بيروت، لندن -»الحياة»، أ ف ب - يقول ناشطون سوريون إن حركة تهريب الأسلحة إلى سورية في تزايد، غير إنهم يشددون على ان الأسلحة المهربة «خفيفة» في أغلبها وهدفها «الدفاع عن النفس» ومازالت أبعد ما تكون عن تغيير موازين القوى في سورية. وفي وقت دخلت الانتفاضة الشعبية شهرها الثامن، يجمع خبراء على ازدهار حركة تهريب السلاح الخفيف الى الداخل السوري من دول حدودية، بينها لبنان وتركيا والعراق، غير انهم يؤكدون انها لا تتم برعاية سياسية أو اقليمية «بل تبتغي الربح قبل كل شيء». وأشار ناشطون إلى ان شراء الأسلحة انتشر في سورية بين كل أطياف المجتمع، المعارضين فيه للنظام أو الموالين، الذين يخشون من عمليات انتقام أو ثأر. وفي هذا الصدد قال أحد الناشطين ل «الحياة»: «الذين يبيعون السلاح لا يبيعونه على أسس سياسية. من لديه المال يشتري. الأمر بهذه البساطة». ويقول الباحث بيتر هارلينغ من مجموعة الأزمات الدولية (انترناشونال كرايزيس غروب)، إن «شبكات التهريب الناشطة منذ زمن على طول الحدود حصرت نشاطها على ما يبدو منذ اشهر بتهريب السلاح». ويضيف: «نشأ سريعاً سوق للسلاح في بلد لم تكن الاسلحة تتنقل فيه بسهولة كما في لبنان والعراق واليمن وليبيا». ويتابع هارلينغ، الذي يتخذ من دمشق مقراً: «حتى الآن، يبدو دافع المهربين تجارياً»، مضيفاً: «لو كان هناك رعاة أجانب (لحركة التسلح) كما يقول النظام (السوري)، لكانت المواجهة مع القوى الامنية اكثر قوة مما هي عليه». ويؤكد ديبلوماسي غربي في بيروت «حصول عمليات التهريب من لبنان الى سورية، لكنها مبادرات فردية». ويضيف: «قد تكون بين هؤلاء الأفراد شخصيات متعاطفة مع طرف سياسي معين، لكن لا يمكن القول إن فريقاً سياسياً يقف وراء ذلك... لقد أرسل السوريون سلاحاً إلى لبنان على مدى سنوات، والآن ارتد السحر على الساحر». وتم خلال الأسابيع الماضية توقيف عدد من اللبنانيين والسوريين في مناطق مختلفة من لبنان بتهمة تهريب سلاح إلى سورية، وأوضح مصدر قضائي لفرانس برس، ان الاسلحة التي ضبطت معهم هي إما أسلحة صيد وإما أسلحة خفيفة بكميات ضئيلة. وقد ارتفعت أسعار أسلحة الصيد على أنواعها، ونشطت تجارة البنادق الرشاشة والقنابل في السوق السوداء. ويقول تاجر سلاح يملك ترخيصاً قانونياً لوكالة فرانس برس «السوريون يسحبون كل السلاح، لذلك ترتفع أسعاره». ويوضح أن الاسلحة هي «من بقايا الحرب الأهلية (1975-1990) أو تم تهريبها خلال السنوات الماضية من العراق». ويؤكد تاجر آخر يعمل سرّاً في الشمال، ان «سعر الكلاشنيكوف المستعمل ارتفع من 700 او 800 دولار الى 1300 او 1500»، موضحاً ان «بنادق الكلاشنيكوف وذخيرتها مطلوبة أكثر من غيرها». ويوضح التاجر أن الزبائن السوريين يفضلون الكلاشنيكوف الصيني او الروسي على رشاشات من صنع ايراني او عراقي موجودة في السوق. كما ارتفع سعر القنبلة اليدوية من خمسة دولارات إلى اكثر من عشرة، وقذيفة الآر بي جي من سبعين إلى مئتي دولار. وكثر الطلب ايضاً على بنادق الصيد خمس طلقات، الأوتوماتيكية أو من طراز «بامب اكشن»، التي يتم استيرادها من تركيا بسعر يتراوح بين 170 و200 دولار، لتباع ب 400 او 500 دولار. ويشير إلى ان تسليم البضاعة يتم في مناطق نائية ومعزولة، وتنقل الأسلحة غالباً عبر مسالك ترابية وعرة، بالسيارات او سيراً على الأقدام. ومنذ منتصف تموز (يوليو)، تقلصت إلى حد بعيد عمليات تهريب المازوت والاغذية وغيرها من السلع القائمة بين لبنان وسورية منذ عقود في ظل غض الطرف من الحكومتين، بسبب الاجراءات الامنية المشددة التي اتخذها الجيش السوري على الحدود لمنع فرار جنود وتهريب سلاح. وتسبب ذلك بتقييد حركة تهريب السلاح، لكنه لم يوقفها. ويقول الخبير العسكري الياس حنا: «هناك أكثر من خمسين معبراً غير شرعي بين لبنان وسورية ... ويستحيل نشر جندي في كل متر» من الحدود الممتدة على مسافة حوالى 330 كلم بين البلدين. ويضيف: «الحكومة اللبنانية الحالية موالية لدمشق وقد اتخذت تدابير مشددة لمنع تهريب السلاح، وكذلك فعل حزب الله». ويوضح أحد وجهاء منطقة وادي خالد الحدودية الشمالية، ان «هناك شقاً في عمليات التهريب يمليه التعاطف مع المعارضين السوريين، فالبعض يحاول ان يوفر للثوار أدوية ودماً وأمصالاً وسلاحاً». ويضيف: «ألاّ أن الشق الاكبر يتعلق بالتجارة، فالسلاح كما الدواء مطلوبان بقوة في سورية، ويتم بيعها بأسعار خيالية». ويؤكد هارلينغ ان هدف اقتناء السلاح «حتى الآن من الجانبين هو الدفاع عن النفس»، موضحاً ان «هناك قرى موالية للنظام تسلحت بشكل واسع خوفاً من عمليات ثأر محتملة. فيما يميل المحتجون أكثر فأكثر الى التسلح لمواجهة نظام يجعل الشعب يدفع ثمناً باهظاً لكل شكل من أشكال الاحتجاج». ويؤكد العميد المتقاعد أن «نوعية السلاح الخفيف الذي يدخل سورية حالياً لا تؤدي إلى قلب موازين القوى. ولا توجد هيكلية منظمة لتهريبه