منذ إعلان وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى، ووسائل الإعلام منشغلة بالحديث عن الشخصية الأقرب لولاية العهد في السعودية، آنذاك، وعندما طرحت قناة «الجزيرة» السؤال عليّ قلت «إني مطمئن»، وإن الصورة واضحة، لم يكن هناك مجال للتخمينات، فمنذ تعيين الأمير نايف بن عبدالعزيز نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وترؤسه لاجتماعات المجلس وإدارة الدولة في غياب الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير سلطان لم يترك هذا مجالاً للشكوك، وهو ما كان يبعث على الاطمئنان لدى كل حريص على الشأن السعودي، في وضوح الرؤية عن من يتولى ثاني أعلى منصب في الدولة. وأول من أمس صدر قرار خادم الحرمين الشريفين متعه الله بالصحة والعافية، بتعيين الأمير نايف ولياً للعهد، وتبخرت كل الشكوك والتخمينات التي حفلت بها وسائل الإعلام. والأمير نايف بن عبدالعزيز ليس غريباً على إدارة شؤون الدولة وملفات كثيرة حساسة من مشاغلها، وإن عرف بوزارة الداخلية وعرفت به، وهي من الوزارات الحساسة والحيوية بأجهزتها المختلفة وإدارتها لموسم الحج الضخم كل عام، والذي قرأ حديث الأمير نايف عن شقيقه الراحل الأمير سلطان يتلمس تشرب التجربة والخبرة وتقديرها والتمسك بقيم وأعراف هي من سمات الدولة السعودية. ويدهشك في ولي العهد السعودي الجديد قدرته على الإنصات، انه يتيح المجال برحابة صدر واهتمام لا تخطئه العين للمتحدث - أياً كان - لقول كل ما لديه، كما عرف بالحلم والحزم والقرب من الناس بمختلف شرائحهم مع بساطة وتلقائية، وإذا كان ملف مواجهة الإرهاب من الملفات الحاضرة في الأذهان، كنموذج للنجاح والقدرة الاستباقية في تجربة الأمير نايف الإدارية، فإن من ثراء تلك التجربة إدارته لملفات سياسية تتعلق بالشأن الخارجي والعلاقات الدولية بما فيها قضايا الحدود الشائكة وإن لم تأخذ حقها من الظهور إعلامياً لسمات صبغت تراتبية الإدارة السعودية. وفي الشأن الداخلي عرفت وزارة الداخلية أنها إذا تولت ملفاً أنجزته، ويبرز ذلك أكثر لدى الجمهور عندما يستعان بها في قضايا هي من شؤون وزارات خدمية. شخصية بمثل هذه الخصال والتجربة تبعث على الاطمئنان في مواجهة حالة عدم الاستقرار المسيطرة على المنطقة، وانعكاساتها على السعودية، كما أنها مبشرة تدفع للتفاؤل في إدارة ملفات واستحقاقات داخلية تهم المواطن السعودي وتشغل تفكيره، لذلك يتوقع مزيد من الخطوات الحثيثة في مسيرة الإصلاح الداخلي واستكمال رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذا الإصلاح من معالجة ملفات الفقر والإسكان إلى مكافحة الفساد مروراً بالعمل على استباقية فعاليات التنمية للاحتياجات. رحم الله تعالى الأمير سلطان وغفر له وأعان الأمير نايف بتوفيقه على حمل الأمانة. www.asuwayed.com