لاحت بوادر أول أزمة بين الخرطوموالقاهرة في عهد الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي، بعد افتتاح تنظيم سوداني معارض مكتباً في العاصمة المصرية، بينما اتهم مساعد الرئيس السوداني إبراهيم غندور قوى المعارضة بالتخابر لصالح دول أجنبية وتوعدها بردٍّ قاسٍ. ودشن تنظيم «الجبهة الوطنية العريضة» بزعامة علي محمود حسنين مكتباً في القاهرة لإدارة نشاط مناهض للحكومة السودانية. وطالب حسنين خلال حفل التدشين السودانيين بالتوحد لإطاحة نظام الرئيس عمر البشير. وقال: «في حال توحدنا فلن يصمد هذا النظام. التغيير قادم لا محالة وسنكون قريباً في الخرطوم». ودعا المصريين حكومة وشعباً إلى دعم خيار الشعب السوداني ورغبته في التغيير، لافتاً إلى أن المصريين تجاهلوا لسنوات متابعة الأوضاع في السودان. وأضاف: «لو فعلوا كان يمكنهم توفير الكثير من المعاناة التي مروا بها جراء حكم الإخوان المسلمين». أما في الخرطوم، فأبدى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ثقته بأن السلطات المصرية ستتخذ ما يلزم من إجراءات حيال إعلان «الجبهة الوطنية العريضة». وأكد أن القاهرة لن تسمح بممارسة عمل عدائي تجاه الخرطوم. ووصف المسؤول السياسي في الحزب الحاكم، وزير الاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل، تدشين حسنين «الجبهة العريضة» ب «الخطوة الفاشلة». وسخر من تصريحات المعارضين الملوحة بإسقاط النظام عبر العمل المسلح. من جهة أخرى، اعتبر المستشار الإعلامي في السفارة السودانية في القاهرة عبد الرحمن إبراهيم، حضور شخصيات مصرية رسمية افتتاح مكتب المعارضة السودانية بمثابة «تطور خطير، ومؤشر سلبي للعلاقة بين الدولتين». وانتقد منح السلطات المصرية موافقتها ل «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور على تنظيم احتفال في القاهرة في أيار (مايو) الماضي، في ذكرى مرور 6 سنوات على هجومها على الخرطوم. ورأى أن «الاحتفال بذكرى عمل إرهابي أمر مشين لا يجب الاحتفال به من داخل القاهرة»، مشيراً إلى أن حسنين لا يملك مالاً لاستئجار مقر وشراء سيارة. وفي سياق متصل، اتهم مساعد الرئيس السوداني إبراهيم غندور قوى المعارضة بالتخابر لصالح دول أجنبية وأوروبية وتوعدها بردٍّ قاسٍ. وقال غندور أمام مؤتمر لقيادات حزبه في أم درمان، إن الأحزاب المعارضة طلبت من المجتمع الدولي فرض حظر الطيران على الجيش في دارفور وجنوب كردفان وإحكام الحصار على السودان. وأضاف: «مَن يستنجد بالمنظمات الأجنبية لا ينتمي إلى السودان». وكانت قوى في المعارضة السودانية المسلحة السياسية طالبت المجتمع الدولي بفرض حظر للطيران فوق مناطق الحرب في جنوب كردفان، النيل الأزرق، ودارفور، لحماية المدنيين. وفي تطور ذي صلة، أعلنت منظمة العفو الدولية أمس، أن الغارات الجوية المكثفة التي شنتها القوات السودانية على أراض زراعية في ولاية جنوب كردفان، في الأسابيع الأخيرة يمكن إدراجها في إطار محاولة لتجويع سكان هذه الولاية التي تشهد تمرداً مسلحاً. وقالت المنظمة الحقوقية نقلاً عن مراقبين لحقوق الإنسان، إنه بين 15 و22 أيار الماضي، ألقت مقاتلات سودانية حوالى 200 قنبلة على منطقة تانغال الزراعية في محافظة أم دورين ما ألحق أضراراً بالغة بالموسم الزراعي. ورأت المنظمة أن «تكثيف عمليات القصف الذي أفيد عنه خلال الشهرين الماضيين يمكن أن يؤشر إلى أن القوات السودانية تحاول ضرب الموسم الزراعي». على صعيد آخر، استدعت الخارجية السودانية القائم بأعمال سفارة الولاياتالمتحدة جوزيف ستافورد وسفير جنوب السودان في الخرطوم ميان دوت جيري لانير أمس، بعد أن حاولت مريم يحيى إبراهيم (27 سنة) التي أُلغي حكم الإعدام بحقها لإدانتها بالردة عن الإسلام، السفر إلى الولاياتالمتحدة باستخدام وثائق موقتة أصدرتها سفارة جنوب السودان. واحتجزت مريم يحيى أثناء محاولتها مع زوجها الأميركي دانيال واني المتحدر من جنوب السودان وولديها، السفر جواً من الخرطوم. وقال مكتب الإعلام في جهاز الأمن والاستخبارات في بيان، إن شرطة جوازات مطار الخرطوم احتجزت المواطنة «أبرار الهادي» (اسم مريم المسلم) بعد تقديمها أوراق سفر اضطرارية صادرة من سفارة دولة جنوب السودان وتأشيرة سفر إلى الولاياتالمتحدة. وأضاف أن السلطات السودانية اعتبرت ذلك «مخالفة جنائية واستخفافاً استدعت على أثره وزارة الخارجية السفيرين الأميركي والجنوب سوداني. وقال محامي المرأة مهند مصطفى إن جهاز الأمن احتجز موكلته في مطار الخرطوم قبل اقتيادها إلى مركز شرطة الخرطوم- شرق بعد أن دون الجهاز اتهامين ضدها، أحدهما يتهمها بتزوير مستندات والآخر بالإدلاء بمعلومات كاذبة، مشيراً إلى أن النيابة رفضت الإفراج عنها وأمرت بحبسها 24 ساعة. وأضاف أن الشرطة أخلت لها غرفة مجهزة بأسرّة نوم وسمحوا لزوجها وطفليها بالبقاء معها. في المقابل، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف للصحافيين، إن الحكومة السودانية أبلغت الوزارة بأن أسرة مريم احتُجزت لبضع ساعات في مطار الخرطوم لاستجوابهم بشأن مسائل مرتبطة بسفرهم ووثائق السفر، وأنهم لم يلقوا القبض عليها.