لم يكن التصوير الفوتوغرافي يوماً هواية معترفاً بها بين الشباب السعوديين في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وحتى مطلع الألفية الثالثة، بل كانت دائماً ممارسة فردية «متنحية» إلى حد بعيد، ما عدا بعض الأسماء التي استطاعت أن تترك بصمة في مجال التصوير عبر ممارسته كمهنة في ميادين ذات علاقة مباشرة مثل العمل في الصحف والمجلات. اليوم يمكن القول إن علاقة وطيدة نشأت بين أضواء «الفلاشات» وأولئك الشباب، لدرجة بات البعض يعتبرها خروجاً عن المألوف ويرون فيها تطوراً لمفهوم التصوير، ذلك أن مهمة التصوير الفوتوغرافي ارتبطت لسنوات عدة بمقيمين من خارج السعودية يقدمون خدماتهم في كل المناسبات. اهتمام الشباب والفتيات في السعودية بعالم التصوير يتجلى في مناسبات كثيرة، إذ لا يكتمل حضور بعض الفتيات لأي حدث أو فعالية إلا بوجود كاميرات تتدلى من أعناقهن ويتخذن من بعض المواقع زوايا لالتقاط ما يمكن توثيقه من الصور غير مكتفيات أحياناً بكاميرا الهواتف النقالة. ولا يقل الأمر أهمية عند الشبان الذين لم يكن التصوير الفوتوغرافي يشكل حيزاً من اهتماماتهم العملية بينما أصبحت آخر التقنيات الفوتوغرافية وتفاصيل الصورة من أبرز أحاديثهم. وإذا كان نوع المحمول أو لون الأزياء أو ماركة السيارة التي تأخذ مساحة كبيرة من الشغف لدى هؤلاء، فإن الأمر اليوم أبعد من ذلك، فنوع العدسة أو موديل الكاميرا ومدى وضوح الصورة بالمقاييس التقنية الدقيقة تغلب على أحاديث الشباب. كيف بدأت العلاقة مع هذه التقنية التي تحتاج إلى تعامل خاص واحتراف؟ يبدو أن الظروف والصدفة غالباً ما تسوق المصورين «الهواة» إلى البحث عن «لحظة الصورة» في امتدادات الأفق وعتمة الزوايا وانعكاسات الظلال في غالبية الأحيان لاقتناء الكاميرا أو خوض غمار التصوير الفوتوغرافي، بل ان بعضهم يؤكد أن شغف التصوير قاده لحضور مناسبات لم يكن يعيرها أي اهتمام ولا يفضل حضورها، لكن من أجل صورة مميزة وجد نفسه في خضمها. آية شاكر، دون العشرين من عمرها، استطاعت أن تتقن فن التصوير وتقتني لأجله كاميرا رقمية متطورة تقول إنها أصبحت تلازمها في كل مكان. بدأت من محيط العائلة ومناسباتها، مروراً بنزهاتها مع صديقاتها وانتهاء ببعض الفعاليات سواء على مستوى المدرسة في السابق أم الجامعة في الوقت الحالي. وتقول آية ل «الحياة» انها دخلت عالم التصوير عندما تلقت بريداً إلكترونياً يحتوي على صور استخدمت فيها مهارات التصوير والمؤثرات الخاصة ما حرك لديها الرغبة في دخول المجال ابان دراستها في المرحلة الثانوية، في الوقت ذاته تشدد على صعوبة اتقان كامل مهارات التصوير من دون الاطلاع والبحث في هذا التخصص الفني. وبسؤالها عن سر انتشار هذه الظاهرة بين أوساط الفتيات، قالت إن الأمر يتعلق بنوعين من الدوافع، أولهما التعلم وحب الاستطلاع ومعرفة تخصص جديد ومختلف في الوقت ذاته، والثاني هو دافع الظهور من باب المحاكاة وحب التقليد. ولا تنفي آية أنها وجدت التصوير لدى بعض الفتيات اللائي يحملن الكاميرات معهن في كل وقت نوعاً من التباهي والأكسسوارات والكماليات شأنه شأن اقتناء ساعة فاخرة أو قطعة ملابس لمصمم عالمي أو ما شابه، مشيرة إلى أن هذا النوع من الفتيات يحاول دائماً لفت الانتباه وحمل الكاميرا لغير اغراضها الحقيقية، مقابل شريحة مهتمة فعلاً وآخذة في الانتشار. ويقول بدر المحمادي الذي غادر إلى الولاياتالمتحدة لإكمال دراسته الجامعية انه بدأ التصوير عندما كان يتردد على ملاعب كرة القدم في جدة. وقاده إعجابه باللعبة إلى توثيق أجمل اللحظات، خصوصاً أن الصورة المكتملة تشكل مادة صحافية متكاملة من دون شرحها أو كتابة الموضوع الذي التقطت لأجله كما يقول. وبعد مدة تعاون مع أحد المنتديات الرياضية الإلكترونية لنشر صوره المتعلقة بكرة القدم وبقية الألعاب الرياضية. أحداث السيول التي داهمت جدة قبل عامين والتي شهدها المحمادي واقعياً ووثقها بصور نشرها في الصحف والإنترنت، جعلته يتعلق أكثر بهذه الهواية خصوصاً مع بروز أعمال التطوع التي التقطها بعدسته إلى جانب اللحظات الصعبة التي عاشها السكان في ذلك الوقت. وينوي المحمادي اليوم، ومن خلال وجوده في الولاياتالمتحدة، أن ينمي هواية التصوير لديه بمتابعة دورات في معاهد متخصصة في أوقات فراغه لقلة مثل هذه المراكز في السعودية لأن المستقبل للصورة في عالم التكنولوجيا والإنترنت، بالتالي فإن اتقان هذا الفن سيؤهله لتحقيق الكثير.