رفعت مؤسسة «جدوى للاستثمار» تقديراتها لنمو الناتج المحلي الاجمالي في المملكة العربية السعودية من 5.6 في المئة إلى 7.1 في المئة خلال العام الجاري، كما حسنت توقعاتها لفائض الموازنة والحساب الجاري، مشيرة الى ان مستويات التضخم ستكون أدنى مما كان متوقعاً، وأكدت أن الاقتصاد السعودي سيحقق أداء قوياً خلال العام الجاري على رغم الأخطار التي تهدد الاقتصاد العالمي في ظل الغموض الذي يلف الأحداث في منطقة اليورو. وأشارت في تقرير أصدرته أمس الى ان توقعاتها الجديدة بنيت استناداً الى بيانات حديثة أقوى من التوقعات، لافتة الى ارتفاع إنتاج النفط إلى قرب أعلى مستوياته بينما ظلت أسعار النفط متماسكة على رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية العالمية. ارتفاع انتاج النفط وأورد التقرير ان السبب الرئيس للزيادة الكبيرة «في تقديراتنا بنمو الناتج الإجمالي الفعلي من 5.6 في المئة إلى 7.1 في المئة، يعود إلى تعديلنا بالرفع لتوقعاتنا في شأن حجم إنتاج النفط، حيث بلغ هذه السنة مستويات لم يسجلها منذ فترة طويلة نتيجة سعي المملكة الى سد النقص الناجم عن انقطاع امدادات النفط من ليبيا. وعلى رغم استئناف ليبيا عمليات إنتاج النفط، (تشير التقارير إلى أن انتاجها قد بلغ 350 الف برميل يومياً في مطلع تشرين الاول /أكتوبر)، فقد ظل إنتاج النفط السعودي مرتفعاً اذ أشار وزير البترول السعودي اخيراً إلى أن إنتاج المملكة من النفط ارتفع إلى 9.39 مليون برميل يومياً في أيلول (سبتمبر) مقارنة بنحو 8.1 مليون برميل يومياً في الشهر ذاته من العام الماضي». وفي هذا المجال رفعت «جدوى» تقديراتها لمتوسط الإنتاج هذه السنة إلى 9.2 مليون برميل في اليوم بدلاً من 8.8 مليون برميل. وأوضحت ان تغييراً كبيراً لم يطرأ «على مجمل توقعاتنا في ما يتعلق بنمو القطاع غير النفطي». وتوقف التقرير عند سلسلة مؤشرات اقتصادية بينها بيانات شهرية تدل على نمو قوي جداً في الإنفاق الاستهلاكي، «حيث فاقت قيمة السحوبات النقدية من أجهزة الصرف الآلي خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة، مستواها للفترة ذاتها من العام الماضي بنحو 24 في المئة كما، ارتفعت قيمة عمليات نقاط البيع بنسبة 37 في المئة، ما يشير إلى نمو قوي في قطاع التجزئة الذي يضم تجارة الجملة والمطاعم والفنادق، والذي نتوقع أن يسجل أسرع معدلات نمو ضمن القطاعات غير النفطية، حيث بلغ عدد الحجيج نحو 4.93 مليون حتى الآن بما يفوق العام الماضي بنحو 60 في المئة. لكن تأثير الأداء القوي لقطاع التجزئة على بقية الاقتصاد سيكون ضعيفاً نسبياً حيث يذهب معظم الإنفاق الاستهلاكي إلى السلع المستوردة. وقد فاق حجم واردات السلع الاستهلاكية عبر الموانئ خلال الأشهر السبعة الأولى، مستواها خلال الفترة ذاتها من عام 2010 بنحو 15 في المئة». ولفت التقرير الى نمو قوي في قطاع التشييد «حيث ارتفعت مبيعات الأسمنت خلال الأشهر التسعة الأولى بنحو 12.6 في المئة، وحجم واردات مواد البناء عبر الموانئ السعودية بين كانون الأول (يناير) وتموز (يوليو) بنحو 8 في المئة مقارنة بمستواها خلال الشهور السبعة الأولى من عام 2010. ويجب أن يظل قطاع التشييد أحد أسرع القطاعات نمواً خلال السنوات المقبلة في ضوء برنامج الدولة الضخم لتوفير السكن للمواطنين». ولفت تقرير «جدوى للاستثمار» الى ان النمو في قطاع الاتصالات آخذ في التباطؤ بعد أن دأب على تسجيل أعلى معدلات النمو بين القطاعات المختلفة في السنوات الماضية لكنه لا يزال جيداً، «فقد ارتفع عدد مشتركي الجوال 6.2 في المئة خلال النصف الأول مقارنة بنحو 15 في المئة العام الماضي وبمتوسط نمو للعامين الماضيين بلغ 25.6 في المئة. في المقابل ارتفع عدد مشتركي الانترنت بنسبة 9.7 في المئة خلال النصف الأول بما يعادل نمو عام 2010 بأكمله، واستمرت أعداد مشتركي خدمة البرودباند في ازدياد مضطرد». وشدد التقرير على أن انتعاش الإقراض المصرفي شكّل أحد العوامل المهمة التي دعمت القطاع الخاص، «فقد تجاوز معدل نمو القروض المصرفية في آب (أغسطس) توقعاتنا بدرجة طفيفة حيث بلغ معدل نموها السنوي 9.4 في المئة وهو الأعلى منذ نيسان (أبريل) عام 2009، بينما سجل متوسط نموها الشهري حتى الآن ارتفاعاً بنسبة واحد في المئة وهو مستوى لم نشهده منذ الربع الأخير من عام 2008». واعتبرت «جدوى» ان ضخامة الإنفاق الحكومي ولّدت شعوراً بالارتياح لدى المقرضين والمقترضين على حد سواء إزاء الأوضاع الاقتصادية. مؤشر مديري المشتريات وحددت المؤسسة في تقريرها عاملين يؤثران على نظرتها المتفائلة، «أولهما تراجع مؤشر مديري المشتريات في ايلول إلى أدنى مستوياته على مدى عامين بما قد يعكس تداعيات الاضطرابات في منطقة اليورو والأسواق العالمية، لكنه لا يزال يميل إلى جانب الانتعاش في الاقتصاد. أما ثانيهما، فلا توجد علاقة بين مبيعات الأسمنت والناتج الإجمالي لقطاع التشييد على رغم العلاقة المنطقية المفترضة. وينطبق الأمر على بيانات السحب من أجهزة الصرف الآلي ومعاملات نقاط البيع مع النمو في قطاع التجزئة». وبينت ان التضخم حقق أداءً أفضل من توقعاتها فقد بلغ متوسطه على أساس سنوي خلال الشهور الثمانية الأولى نحو 4.8 في المئة، وظل يراوح بين 4.6 في المئة و4.9 في المئة منذ شباط (فبراير) علىرغم ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي والحكومي بالوتيرة ذاتها. ورجحت تجاوز معدل التضخم خمسة في المئة قبل نهاية السنة، لكن عدلنا توقعاتنا لمتوسط التضخم بخفضها إلى 4.9 في المئة من 5.4 في المئة».