بعد يوم من اعلان الاتفاق في تونس على تولي الأمين العام ل «حركة النهضة» الاسلامية حمادي الجبالي رئيساً للحكومة الانتقالية في بلاده وصل زعيم «النهضة» راشد الغنوشي الى الجزائر في زيارة تستمر 3 أيام يلتقي خلالها مسؤولين رسميين وحزبيين ويتوقع ان يستقبله الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اليوم في قصر الرئاسة في المرادية. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن عبدالوهاب معطر، عضو المكتب السياسي ل «حزب المؤتمر من اجل الجمهورية» بزعامة منصف المرزوقي ان «هناك اتفاقاً مبدئياً على تعيين الجبالي رئيساً للحكومة الانتقالية والمرزوقي رئيساً للجمهورية و(رئيس حزب التكتل) مصطفى بن جعفر رئيساً للمجلس التأسيسي» المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي. وفاز حزب «النهضة» ب 89 مقعداً من اصل مقاعد المجلس التأسيسي ال217، في حين فاز «المؤتمر» ب 29 مقعداً و «التكتل» ب 20، فيما حصل تيار «العريضة الشعبية» بزعامة الهاشمي الحامدي على 26 مقعداً. وبعد إعلان نتائج الانتخابات رشحت «حركة النهضة» الجبالي، الذي كان امضى اكثر من 15 عاماً في السجن في عهد بن علي، لرئاسة الحكومة. اما منصف المرزوقي (66 عاماً) فهو معارض سابق شرس لبن علي، وهو طبيب وأستاذ طب عاش عشر سنوات في المنفى في فرنسا قبل ان يعود الى تونس بعد الثورة. ويعتبر حزبه «المؤتمر من اجل الجمهورية» يسارياً قومياً. ومصطفى بن جعفر (71 عاماً) معارض سابق لنظام بن علي معروف باعتداله وصرامته. وهو مؤسس «التكتل من اجل العمل والحريات» (يسار وسط) العضو في الاشتراكية الدولية والقريب من الحزب الاشتراكي الفرنسي. وعلى رغم الاتفاق المبدئي بين القوى السياسية الثلاث على هذه التسميات تستمر المشاورات في شأن صلاحيات كل منصب وتركيبة الحكومة الجديدة. وشدد معطر على ان هذا الاتفاق الثلاثي هو توافق بين هذه القوى «لا يزال يحتاج الى مصادقة المجلس الوطني التأسيسي صاحب السيادة الذي سيعقد اولى جلساته الثلثاء المقبل». ويتولى المجلس في اولى جلساته التي قد تمتد لأكثر من يوم اختيار رئيسه ونائبيه والاتفاق على نظامه الداخلي ونظام موقت لادارة الدولة. كما يعين رئيساً موقتاً جديداً خلفاً لفؤاد المبزع الذي كان اعلن انه سينسحب من العمل السياسي حال تسليم الرئاسة. وبعدها، يكلف الرئيس الموقت الجديد من تتفق عليه الغالبية في المجلس تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية منذ الاطاحة بنظام بن علي. وتتمثل مهمة المجلس التأسيسي الاساسية في وضع دستور «الجمهورية الثانية» في تاريخ تونس المستقلة ولكن ايضاً الاشراف على السلطة التنفيذية الانتقالية الجديدة وتولي التشريع لحين تنظيم انتخابات بموجب مواد الدستور الجديد. في غضون ذلك، وصل زعيم «النهضة التونسية» راشد الغنوشي الى الجزائر في زيارة تستمر ثلاثة أيام يلتقي خلالها مسؤولين رسميين وحزبيين، ويتوقع ان يستقبله الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اليوم في قصر الرئاسة في المرادية. وترددت أنباء عن أن الرئيس الجزائري كلف رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح بمرافقة الغنوشي رسمياً خلال زيارته، ما يضفي على وجوده في الجزائر صفة «الزيارة الرسمية»، إذ يعتبر «هذا الامتياز» مخصصاً لرؤساء الدول فقط نظراً لكون بن صالح الرجل الثاني في البلاد بموجب دستور البلاد. وقال الناطق باسم «حركة مجتمع السلم» محمد جمعة ل «لحياة» ان «الغنوشي سيجتمع اليوم بأعضاء المكتب الوطني والشيخ أبو جرة سلطاني رئيس الحركة»، كما أكد السيد قاسة عيسي الناطق باسم «جبهة التحرير الوطني» ان عبدالعزيز بلخادم الأمين ل «الحبهة» التي تمثل الغالبية في البرلمان، «سيستقبل رسمياً الغنوشي وسيشاركان معاً في مأدبة عشاء على شرفه»، واعتبر ان هذه الزيارة «تدخل في إطار تلاحم القوى السياسية الفاعلة في المغرب العربي» مشيراً الى ان «جبهة التحرير أول من استقبلته قبل أشهر وأجرى محادثات مع بلخادم، ونحن مستعدون لاستقباله دائماً». وذكرت صحيفة «النهار» الجزائرية أن الرئيس بوتفليقة يعد عشاء رسمياً على شرف الغنوشي كما يخصه باستقبال رسمي في قصر الرئاسة في المرادية اليوم الأحد. وتأتي زيارة الغنوشي للجزائر، وهي الثانية خلال أشهر، بعد يوم من اختيار أحد قادتها (الجبالي) رئيساً للحكومة الانتقالية إثر تصدر الحركة نتائج الانتخابات التشريعية في تونس. وتنفي زيارة الغنوشي الى الجزائر ولقاؤه مع المسؤولين أنباء ترددت عن مخاوف جزائرية من احتمال وصول إسلاميين الى الحكم في تونس. وسبق أن زار الغنوشي الجزائر الصيف الماضي للمشاركة في تأبين رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبدالرحمن شيبان، واستقبله حينذاك بلخادم بصفته ممثلاً شخصياً للرئيس بوتفليقة. يشار إلى أن الغنوشي عاش سنتين في الجزائر بعدما لجأ إليها هرباً من ملاحقة نظام زين العابدين بن علي له، حيث استقر في الجزائر في نهاية 1989 كلاجئ مع عدد من رفاقه، قبل أن يغادر الجزائر عقب اندلاع الأزمة متجهاً نحو السودان، ثم الاستقرار في بريطانيا.