عادت الروح إلى منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم، فعاد التوهّج والتألق، وعاد الانسجام والعطاء، وبكل هذه المعطيات نستطيع رفع درجة التفاؤل لانتزاع إحدى بطاقتي التأهل لنهائيات كأس العالم المقبلة 2010 في جنوب أفريقيا. منذ مغادرة المدير الفني لمنتخبنا الأرجنتيني كالديرون، ومروراً بأنغوس والمدرب الوطني ناصر الجوهر، لم نشاهد المنتخب بهذا الشكل الفني الرفيع، ومنذ مغادرة كالديرون والمنتخب يتأرجح أداؤه بين الوسط ودون الوسط، بل ومن دون هوية في غالبية مبارياته، ومع قدوم السيد بيسيرو شاهدنا شخصية المنتخب الأدائية التي تبعث على التفاؤل والارتياح، بصرف النظر عن النتيجة التي هي دائماً في علم الغيب. لعب المنتخب أمام منتخب إيران أهم وأجمل مبارياته منذ مغادرة كالديرون عام 2006، وقدّم أداءً رائعاً، فلم يتأثر بحضور مئة ألف متفرج يتقدمهم أحمدي نجاد، ولم تؤثر في معنوياته عوامل الأرض والجمهور، ولم يهتز من صافرة الحكم التي ألغت هدفاً سعودياً، وإهداره ضربة جزاء في الشوط الأول، وحتى بعد تقدم منتخب إيران بهدف الغفلة، استمر الأداء السعودي بالقوة نفسها، والروح التي كنا نبحث عنها منذ زمن. من الصعوبة حصر النجومية في رجل المباراة محمد نور، أو في صاحب العبدالله الذي أدى دوراً خفياً، ولن نتحدث عن تألق الحارس الرائع وليد عبدالله، الذي أنقذ ثلاث فرص محققة، ولن نمتدح لاعبي خط الدفاع أو الوسط أو الهجوم. فقد لعب كل فرد منهم وقدم أفضل أداء، وهذا هو الأهم، ولن نتحدث عن هدوء وأناقة المدير الفني بيسيرو، الذي قدّم لنا توليفة مثالية، ولن نمجد لاعباً بعينه حتى وإن أتى الهدفان الحاسمان من نايف هزازي وأسامة المولد، فهما وصلا للمرمى بجهود جماعية تجيّر للمنتخب كمجموعة لا كأفراد. انتزع المنتخب أهم ثلاث نقاط في طريقه إلى جوهانسبيرغ، وعاد بعد ما رفع رصيده النقطي إلى سبع نقاط، وهي حصيلة تجعله قريباً من إحدى بطاقتي التأهل، ومع هذا فيجب التعامل مع لقاء منتخب الإمارات الشقيق بكل حذر، لأن تخدير فرحة الفوز خارج الأرض قد يربك الحسابات، وبالتالي يختل الأداء الفني، والمهم هو الصوت الإعلامي قبل الحدث، وصوت الجمهور يوم المباراة. المنتخب يحتاج إلى مناخ هادئ قبل مباراة منتخب الإمارات، والمدير الفني بيسيرو يحتاج إلى المحافظة على التويلفة نفسها، وعدم المجازفة بتغيير عناصري يفقد المنتخب شخصيته التي ظهر بها أمام منتخب إيران، وقد يحتاج إلى زرع عنصر أو عنصرين إضافيين، أي تغيير في أضيق الحدود، بل إن تجديد الثقة في التوليفة نفسها التي ظهرت في طهران يجعل الحظوظ قوية لبلوغ المونديال للمرة الخامسة على التوالي، ليكون رقماً عربياً وآسيوياً قياسياً للسعودية فقط. صالح ناصر الحمادي [email protected]