واللطامنة، جراء استهداف أحيائها بالرشاشات الثقيلة من قبل الجيش السوري الذي كان يشتبك مع مسلحين يُعتقد أنهم عسكريون منشقون. وكان بين القتلى الذين سقطوا في حماة شاب وأمه. وقال ناشطون إن الأم حاولت حماية ابنها من الرصاص فقتلت بدورها. وفي إدلب تظاهر عشرات الآلاف في المدينة والبلدات القريبة منها، وأصيب ثلاثة على الأقل برصاص الأمن في بلدة كفررومة، التي تعرضت لحملة أمنية اعتقل خلالها 13 شخصاً بينهم امرأة وطفل، حسب المرصد السوري. وفي معرة النعمان بإدلب، تحول تشييع جندي من المنشقين قُتل برصاص قوات الامن الخميس، الى مسيرة حاشدة تطالب بإسقاط النظام. وقال المرصد إنه «رغم الحصار وانتشار نقاط التفتيش وحصار المساجد، فقد نظم المتظاهرون تظاهرة حاشدة في كفرنبل البلدة القريبة من إدلب قرب الحدود التركية، مطالبين بفرض منطقة حظر جوي». أما في محافظة ريف دمشق، فقال المرصد إن قوات الامن «أطلقت الرصاص الحي في الهواء لتفريق تظاهرة حاشدة خرجت في بلدة كناكر بعد صلاة الجمعة واعتقلت عشرات المتظاهرين». وتظاهر آلاف في حيي القابون والميدان، فيما أغلقت قوات الأمن حي برزة وشنت حملة اعتقالات فيه، حسب ناشطين. كما اقتحمت قوات الامن حي القبيات في مدينة بانياس ولاحقت المتظاهرين في شوارع الحي واعتقلت ثلاثة منهم. وشملت الاحتجاجات درعا وبلدات محيطة بها، منها الحراك وداعل، وكانت هذه المناطق قد دخلت منذ أيام في إضراب عام. إلى ذلك، أعلن مجلس ثوار دير الزور، أن انفجارات دوّت ليلاً في مناطق مختلفة من المدينة بشرق سورية، ولم ترد تفاصيل عن ملابسات هذه الانفجارات. كما تعرض متظاهرون لإطلاق نار مع خروجهم من المساجد امس وفق ناشطين. من ناحية أخرى، نفت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) حصولَ تظاهرات في حي الحمدانية في حلب شمالي البلاد يوم امس، وتحليقَ طائرات في سماء حمص وسط البلاد. وأضافت «سانا» : «لا صحة إطلاقاً للأخبار حول تظاهرات في حي الحمدانية»، وأن المدينة «تشهد يوماً عادياً»، وأن الأخبار عن وجود تظاهرات «تسعى لإثارة البلبلة والفوضى، بعد فشل رهاناتهم على جر أبناء حلب إلى العنف والتخريب». ونقلت الوكالة عن كفاح لبابيدي مدير مؤسسة الاتصالات في حلب، نفيه ما قيل حول قطع الاتصالات في منطقة مارع شمال شرق حلب، مؤكداً أن الخبر «عار من الصحة تماماً». وقال: «الاتصالات متوافرة في جميع مناطق المحافظة، ويمكن لأي مواطن التأكد من ذلك بنفسه ليعلم مدى كذب هذه القنوات (الفضائية) المضللة التي تسعى لإثارة الفوضى والإساءة لسمعة المؤسسات العامة في سياق حملتها التحريضية ضد سورية». ووفق «سانا»، نفى مصدر رسمي في محافظة حمص وسط البلاد أنباء تحدثت عن تحليق للطيران في أجواء مدينة حمص وريفها، مؤكداً أن هذه الأخبار «كاذبة وعلى المواطنين المقارنة بين ما يسمعونه من قناة «الجزيرة» ومثيلاتها وبين ما يشاهدونه بأم العين، ليعلموا مدى الكذب والافتراء الذي تتبعه في تغطيتها لأخبار سورية». وزاد: «هذه الأخبار تهدف لتحريض المواطنين وإثارتهم، كما أنها تأتي في إطار المؤامرة الكبرى على سورية، والتي يسعى مدبروها على اختلاف انتماءاتهم في الداخل والخارج لإثارة الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي ضد سورية».