شجعت الرغبة التي يبديها الاميركيون والأوروبيون حالياً بالعودة الى غزو الفضاء لفك ألغازه وسبر ماهيته بدءاً بكوكب المريخ مراكز الأبحاث المختصة في صناعة وتطوير اجهزة الروبوت على الدخول في تنافس ضمن المركز الواحد، لجعل أجسام أو هياكل هذه الأجهزة تتفاعل مع الوسط المحيط بها طبقاً لما تتلقاه من تحريض عبر لواقطها، بحيث تكون قادرة على الهرب والبحث والتفتيش والتقاط الأشياء ومتابعة التعلم. وللتوصل الى هذه النتيجة لا بد لهذا النظام الاصطناعي الذكاء من امتلاك "مشغلات" كالعجلات أو الملاقط أو أعضاء أكثر تعقيداً تحاكي الأعضاء الحيوية التي تمتلكها الكائنات الطبيعية. وأبدع الباحثون في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا في هذا الميدان حيث عمدوا الى تزويد أنظمتهم بعضلات اصطناعية لتمكين أجسام الروبوت من القيام بحركات انسيابية التفافية، كالثعابين، اضافة الى التمدد والتقلص على غرار الحلزون. وقد استوحى معهد اطلنطا للتكنولوجيا جهاز روبوت دقيقاً جداً من شكل وآلية عمل الحشرات حيث يرتفع في الجو بفضل جناحيه، ويأمل الباحثون ان يجوب هذا الجهاز ويطير قريباً في اجواء كوكب المريخ. لقد بدأت أبحاث الروبوت تتخذ فلسفة مختلفة، تقوم على وضع الذكاء الاصطناعي بين اللواقط والمشغلات لاجراء الاتصالات المناسبة في اللحظة الحاسمة، والابتعاد عن منهجية البرمجة المسبقة للاضطلاع بتنفيذ مهمات معروفة سلفاً ومحدودة. بمعنى ان العقل الاصطناعي سيقوم بحركات غير مكررة تبعاً لطبيعة المعلومات التي يتلقاها الروبوت والظروف المحيطة به لحظة تلقيها. وهنا سيقترب الدماغ الاصطناعي من آلية عمل العقل البشري حيث يتعين على الروبوت ان يتمتع بالسلوكية الملائمة من دون ان يكون الانسان مضطراً لتزويده بالارشادات الواجب اتباعها مسبقاً. وتقوم هذه الطريقة على جعل هذه المعدات تتمتع بالقدرة على التعلم، أي انه ينبغي على الروبوت خفض أو تعزيز عمليات الوصل الالكترونية طبقاً لفرص نجاح أو فشل التجربة أو المهمة التي يقوم بها. لقد انطلق الباحثون في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا من واقع انه إذا كان باستطاعة الروبوت التفكير بفضل مجسه الاصطناعي الذي يتخذ شكل كلب لتمييز الأشياء بفضل مجساته الالكترونية، فهل يمكن أن يفكر الروبوت كالانسان اذا امتلك جسدا اصطناعيا مشابها؟ وبعد اكثر من ست سنوات من البحث والتجريب اللذين أفضيا الى تطوير اجهزة روبوت على شكل انسان قادرة على تحريك حدقة العين للنظر الى شيء جامد موجود في حقلها البعدي، كما تعلمت التوقف وتحريك أذرعها عندما تواجه عقبة ما وتليينها أو شدها حسب مقتضيات الحال وذلك من دون اية برمجة مسبقة. وفي ورشة مجاورة في المعهد الاميركي للتكنولوجيا في ماساشوستس يركز فريق من الباحثين عملهم على الروبوت "الاجتماعي" Kismet وهو عبارة عن رأس مزود بجهاز بصري يمكنه من توجيه نظره صوب الاشياء التي تجذب انتباهه، أما أذناه فتتميزان بالحساسية البالغة والقدرة على تمييز نبرات اصوات الناس وتنوعها، مما يسمح لهذا الروبوت بالتعبير عن غضبه وملله وسروره أو تعصيبه أو نعاسه، وذلك طبقا لتفاعله مع الوجوه التي يقابلها، كما يستطيع التلفظ ببعض الكلمات. ويحتوي الروبوت Kismet على ثلاثة برامج أساسية تدفعه على التفاعل والتحريض والنوم لاعادة حالته العاطفية الى نقطة الصفر. وينتقل هذا الروبوت من حال نفسية أو عاطفية الى أخرى تبعاً للحركية الداخلية في هندسته والقدرة على ضبط ما يتلقاه من المحيط الخارجي. ومن هنا فإنه قادر على التفاعل مع المحيطين به من الأشخاص سواء بالنظر أو الاستجابة لنبرات الصوت، واذا ما شعر بالملل يبحث عن شيء يجذب انتباهه مما يتواجد في مجال حقله البصري وذلك لرفع درجة حماسه وانفعاله. واذا ما واصل الباحثون تجاربهم لتحسين أداء أجهزة الروبوت وتقريبها من آلية عمل العقل البشري فإن البشرية قد تحلم بولادة روبوت "حكيم" ذات يوم يعطي مخترعه دروساً في الضمير