إذا كان طفلك بتماس مع أحد المصابين بداء جدري الماء، فكان الله في عونه. إذ أن حظوظه في التقاط المرض عالية جداً جداً، نظراً إلى العدوى الشديدة التي يتمتع بها الفيروس المسبب له. وداء جدري الماء هو مرض يشاهد بشكل خاص عند الأطفال، وتتم العدوى به عن طريق الرذاذ التنفسي أو بالتماس المباشر، ويتظاهر المرض بادئ ذي بدء بارتفاع الحرارة وسيلان في الأنف وتعب عام وأوجاع في الرأس والعضلات والحلق والمفاصل، إضافة إلى فقدان الشهية على الطعام، وبعد يوم إلى يومين من معاناة الطفل من السخونة تظهر على جلد الطفل بقع جلدية حاكة حمراء اللون، وفي الساعات الأولى لظهورها تتحول هذه إلى حويصلات ذات جدران رقيقة تمتلئ بسائل رقراق وتحاط بحافة حمراء. وفي اليوم التالي تتراجع الحويصلات وتتقعر في مركزها مؤدية إلى تشكل آفة حلقية ثم لا تلبث هذه أن تجف رويداً رويداً، تاركة خلفها قشوراً تتساقط بعد أيام من دون أن تخلف وراءها آثاراً تذكر. إن مشاهدة آفات جلدية مختلفة العمر في آن معاً أي البقع والحويصلات والقشور وفي باحة واحدة من الجسم، تعد علاقة وصفية لجدري الماء. هل جدري الماء مرض سليم؟ - نعم، ان الاختلاطات الناتجة عن جدري الماء نادرة للغاية وأحدها يثير الحيرة، إذ أن المصاب يتعرض إلى اضطراب في التوازن ما بين اليومين الثاني والتاسع من المرض، إذ لا يقدر على البقاء واقفاً أو قاعداً، وسبب هذا الخلل يعود إلى انتهاك الفيروس الممرض لحرقة المخيخ. إن هذا الاضطراب عابر إذ لا يلبث أن يزول من تلقاء ذاته بعد أسبوعين على الأكثر من وقوعه. هل جدري الماء خطر على الحامل؟ - إذا صدف وكانت الحامل على تماس مباشر مع طفل مصاب بجدري الماء، فيجب اطلاق صفارة الانذار واتخاذ التدابير المناسبة لمواجهة المشكلة بشكل جدي. فإذا كانت الحامل سبق لها أن تعرضت لجدري الماء في صغرها فلا خوف عند ذلك، أما إذا لم تصب به مسبقاً، أو في حال الشك، فيجب انجاز التحاليل المخبرية للوقوف على لب القضية، فإذا كان الاختبار سليماً تعطى الحامل الغلوبولينات المناعية من دون تردد. إن اصابة الحامل بجدري الماء نادرة، لا بل استثنائية ولكن إذا حصلت، فإن العواقب قد تكون وخيمة على الجنين، فإذا تعرضت الحامل للجدري في بداية الحمل فلا خوف على الجنين منه، أما إذا وقع الالتهاب قرب موعد الولادة، فعندها يمكن للفيروس أن يعبر من الأم إلى الجنين عبر المشيمة. إن الخطر يكون على أشده إذا حدثت الولادة خلال الفترة التي يكون فيها دم الأم يعج بفيروس الجدري، وهذه الفترة تقع عادة بين اليومين السابقين لظهور البقع الجلدية والأيام الخمسة التي تلي مشاهدة البقع، فخلال هذه المدة يستقبل الطفل الفيروس، لكنه لا يحصل على مضادات الأجسام المناعية من أمه، لأنها لا تتكون عندها إلا اعتباراً من اليوم الخامس لظهور البقع الجلدية، وفي هذه الحالة يجب عزل الطفل المولود حديثاً عن أمه لمدة 15 يوماً بالتمام والكمال ومداواته بالعقار المناسب الذي لا يخفى على الطبيب المعالج. كيف يعالج جدري الماء عند الطفل؟ 1- تطبيق الضمادات الباردة أو الفاترة للتخفيف من الحكة. 2- اعطاء مضادات الهستامين. 3- اعطاء المسكنات خافضات الحرارة ما عدا الأسبرين. 4- وضع محلول معقم على الآفات الجلدية صباحاً ومساء. 5- مد الطفل بالسوائل. وفي الختام، هناك بعض الملاحظات تتعلق بمرض الجدري هي: الأولى، لا يجوز استعمال بودرة التالك لوضعها على الاندفاعات الجلدية، لأنها يمكن أن تزيد الأمور تعقيداً. الثانية، ان الأدوية المضادة للفيروس المتوافرة حالياً لا نفع لها في داء جدري الماء. الثالثة، هناك لقاح فعال ضد جدري الماء ولكن اعطاءه للأصحاء ما زال محل أخذ ورد. في المقابل، ينصح باعطائه للأطفال الذين يعانون من نقص في المناعة أو لأولئك الذين يتناولون أدوية سيتروئيدية كعلاج طويل الأمد، فتعرض هؤلاء لجدري الماء قد ينقلهم بسرعة إلى العالم الآخر.