باءت بالفشل المحاولات التي قام بها الخبير الاميركي في علوم الكومبيوتر دوغلاس لينات البروفسور في جامعة ستانفورد، لتطوير عقل معلوماتي قادر على الحوار مع الانسان بلغة طبيعية، وتحول مشروعه CYC اليوم الى محرك بحث عن المعلومات على شبكة الانترنت يتحلى بقدر كبير من الفعالية. وحلل علماء الروبوت والعقل المعلوماتي اسباب الفشل واعتبروا ان مثل هذه الاجهزة بحاجة لاكتساب اختبار العالم الخارجي والتفاعل معه على غرار ما يفعل النظام البيولوجي، لأن المعلومات والمعارف التي سجلها هذا الروبوت بقيت نظرية ولم تتعدل كما يحدث لدى الانسان لإدراك العالم المحيط به. ومع هذه التجربة اعلنت مختبرات معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا موت الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي وفتحت صفحة ما بات يسمى بالذكاء الاصطناعي المدمج في الجسم الذي يعرف بهندسة التحكم الذي يعتمد على التطور شيئاً فشيئاً عبر مضاعفة التفاعل مع البيئة بواسطة تزويد اجهزة الروبوت بأعضاء حواسية، لذلك بات من غير المجدي نسخ المعلومات وحفرها في الجهاز. وبدلاً من ذلك لا بد من تزويد هذه الأجهزة بوسائل مناسبة تساعدها على ايجاد الحلول بنفسها للمشاكل التي تواجهها. ولكن أي جسم يجب أن يتخذه هذا "العقل"؟ يصر الباحثون على ضرورة لف الجهاز بأعضاء حواسية وهي الكاميرات الدقيقة والمايكروفونات واللواقط الحرارية والكيماوية ومقاييس السرعة وغير ذلك من الالكترونيات الدقيقة القادرة على مساءلة وسبر العالم الخارجي بدون توقف، ويستوحي الباحثون هذه الهندسة من الطبيعة، فقد قلدت مختبرات الروبوت في مارسيليا في روبوت العيون الصناعية النظام البصري لدى الذبابة التي تستطيع رؤية الاشياء جانبياً بفضل شكل عينها المضلع وذلك لتطويق أو جذب العوائق حتى في السرعة العالية. وفي جامعة ميونخ الالمانية يعتمد الروبوت Sahabot على مبدأ استقطاب الضوء في التوجه والتنقل كما يفعل النمل الصحراوي. وفي جامعة طوكيو قام الباحثون بتزويد اجهزة الروبوت بمجسات شبيهة تماما بتلك التي يملكها دود القز الذكر التي تمكنه من رصد دودة القز عن طريق الشم وذلك لتمكينها من اقتفاء أثر الرائحة، ويقوم العلماء في جامعة باريس الخامسة حاليا بتطوير روبوت يتمتع بشاربين يساعدانه على التوجه والتنقل وتمييز ماهية السطح الذي يسير عليه. بمعنى آخر لا بد لأجهزة الروبوت، اذا أردنا لها أن تنفذ المهمات الصعبة المطلوبة منها، من أن تتحلى بجسم قابل للتشغيل يتفاعل مع المنبهات البيئية التي تصله عن طريق اللواقط الالكترونية سواء تعلق الأمر بالهروب أو البحث عن أو الامساك بشيء ما ومتابعة التعلم. ان نظام الذكاء الاصطناعي بحاجة الى أدوات تشغيل قد تكون العجلات والكماشات والى اعضاء أكثر تعقيداً كي يصبح قادراً على تقليد النظام البيولوجي، ومن هنا زود باحثو معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا أنظمتهم بالعضلات الاصطناعية ليكسبوا الجسم حركة الزواحف والليونة التي تتحلى بها الأفاعي والحلزون والانسيابية المتوافرة في أجسام الأسماك، لذلك لا تعمل مختبرات المعهد المذكور إلا على تطوير اعضاء وأرجل متعددة متمفصلة جاهزة لمواجهة أي نوع من السطوح السهلة والجبلية منها والوعرة والمنحدرة. وفي معهد جورجيا للتكنولوجيا تم تطوير روبوت حشرة ذي اجنحة من المقرر له ان يطير ذات يوم في اجواء كوكب المريخ، في حين انهت جامعة بيركلي العمل على انتاج حشرة اصطناعية لا يتعدى طولها 25 ميليمتراً تعتبر نسخة طبق الأصل عن ذبابة الحل، وفي جامعة Nagoya اليابانية يعمل الخبراء على تقليد آلية تنقل القردة من غصن شجرة الى آخر لتطبيقها في أجهزة الروبوت. ان تطوير الذكاء الاصطناعي بات يقوم على فلسفة جديدة تعتمد على التفاعل بين اللواقط والمشغلات لإقامة الوصل الصحيح في الوقت المناسب والابتعاد نهائياً عن البرمجة المسبقة لتنفيذ مهمات معينة، وبهذا فإن عقل الذكاء الاصطناعي لا يكرر الحركات انما يتصرف تبعاً للطريقة والزمان والمكان التي يتلقى فيها الروبوت المعلومات