واجهت الإدارة العامة للسجون في المملكة أمس حرجاً، بعد أن وجه لها وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية عبدالله اليوسف سيلاً من الانتقادات الحادة على خلفية ما أسماه بالبرامج الإصلاحية، التي تقدمها في وضعها الحالي، وأعرب اليوسف عن سخطه من أوضاع السجون، واصفاً إياها بالتي غدت «أماكن لممارسة وتعليم فن الجريمة بشتى أنواعها». وعلى رغم حضور كبار المسؤولين في الإدارة العامة للسجون، ومشاركتهم في جلسات ملتقى «الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة»، إلا أن اليوسف لم يتردد في صب جام نقده على السجون قائلاً: «المؤسسات العقابية في المملكة وهي «السجون» فشلت قطعاً في إصلاح من يخرج منها، عبر برامجها الإصلاحية التي تجريها، بل أصبحت بحسب الدراسات مكاناً للجريمة وتعلم احترافها، وأنها لم تؤت ثمارها كما ينبغي»، ما أحوج رئيس الجلسة الدكتور ساعد العرابي الحارثي إلى المداخلة والرد. وفي الورقة التي قدمها اليوسف، صارح الحضور بأن «الحديث عما يسمى ببدائل العقوبات كان يناقش في المملكة على استحياء تام طوال السنوات الماضية، وجاء الوقت لطرح هذا الموضوع لأهميتة للجميع»، مؤكداً أن الدراسة التي أجراها أخيراً خلصت إلى أن نسبة السجناء الذين يعودون إلى جرائمهم بعد خروجهم من السجن هي سبعة في المئة. وأضاف: «السجون تعاني كثيراً من المشكلات، مثل تردي الخدمات الصحية، خصوصاً إذا علمنا أن مباني السجون ضيقة ويتكدس ويُخلط فيها السجناء، وتجمع بين المجرمين والقتلة والسارقين وأصحاب الجنح البسيطة»، لافتاً أن أعداد السجناء وزيادتهم تؤدي إلى فقدان السيطرة عليها. ودعا مشاركون في ملتقى العقوبات البديلة في يومه الثاني إلى ضرورة أن يعرض المتهمون في الجرائم البسيطة وما تسمى بالجنح على اختصاصيين نفسيين قبل الحكم عليهم من جانب القضاة، إضافة إلى ضرورة توعية شاملة للمجتمع بخصوص العقوبات البديلة ومن يمكنه الاستفادة منها ومن لا يمكن. وقال عضو مجلس الشورى الشيخ عازب آل مسبل في مداخلة له أمس: «المجتمع ما زالت تنقصة التوعية في هذه العقوبات البديلة وماهيتها، لذلك لا بد من برامج توعوية تقدم لهم، وتوضح كيفية آلية تنفيذها عندما تقر». إلى ذلك، طالب رئيس المحكمة العامة في الدمام الشيخ إبراهيم السياري بإنشاء أقسام للدراسات النفسية والاجتماعية في المحاكم بالمملكة، وأن تصدر تقاريرها على كل متهم، خصوصاً القصر منهم، وتعرضها على القضاة الذين ينظرون القضايا قبل أن يصدروا أحكامهم، لأن كثيراً من أصحاب الجنح والسرقات يعانون من مشكلات أسرية وفقر وغيره. بينما دعا الاختصاصي النفسي الدكتور سعد المشوح إلى ضرورة أن يفرق القضاة بين أشخاص أصحاء وأخرين يعانون من مشكلات نفسية. وقال القاضي في المحكمة العامة عيسى المطرودي: «يجب أن يتم تأخير النظر في دعاوى طلاب المدارس إلى حين الانتهاء من مواعيدهم الدراسية». التناول الإعلامي للسياسة الجنائية من جانبه، أكد نائب رئيس تحرير صحيفة الرياض الزميل عبدالمحسن الداود في ورقة عمل قدمها خلال الجلسة الرابعة أمس بعنوان «أهمية التناول الإعلامي لمبادئ السياسة الجنائية»، أن التعاطي الإعلامي بخصوص أخبار القضاء أو الجنايات تفتقد بعض الصدقية، وذلك لأن كثيراً من الجهات القضائية تتحاشى التعامل مع الإعلام، وهو ما يجعل الأخيرة تبحث وتنشر عن القضية من طرف واحد. وأضاف الداود: «صحيح أن هناك بعض وسائل الإعلام ما زالت تفتقد الصحافيين المختصين، ولكن هذه القضية تتلاشى إذا وجدت أرضية لنشر الوقائع»، معتبراً أن الصحافة في مجملها تحترم خصوصية القضاء وعلاقته بها جيدة. وعلق الأستاذ في جامعة أم القرى عبدالعزيز الحميدي على أن القراء يلحظون أحياناً وجود مواد صحافية تنشر وتسهم في إضعاف قدر القضاء لدى المجتمع، وتعكس الصورة السلبية عنه، ويتبين فيها أحياناً عدم صدقية القصة بأكملها، ما يجعل الناس يفقدون الثقة بالمؤسسات والأجهزة القضائية.