بدا الشاب تيسير شبير محتاراً وحزيناً ومكتئباً عندما اكتشف أن شقيقه حازم لم يُطلَق ضمن صفقة تبادل الأسرى التي تحرر بموجبها ألف أسير و27 أسيرة في مقابل إطلاق الجندي الاسرائيلي الاسير غلعاد شاليت. وحتى الثلثاء الماضي الذي تمت خلاله الصفقة، كانت الوالدة تنتظر تحرير شقيقه حازم الذي أمضى نحو 20 عاماً في عدد من السجون الاسرائيلية من مدة محكوميته بالسجن المؤبد. وقال تيسير، وهو أسير سابق، ل «الحياة»: «أُبْلغنا سابقاً أن أخي حازم سيكون ضمن المفرج عنهم في اطار صفقة التبادل، إلا أننا فوجئنا بأن اسمه لم يدرج في اطار الدفعة الأولى من الأسرى (التي ضمت نحو 477) هو وعشرات الأسرى من ذوي المحكوميات العالية من عمداء الأسرى». وأضاف: «أشعر بالحزن الشديد لأن والدتي كانت تنتظر أخي في البيت». والدة شبير البالغة من العمر 68 عاماً لم تحتضن فلذة كبدها حازم منذ 19 عاماً بعد اعتقاله والحكم عليه بالسجن المؤبد على خلفية اتهامه بقتل جندي إسرائيلي. وأصيبت قبل سنوات بجلطة دموية تركت آثاراً واضحة على قدرتها على المشي في شكل طبيعي من شدة حزنها لمنع سلطات الاحتلال الاسرائيلي إياها من زيارته منذ اندلاع «انتفاضة الاقصى» في 28 ايلول (سبتمبر) 2000. وشارك ابنها تيسير في معظم الاحتجاجات والمناسبات والفعاليات المساندة للأسرى في سجونهم لإرسال رسالة لهم مفادها أن الشعب الفلسطيني معكم ولا ينسى قضيتكم. كما تواجد باستمرار في خيمة التضامن مع الأسرى التي أقيمت أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر تزامناً مع اضراب الأسرى في السجون، وأضرب عن الطعام 12 يوماً متتالياً الى أن تم تعليق الإضراب غداة إتمام الصفقة بموافقة مصلحة السجون الاسرائيلية مبدئياً على مطالبهم كافة. وشعرت المتضامنة الايطالية سيلفيا تودسكيني المقيمة في غزة التي أضربت عن الطعام 11 يوماً تضامناً مع الأسرى، بالفرحة لأن جهودهم «تكللت بالنجاح»، وقالت ل «الحياة»: «شيء عظيم أن تتحقق مطالب الأسرى في وقت يتحرر فيه مئات آخرون من الأسر، وآمل في أن تفي مصلحة السجون الإسرائيلية بوعودها، وإذا لم يفعلوا فإننا سنعود للإضراب عن الطعام». كذلك كانت حال المتضامن الأميركي جو كاثرين (31 عاماً) الذي ازداد جسده نحولاً نتيجة خوضه الإضراب عن الطعام 11 يوماً. وقال إنه شارك في الاضراب عن الطعام «كوسيلة من وسائل التضامن والنضال مع الشعب الفلسطيني والأسرى، وسنبقى نتضامن مع كل السجناء حتى تحريرهم جميعاً». وتشعر تراجي (42 عاماً) زوجة الأسير فؤاد أبو رجيلة الذي أمضى خمس سنوات حتى الآن في السجن ولم يتبق من محكوميته سوى اشهر قليلة «بفرح غامر لا يوصف» إزاء اطلاق الأسرى ضمن الصفقة على رغم عدم إطلاق زوجها. وقالت إن «فعاليات التضامن مع الأسرى ستستمر الى حين التأكد من التزام ادارات السجون بوعودها وعودة كل الحقوق الانسانية للأسرى داخل السجون». ووصف نبيل أبو جزر (29 عاماً) شقيق الأسير علاء المحكوم 18 عاماً قضى منها نصفها، إطلاق الأسرى بأنه «فرحة لكل الشعب الفلسطيني». واعتبر أنه «كان من الأجدر بالقائمين على الصفقة الضغط في اتجاه إخراج كل الأسرى من ذوي المحكوميات العالية وإعادة جثث الشهداء المدفونين في مقبرة الارقام في اسرائيل». وقال: «لا يزال أكثر من 5 آلاف أسير في سجون الاحتلال، بعضهم أمضى أكثر من 26 عاماً من محكومياتهم التي تمتد الى مؤبدات عدة، لم تشملهم الصفقة» التي شملت مئات الأسرى الذين أمضى بعضهم أكثر من 30 عاماً، وبعضهم الآخر محكوم بعشرات المرات بالسجن المؤبد. وبمشاعر مختلطة بين الفرحة والأسى، قالت والدة الأسير عمر عيسى مسعود المحكوم بالسجن المؤبد ثلاث مرات قضى منها 21 عاماً: «كل أصحابه تحرروا في الصفقة وأنا فرحة لهم، فهم مثل أولادي». الا أنها أصيبت بوعكة صحية بعد إعلان اسماء المفرج عنهم في اطار الدفعة الأولى من الصفقة، ولم يكن عمر مشمولاً بها. وبعد تعافيها من وعكتها، توجهت الى وزارة الأسرى في الحكومة التي تقودها «حماس» في غزة تسألهم عن ولدها، وقالت: «كنا فرحين جداً بالصفقة لدرجة أن بناتي عبير وأزهار ووردة فرشن الدار وزيّنّها بصور عمر والأعلام ابتهاجاً بقرب تحرره، وحين علمنا بعدم خروجه بكيْنا جميعاً». وأضافت: «جندي واحد طلعوا بدلاً منه ألف، كمان اثنين او ثلاثة بيحرروا كل الاسرى». وطالبت قوى المقاومة ب «خطف جنود لتحرير الأسرى»، وقالت: «قدمنا شهداء، ألا نقدم تضحيات لتحرير الأسرى؟».