بأشكالهم اللافتة وإكسسواراتهم التي تجذب الانتباه، يجلس شباب «الإيمو» في أحد النوادي الحديثة في مدينة الكرادة المكتظة بالشباب والمحال التجارية والعائلات، فظاهرة «الإيمو» المعروفة في الغرب بدأت بالانتشار في أوساط الشباب العراقي في مدارس بغداد وجامعاتها، وأصبح من «الطبيعي» رؤيتهم بملابس يغلب عليها اللون الأسود، وسراويل الجينز الضيقة، متزينين بأكسسوارات على شكل جماجم وتسريحات شعر غريبة. وتنتشر ظاهرة «الإيمو»، أو كما يطلق عليها البعض هنا «البلاي بوي»، أو يسمّيها آخرون «عبدة الشيطان»، بشكل كبير بين الشباب من الجنسين، لدرجة دفعت المحالَّ التجارية العراقية لطرح الكثير من الملابس والإكسسوارات الفضية الضخمة التي تكون غالبيتها على شكل جماجم، ويحب شباب «الإيمو» ارتداءها. ويلتقي الشباب في مساءات عدة من الأسبوع عند أطراف منطقة الكرادة، مقابل مبنى الشروق، يجمعهم حب الاعتناء بالمظهر الغريب والجدل حول آخر تقليعات الملابس وتسريحات الشعر وتقليعات الأوشام. وبحسب أنمار محمد (21 سنة)، فإن أصدقاء له شكلوا مجموعة لافتة، إذ ثقبوا آذانهم ووضعوا فيها الأقراط وحرصوا على إبراز القلائد والسلاسل المعدنية والفضية على صدورهم، فضلاً عن مظهرهم العام المثير للانتباه، فيرتدي الواحد منهم الحلي والأساور ويزين بعض الأجزاء الظاهرة من جسده بأشكال غريبة من الأوشام. وتستقطب موسيقى ال «هافي ميتل» الصاخبة والسوداوية، إضافة إلى موسيقى «الهارد روك» اهتمام هؤلاء المراهقين الذين يستمعون اليها بشكل كبير. أحمد مصطفى (19سنة) يرى في موضة «الإيمو» التي يعتمدها، وسيلةً للظهور بشكل مميز، ولا يجد أيَّ رابط بينها وبين ما يروجه البعض، من أنهم يتحولون في ما بعد إلى عبدة الشياطين. ويقول إن «الإيمو بحد ذاته ليس ديناً أو عبادة، وإنما ثقافة ثانوية، ينتمي إليها مراهقون عاديون من أديان مختلفة، كما أنهم لا يمارسون طقوساً أو شعائر ولا يقومون بأعمال تشير إلى انتمائهم إلى مثل هذه الأمور». واللافت في شباب «الإيمو» بشكل عام، هي الحركات والإشارات الخاصة التي لا يفهمها غيرهم، فهم يتبادلونها ويمارسونها من دون قدرة الآخرين على التقاطها. وتتشكل أزياء هؤلاء من الملابس القاتمة عموماً، مع التركيز على اللونين الاسود والوردي الداكن، تعبيراً عن الحزن. وتتراوح السراويل بين الضيقة جداً والفضفاضة جداً من دون حل وسط بينها. وغالباً ما تطبع على الملابس أو الأساور الجلدية التي تطبق على المعصم كلمات من أغاني الروك الشهيرة. ويعتمد هؤلاء تسريحة شعر خاصة تكون الخصل الامامية فيها منسدلة لتغطي كلتا العينين أو إحداهما، وذلك «لإخفاء المشاعر والدموع» -كما يقول البعض-، أو لأنهم «يرون نصف الكأس الفارغة» كما يقول آخرون. وترى ساره مجيد (17سنة)، وهي من «الإيمو»، أنها تجذب الانتباه وتحصل على نوع من الاهتمام الخاص من الآخرين. وتقول: «أنا مولعة بالظاهرة وأتابع آخر صيحات موضة الإيمو على مواقع الانترنت ومجموعات فايسبوك». وتقدم محلات تجارية متخصصة في عدد من أحياء بغداد، مثل المنصور والكرادة وشارع فلسطين وزيونه، أزياء وإكسسوارات «الإيمو»، وغالبيتها ذات لون فضي أو أسود، كما يمكن الحصول عليها من باعة الأرصفة في شوارع بغداد. ويقول سامر، وهو صاحب محل تجاري، إن هناك إقبالاً كبيراً على شراء ملابس «الإيمو» وكل ما يتعلق بهم. ويضيف: «لدينا زبائن يتصلون بنا باستمرار لمتابعة كل ما هو جديد في هذا المجال». ويُرجع الدكتور سلمان عطية المتخصص في علم الاجتماع، إقبال الكثير من الشباب على ظاهرة «الإيمو» الى حاجة لجذب الانتباه والحصول على نوع من الاهتمام، «فالظروف الصعبة وعدم الاستقرار الذي عانى منه العراق في العقود الأخيرة، أثرت سلباً على المجتمع، وخصوصاً على فئة الشباب، فضلاً عن الإحباطات المتراكمة، بسبب الحروب وما نجم عنها من تفكك في مختلف المؤسسات بما فيها الأسرة. والعائلة عندما تتفكك لا تستطيع أن تلبي الحاجات النفسية والمادية لأبنائها، مما يدفع بهؤلاء الأبناء إلى التعبير عن ذاتهم بطرق مختلفة حتى وإن كانت غريبة عن مجتمعاتهم». ويشرح ان «الانفتاح المفاجئ والمطلق للمراهقين على وسائل الإعلام الحديثة، كالفضائيات والإنترنت والهواتف الذكية، ساهم في انتشار ظاهرة الإيمو وغيرها من الظواهر المستوردة، مما يولد لدى الشباب قابلية لتقليد الكثير من الأشياء وتجريبها، خاصة في ظل غياب جهات ترشد وتوضح حقيقة هذه الظواهر ونتائجها عليهم».