الاحكام التي يصدرها القضاة الاسرائيليون بحق متهمين عرب أقسى بكثير من الاحكام التي يصدرونها بحق متهمين يهود بالتهم نفسها. وفي قضايا الامن، يمكن للحكم ضد العربي ان يصل الى 10-15 سنة سجن، وضد اليهودي الى 6 شهور سجن تتحول الى خدمة عامة. حتى القضاة العرب فلسطينيو 48 الذين تبلغ نسبتهم 5 في المئة من الجهاز القضائي، يميزون ضد العرب "لئلا تفسر أحكامهم بأنها متحيزة للعرب". يحظى جهاز القضاء في اسرائيل، بمكانة مرموقة في العالم الغربي، حيث يشيدون به ويقتبسون من أحكامه. قضاته يعتبرون ضيوفاً مرغوبين في العديد من الدول، يقدمون المحاضرات ويشاركون في الابحاث العلمية. وبفضل استقلالية هذا الجهاز، كسلطة ثالثة منفصلة، تعتبر اسرائيل دولة ديموقراطية وجزءاً لا يتجزأ من العالم الغربي والمتحضر. لكن هذه المكانة جاءت بالاعتماد على معلومات ناقصة. ولو قرأ المسؤولون عن أجهزة القضاء في الغرب التقرير العلمي الذي أعدته جامعة حيفا، لكان من المفروض ان يغيروا رأيهم. فالتقرير يشير بوضوح لا يقبل التأويل، الى ان المحاكم الاسرائيلية تميز بين اليهود والعرب من مواطني اسرائيل نفسها. فالحكم الذي تصدره بحق المتهم العربي أقسى بما لا يقاس من الحكم على المتهم اليهودي في التهمة نفسها او في تهمة مشابهة. وعندما نقول أقسى، نقصد انه في بعض الاحيان يكون الحكم على العربي 20-30 ضعفا بالنسبة الى الحكم على اليهودي، خصوصاً في القضايا الامنية والسياسية، التي تتعلق بإشكالات النزاع الاسرائيلي - العربي. ولعل أحد الأمثلة الصارخة على ذلك، والتي لم يرد ذكرها في التقرير، لكن "الوسط" حصلت عليها من ملفات المحاكم نفسها، تتعلق بالتهمة الرائجة جداً اليوم في اسرائيل وهي: "نقل مخربين من الحدود مع الضفة الغربية الى داخل تخوم اسرائيل، لتنفيذ عمليات تفجير". فالمعروف ان غالبية الاستشهاديين الذين نفذوا عمليات داخل مناطق اسرائيلية مدنية، وصلت الى أهدافها بواسطة سيارات اسرائيلية. ولولا ذلك، لما تمكن معظمهم من الوصول. وقام بنقلهم فيها مواطنون اسرائيليون، معظمهم عرب من فلسطينيي 48، وبينهم يهود ايضاً. في بعض الاحيان يكون هؤلاء سائقي سيارات أجرة، وأحياناً اخرى سائقي سيارات خاصة. في بعض الاحيان يجنون بعض المال. وفي أحيان أخرى يكون النقل مجاناً. وفي الغالبية العظمى من الحالات تبين ان السائق الذي ينقل الاستشهادي، لا يعرف شيئاً عنه أو عن أهدافه، وينقله ببراءة او بسذاجة أو بحثاً عن المال. وقد اطلعت "الوسط" على خمسة ملفات تدخل في هذا الاطار، أربعة منها كان المتهم عربياً، وفي الخامس كان المتهم يهودياً. خالد عاشور متهم بنقل منفذ عملية "مدراحوف" في تل ابيب، وسعيد سليماني متهم بنقل منفذ عملية "ديزنغوف" في تل ابيب، واحمد جابر متهم بنقل منفذ عملية المجمع التجاري "هشارون" في نتانيا، ومحمود ناجي متهم نقل منفذ عملية "الدولفيناريوم" في تل أبيب، والأربعة من فلسطينيي 48، أما سائق التاكسي اليهودي عوفر شفارتسبويم، فهو متهم بنقل منفذ عملية مفترق "جيها" قرب معسكر الجيش في صرفند التي قتل فيها أربعة اسرائيليين. في دفاع الخمسة تبين انهم لم يعرفوا هوية الشخص الذي نقلوه في التاكسي، لكن القضاة رفضوا الادعاءات. وعلى رغم ان النيابة لم تقدم أي أدلة تدين العرب الأربعة بمعرفتهم او بالتنسيق مع منفذ العملية الا ان ادانتهم كانت اسرع القرارات التي اتخذت. وبرز موقف القضاة من خلال الأحكام التي صدرت بحق الاربعة العرب. اذ سجل القضاة، فقط في ملفات العرب، موقفهم من التهم الموجهة والعمليات الاستشهادية . سائقو التاكسيات ففي قرار الحكم في ملف عاشور سجّل القاضي الدوافع التي جعلت المحكمة تتخذ قرارها القاسي بسجنه 15 عاماً، بالقول: "ان "دولة" اسرائيل، لأسفنا الشديد، تعاني الكثير من العمليات "الارهابية" التي يصعب على العقل الانساني فهمها، وطالما ان المنتحرين ومرسليهم لم يفهموا ان طريق الارهاب ليس الطريق الصحيح، فعلى الاقل على المحاكم محاربة هذه الظاهرة واجتثاثها. وفي مثل هذه الحالات على المحكمة ان تردع سائقي التاكسيات، بعدم نقل الانتحاريين او من لا يحملون تصاريح دخول الى اسرائيل الى داخل الخط الاخضر". وجاء حكم المحكمة بالسجن 15 عاما لعاشور، وفي الملفات الثلاثة ضد فلسطينيي 48 فرض السجن الفعلي لمدة عشر سنوات على سعيد سليماني واحمد جابر و12 سنة ونصف سنة على محمد ناجي. لكن من يراجع ملف شفارتسبويم يجد الصورة مختلفة تماماً، على رغم ان الحيثيات مشابهة تماماً. فمنذ البداية جرى التعامل مع الملف بشكل آخر. بداية جرى تعديل التهمة من المساهمة في القتل المتعمد الى "القتل غير المتعمد". وعلى رغم ان قرار الحكم بمثل هذه القضية يتعدى ست سنوات، الا ان القرار النهائي، ولان المتهم يهودي، لم يتجاوز ستة اشهر سجن تحولت الى خدمة الجمهور في مؤسسة عامة. ومثل هذه القضية نشهد عشرات الملفات ضد فلسطينيي 48 متهمين بإيواء فلسطينيين من الاراضي الفلسطينية من دون تصاريح، او استشهاديين كانوا في طريقهم لتخطيط عملية استشهادية. آخر هذه الملفات كان الشهر الماضي وقضى بالسجن الفعلي لمدة ثماني سنوات على امرأة عربية من منطقة البطوف، سمحت لشاب فلسطيني بالنوم في بيت لها قبل تنفيذ عملية استشهادية، على رغم انها اكدت انها لم تكن تعرف بما يخطط له الاستشهادي. ما تطرقنا اليه أعلاه كان عن ملفات أمنية نظرت فيها اسرائيل، طوال الوقت، بخطورة. وعلى رغم التمييز والقرارات القاسية لم يرتفع اي اعتراض او حتى المقارنة مع قرارات صدرت بحق يهود دينوا بالتهمة نفسها ولم تتجاوز السجن لاشهر قليلة ومعظمها تحولت في ما بعد لخدمة في مؤسسات عامة او السجن مع وقف التنفيذ. لكن التمييز لم يقتصر على هذا الموضوع الامني الحساس بل برز ايضا في القضايا الجنائية مثل العنف او القتل او السرقة او الاغتصاب. البحث المذكور اجراه البروفسور جدعون فيشمان والبروفسور ارييه رطنر من جامعة حيفا وهو الثاني من نوعه. وقد انتهى اعداد نتائجه الشهر الماضي، وسط تجاهل تام ليس فقط من وسائل الاعلام العبرية والعربية انما من المؤسسات العربية واليهودية الفاعلة في مجال حقوق الانسان. ولدى توجهنا الى معظم هذه المؤسسات لم نجد أياً منها اتخذت الخطوات الضرورية لمواجهة المعطيات الخطيرة التي كشف عنها البحث. الباحثان اجريا قبل بضع سنوات البحث نفسه وتبين ان التمييز بين قرارات المحاكم الاسرائيلية في ملفات العرب واليهود شاسع. وأن التمييز يبدأ من المرحلة الاولى للاتهام، اي عندما تصل الشرطة، ثم عندما تصل القضية الى النيابة العامة، وتبين ان نسبة اغلاق الملف بين اليهود تصل الى 42 في المئة فيما لا تتعدى بين المتهمين العرب 39 في المئة، وهذه الفجوة تتسع عندما يصل الملف الى المحكمة ليبت القضاة فيها لتصل الى ضعفي النسبة بين الاثنين. هذه النتائج في البحث الاول لم تحرك ساكناً لدى اي جهة مسؤولة ما أدى الى مواصلة السياسة ذاتها الى ان تفاقمت أكثر وانعكست بشكل أخطر في البحث الجديد. والأكثر إزعاجاً في نتائجه عندما يجري الحديث عن قرارات أصدرها قاض عربي، اذ تصل النسبة بين القرارات التي تفرض على العربي في مقابل اليهودي الى 80 في المئة مقابل 44 في المئة على اليهودي، مع العلم أن في اسرائيل 500 قاض في المحاكم يشكل العرب نسبة 5 في المئة منهم. البحث تناول 3229 ملفاً جنائياً في محكمتي حيفا والناصرة. ودرس نسبة التأثير للاطراف ذات العلاقة: القضاة والمتهم والضحية والدفاع والمدعية. وتبين ان القضاة اليهود والعرب على السواء يفضلون فرض السجن الفعلي على العربي على عكس التعامل مع المتهم اليهودي. فعندما يجري الحديث عن ملف جنائي ليهودي لا توجد له خلفية جنائية ويبت فيه قاض يهودي فإن نسبة فرض السجن الفعلي تصل الى 39 في المئة في مقابل 51 في المئة لمتهم عربي. اما عندما يكون المتهم يهودياً والقاضي عربياً فإن نسبة الحكم بالسجن تكون 22 في المئة وترتفع الى 59 في المئة عندما يكون المتهم عربياً. وتزداد الفجوة في القرارات عندما يجري الحديث عن متهم له خلفية جنائية. فإن نسبة الحكم بالسجن لمتهم يهودي أمام قاض يهودي ترتفع الى 33 في المئة وتتضاعف الى نسبة 74 في المئة عندما يكون المتهم عربياً. اما اذا كان القاضي عربياً فإن النسبة ترتفع الى 44 في المئة في ملف متهم يهودي في مقابل 80 في المئة في ملف متهم عربي. ويرى الباحثان لدى تلخيصهما البحث، ان هناك تاثيراً كبيراً لقومية الضحية عندما يكون القاضي عربياً. فعندما يكون الضحية والمتهم يهوديين فإن نسبة الحكم بالسجن الفعلي تكون 40 في المئة في مقابل 14 في المئة اذا كان الضحية عربياً. اما عندما يكون المتهم عربياً والضحية يهودياً فإن النسبة ترتفع الى 77 في المئة. ويؤكد الباحثان ان القرارات في ملفات المتهمين العرب عندما يكون الضحايا يهوداً تكون دائما ضد المتهم. ومن وجهة نظر الباحثين فان عدم معالجة نتائج البحث الاول ادى الى تفاقم الوضع ومضاعفة النسبة في هذه الظاهرة، ما يشكل خطراً لتحويل كل القضية الى ظاهرة سيكون من الصعب لاحقا الحد منها. ويرى البروفسور رطنر ان هذه النتيجة نابعة من سياسة التمييز المتبعة في اسرائيل منذ اكثر من 55 عاماً. ويرفض التعليق على تعامل القضاة العرب بالموضوع من منطلق عدم بحث الظاهرة. ويعلق على نتائج البحث بالقول: "الوضع الذي يعيشه المجتمع الاسرائيلي انتج هذه المعطيات والتمييز بعدما تغلغلت في جهاز القضاء"، ولذا يؤكد ان "التربية والتوعية وإثارة الموضوع هي العلاج لهذه الظاهرة المؤلمة". لكن هناك من يصف القضاة العرب بأنهم اما يريدون ان يظهروا ملكيين اكثر من الملك، او انهم يخافون من اتهامهم بالتمييز ضد اليهود والتييز لمصلحة العرب، فيصدرون احكامهم بهذه القسوة. نقابة المحامين تتدخل هذه المعطيات عرضت على المحكمة العليا ورئيسها القاضي اهارون باراك، لكن حتى الآن لم تتخذ قرارات في معالجتها. والسؤال المطروح: لماذا معطيات كهذه لم تقلق فلسطينيي 48 ولم تحرك ساكناً لدى المؤسسات الفاعلة في مجال حقوق الانسان؟ من المتوقع نهاية هذا الشهر استضافة معدي البحث في نقابة المحامين في شمال اسرائيل والاستماع الى نتائجه ضمن برنامج يشمل قضايا عدة، وربما طرح الموضوع بهذا الشكل سيؤدي الى تعامل مشابه للتعامل مع البحث الاول. ويرى المحامي زكي كمال ان الخطوة التي يجب اتخاذها حاليا للحد من هذا التمييز هي مبادرة مجموعة من الحقوقيين العرب للاجتماع مع رئيس المحكمة العليا ورؤساء المحاكم والمستشار القضائي والنائب العام والنواب العامين للبحث في كيفية اثارة الموضوع في وسائل الاعلام، خصوصاً العبرية. ويقول: "طالما الاعلام لا يتكلم عن الموضوع فلا يمكننا الوصول الى نتيجة لان الاعلام أفضل وسيلة ضغط على المسؤولين لبحث القضية وايجاد الحلول لها، وعلينا طرح الموضوع بعيداً عن الشعارات والحديث الديماغوجي مع الأخذ في الاعتبار حساسية بحث قضية مع جهاز قضائي له أهميته وعدم اعلان حرب عليه. فطريق الحوار هو الحل الافضل في مثل هذه الحال". ويعلق المحامي كمال على النتائج بالقول: "المفروض ان يمثل الجهاز القضائي قمة العدالة، وما شاهدناه في نتائج البحث هو أمر لا يمكن قبوله. ولا يمكن لجهاز القضاء تجاهله او المرور عليه مر الكرام". ويلفت محدثنا الانتباه الى ان التمييز حتى في المحاكم الاسرائيلية يظهر بين يهودي من أصل شرقي وآخر من أصل غربي، ويتفاقم عندما يجري الحديث عن العرب ويقول: "تجاهل الموضوع منذ اجراء البحث الاول يعود الى عدم تهيئة الرأي العام الاسرائيلي لخوض نقاش في أهمية ومكانة الجهاز القضائي والاعتقاد بأنه لا يمكن المساس بهذا الجهاز ولا حتى انتقاده. الى جانب هذا تكمن المشكلة في تجاهل رجال القضاء للموضوع حيث كان يتوجب عليهم رفعه الى أعلى الهيئات. بل ان الامر يتطلب عقد جلسة حكومة خاصة لبحث الموضوع". وحسب المحامي كمال، فإن القرارات التي تصدر ضد العرب غير متعمدة ومن دون خلفية سياسية، انما تعود الى طبيعة القاضي حيث ان كل واحد منهم جاء من مجتمع معين ولا بد أنه تأثر به مما يثير التفكير بأن هناك شيئاً وراء العقل الموضوعي ناتج عن الفكرة عن العربي والخلفية التي تربى عليها. فمثلا هناك من يرى ان العنف يقتصر على فئة معينة مثل العرب او حتى اليهود الشرقيين حيث التمييز يظهر ايضا بين يهود شرقيين ويهود غربيين. ويرفض كمال ان تكون نتائج البحث المتعلقة بالقاضي العربي تعود الى سياسة خاصة داخل جهاز القضاء يتم بموجبها توزيع الملفات بشكل مدروس، ويقول: "أرى ان هذه النتائج تأتي من منطلق مواجهة ظاهرة العنف بعقوبات قاسية وبما ان الفكرة عن العربي هي انه أكثر عنفاً فإن قرارات الحكم ضده تأتي أقسى". البحث الذي اجري شمل ثلاث مراحل من معالجة الملف: التحقيق لدى الشرطة، ثم النيابة العامة او نيابة الشرطة، ثم المحكمة، ويقول كمال: "على رغم ان النتائج أظهرت ان التمييز في المرحلتين الاولى والثانية أقل من المرحلة الثالثة الا اننا لا نستطيع تجاهل حقيقة انه حتى في الشرطة هناك قناعة بأنه يتوجب تقديم لائحة اتهام ضد العربي أكثر من اليهودي ثم تتبنى النيابة موقف الشرطة، وفي حالات قليلة ترفضه، وعندما يصل الملف الى المحكمة يتعامل القضاة معه من منطلق ضرورة مواجهة العنف". ويضع محدثنا اللوم ايضا على العربي نفسه الذي يتعامل بثقة مع رجال القضاء اليهود أكثر من العرب من منطلق عقدة "الخواجا"، ويقول: "كثيرون من العرب يتصورون في تعاملهم مع هذه القضايا ان الموضوع يتعلق بقومية المحامي امام القضاة، ومن هنا تنبع عقدة "الخواجا" فيتوجه الى محام يهودي باعتبار انه المحامي اللبق والناجح والمؤثر امام القضاة اليهود الا ان النتائج تكون في اغلب الحالات عكس هذا الاعتقاد". وبرأي المحامي كمال فإننا كمجتمع عربي تنقصنا الجرأة في اعطاء بعضنا الاحترام والتقدير، ويقول: "المشكلة لا تقتصر على فلسطينيي 48، فنحن نرى ان اصحاب الورش العربية خارج اسرائيل يستعينون بالمحامين اليهود لذلك علينا أولاً أن نعالج المجتمع العربي ثم ننطلق لمعالجة غيرنا" تجربة قاض عربي القاضي عبدالرحمن الزعبي، الذي شغل منصب قاض في مركزية الناصرة حتى العام الماضي وهو حالياً رئيس محكمة الاستئناف في قضايا الاراضي كان أول عربي يصل الى منصب قاض في المحكمة العليا، لكن ظروفاً مختلفة، ومنها كونه عربياً، لم تسمح له بالبقاء طويلاً في منصبه، أجاب بكل صراحة انه "غير مفاجأ". فتجربة أكثر من خمس وعشرين سنة في المجال القضائي، جعلته مطلعاً على الموضوع من أوسع أبوابه. عندما عرضنا عليه البحث قال بكل بساطة انه لم يفاجأ، لكنه اضاف: "المعطيات الواردة لم تأت من الفضاء ولا من التخمينات انه بحث علمي يستند الى معطيات وملفات وبينات وحقائق لا يمكن تجاهلها"، ويضيف: "لا يمكن لنا الا القول ان الأمر مؤلم، ومؤلم للغاية عندما يجري الحديث عن قاض عربي يتصرف بشكل غير منصف بين أبناء شعبه. أقترح بحث الموضوع بشكل أعمق لأنني لا أريد ان أظلم القضاة العرب. لكن في الوقت نفسه نحن لا نستطيع ان نغطي السماوات بالعماوات". ويرى القاضي الزعبي انه اذا خصص بحث في مناطق المركز في اسرائيل أو الجنوب حيث المستوطنات الاسرائيلية فهناك ستنقشع صورة أكثر خطورة، ويقول: "ما نحتاجه اليوم هو اجراء بحث يتركز على مناطق، تنعكس فيها سياسة التمييز ضد العرب، خصوصاً مناطق الجنوب وتل ابيب والمناطق التي تكثر فيها المستوطنات الاسرائيلية، فهناك حقيقة لا يمكن تجاهلها بكل ما يتعلق بالتمييز في التعامل مع العرب حتى من الناحية القضائية، واجراء بحث سيعكس صورة اكثر خطورة من البحث الأخير". ويعتبر القاضي الزعبي ان نتائج البحث تعكس ايضاً النفسية التي يعيشها اليهودي بكل ما يتعلق بتعامل القضاء مع العربي. ويعيد التذكير بقرار كان أصدره بحق شبان من فلسطينيي 48 من دير حنا اتهموا بوضع قنبلة على مفترق غولاني بهدف اصابة يهود. فقد بحث الزعبي يومها الملف ورفض طلب النيابة تمديد اعتقالهم الى حين الانتهاء من الاجراءات القانونية وعلل ذلك بوضعية الثلاثة من حيث الجيل اقل من 18 عاما والدوافع وتأثير التنظيمات الفلسطينية عليهم وكونهم طلاباً في الثانوية. وفي حينه اطلق الزعبي سراحهم ما دفع النيابة الى تقديم التماس الى المحكمة العليا، وخلال ذلك دارت معركة اعلامية تركزت على التحريض على القاضي الزعبي ووصفه بالتحيز الى الشبان الثلاثة على خلفية قومية. وحسب الزعبي فإن هناك حاجة لفتح هذا الملف بشكل واسع وصريح وإشراك المؤسسات ذات الشأن والمبادرة الى اجراء ابحاث اضافية تساند البحث الأخير لاستخلاص العبر ووضع حد لسياسة التمييز والعنصرية في مجال يعتبر من المقدسات.