تلمع جينيفر أنيستون الأميركية ذات الأصل اليوناني، على الصعيد العالمي بفضل النجاح الباهر الذي تلاقيه حلقات "أصدقاء" FRIENDS العاطفية والكوميدية التي تُعرض كل أسبوع منذ حوالي ثماني سنوات وحتى الآن، وتتقاسم البطولة مع كل من ماثيو بيري وكورتني كوكس أركيت ومات لو بلان ودافيد شويمر، إضافة الى مشاركة كبار نجوم هوليوود كضيوف شرف الأمر الذي دعم نجاحه وزاد من نسبة متفرجيه أمام الشاشة الصغيرة. في السينما مثّلت أنيستون شخصيات عدة تشبه الى حد ما دورها في "أصدقاء" اذ تؤدي أدوار المرأة الشابة العاشقة والطيبة ولكن المهزوزة نوعاً ما من الناحية النفسية والعصبية تقع في مطبّات تتوافر على مواقف فكاهية. الا ان عرض "الفتاة الطيبة" GOOD GIRL THE الذي سمح لجينيفر الجميلة بتشويه ملامحها وتقمص شخصية شابة تعيسة مغلوبة على أمرها تعمل في متجر كبير لقاء أجر زهيد، ومتزوجة من رجل أبله يحبها ولكنه يعجز تماماً عن إسعادها وفهمها ولو قليلاً. وعندما تتعرف البطلة على شاب يلاحقها بمغازلته ووعوده بخطفها من زوجها ومن حياتها المثيرة للملل وأخذها معه الى جزر بعيدة تشبه الفردوس، تصدّق كلامه المعسول وتقع في غرامه، لتكتشف انه يسرق ويقتل كي ينفّذ وعوده، إلا انها في آخر لحظة، بدلاً من ان تهرب معه، تبلغ عنه الشرطة وتختار البقاء الى جوار زوجها والاستمرار في حياتهما البسيطة المجرّدة من أي سحر ولكن المبنية على الشرف وليس على الجريمة. أثبتت جينيفر أنيستون من خلال هذا الدور قدراتها الدرامية الممتازة والمختلفة كلياً عما سبق وقدمته، فكتبت عنها الصحف وقورنت بأكبر النجمات من حيث الموهبة وتلقت فوراً عشرات العروض السينمائية المبنية على أدوار جميلة ومتنوعة لا تشبه بأي شكل الدور الذي تمثله جينيفر في "اصدقاء" منذ سنوات طويلة والذي جلب لها، رغم كل شيء، جائزة "غولدن غلوب" كأفضل ممثلة تلفزيونية. على الصعيد الشخصي جينيفر أنيستون هي زوجة النجم الوسيم براد بيت الذي يتقاضى بين 12 و 15 مليون دولار عن كل فيلم يظهر فيه. أما جينيفر فلا تتقاضى أقل من مليون و300 الف دولار عن كل حلقة من مسلسل "أصدقاء" مما يعطي فكرة عن الثروة التي ينعم بها هذا الثنائي الذي يملك أيضاً الجمال والمجد والموهبة الفنية. وكون جينيفر وافقت على التمثيل في "الفتاة الطيبة" وهو عمل جيد ولكن أُنجز بإمكانات ضئيلة، جلب لها المزيد من التقدير لأنها قدّمت الدليل على جديتها الفنية وعدم سعيها وراء الملايين وحسب، فالفيلم لم يجلب لها أكثر من ربع مليون دولار ومدته ساعة ونصف الساعة، علماً أن حلقة واحدة من "أصدقاء" بالمبلغ المذكور سالفاً لا تزيد مدتها عن نصف الساعة. اثناء زيارتها باريس لترويج "الفتاة الطيبة" التقت "الوسط" جينيفر أنيستون. أبدى النقاد اعجابهم الشديد بعملك في فيلم "الفتاة الطيبة" فهل تعتزين بهذه الشهادة أم انك من النوع الذي لا يبالي بكلام الجرائد؟ - أنا سعيدة جداً بكل كلمة ايجابية تُكتب عني في الصحافة، وأشعر في ما يخص التهنئة التي أتلقاها عن دوري في "الفتاة الطيبة" بنفس البهجة التي عشتها حينما فزت بجائزة "غولدن غلوب" كأحسن ممثلة عن مسلسل "أصدقاء". لكنني أعترف لك بكوني من ناحية ثانية أتعجب عندما أقرأ ان الصحافة "اكتشفت" ممثلة موهوبة في هوليوود، على رغم انني أمارس مهنة التمثيل منذ تسع سنوات الآن وكأن الإعلام ليس على دراية بهذا الشيء تبتسم. هل تشبهين بطلات أدوارك في حياتك الخاصة؟ - لا، فليست هناك علاقة بين ما أؤديه والحقيقة. أنا رقيقة وناعمة وأتميز بشخصية تجعلني أسعى فعلاً وراء الرومانسية في حياتي اليومية. أنا لا أتصرف أبداً مثل بطلة "أصدقاء" التي أتقمصها والتي تتصف بمزاج شبه جنوني ومضطرب الى حد ما، أو مثل بطلة "الفتاة الطيبة" وهي تعيسة ومنهارة عصبياً تلجأ الى الحلول القصوى لإنقاذ حياتها من الملل. أنا امرأة عادية وزوجة حنون قبل أي شيء أخر. أنت متزوجة من النجم العالمي براد بيت، فكيف تعيشين شهرتك أنت من ناحية وارتباطك بإنسان يحرك وراءه الجماهير أينما حلّ؟ - لا شك أن الشهرة لا تتجزأ عن مهنة التمثيل، وأنا، رغماً عن ذلك، لا أعتادها بالمرة وأظل أخاف المساوئ العنيفة التي تترتب عليها مثل قيام الناس بتصديق ما يكتب عنا في الجرائد ومن ثم معاملتهم لنا على أساس هذه الأخبار الكاذبة في معظمها. أمضيت سهرة عشاء مع زوجي في مطعم ياباني وأشعلت سيجارة بعدما أنهيت الأكل، وعندها سمعت تعليقات سلبية جداً بل مهينة لكرامتي، لأن احدى الجرائد نشرت خبر انتظاري مولودنا الأول. كان الخبر عبارة عن توليفة من قبل الجريدة ولكن الناس بطبيعة الحال صدّقوه، والذين شاهدوني أدخن اعتبروني مجرمة في حق الجنين. أنا أشكر السماء على أن زوجي يختلف عني تماماً من حيث أسلوب معايشة هذه الأشياء، فهو ينظر الى الأمور الثانوية والسطحية ببرودة أعصاب أحسده عليها ويطمئنني في كل مرة ويمنعني بالتالي من الانهيار النفسي الذي قد يترتب على معايشتي تجربة رديئة. ما هو سر نجاح زواجكما؟ - تبتسم النظر معاً في اتجاه واحد هو الأمام بدلاً من تبادل النظرات، وثم الرغبة في الانجاب وتكوين أسرة كبيرة مبنية على الاحساس بالمسؤولية. ان فقدان هذا الاحساس هو الذي يقود الناس الى الطلاق السريع في أيامنا الحالية، فكل فرد يرغب في حياة سهلة ومرفهة ويلقي على شريك حياته مسؤولية تحمل أعباء الحياة المشتركة. لم أنم الليل هل أديت الموقف العاطفي الجريء بنفسك في "الفتاة الطيبة" أم لجأت الى بديلة؟ - أنا اعتبرت هذا الموقف كنوع من التحدي وصممت على القيام بأدائه أمام الكاميرا بنفسي، فأنا امرأة خجولة جداً والفن الدرامي بالنسبة اليّ خير علاج ضد الخجل خصوصا في المشاهد غير المألوفة. اني لم أنم الليل طوال الأسبوع الذي سبق تصوير المشهد المذكور، ثم في اليوم الموعود ضغطت على نفسي للتردد الى الأستوديو وأداء مهمتي على أحسن وجه. وبين الأشياء التي ضايقتني كون شريكي في اللقطة يصغرني بحوالي سبعة أعوام تضحك. مثّلتِ شخصية أم في "أصدقاء"، فهل فتحت هذه الحكاية شهيتك على الانجاب؟ - اجل، خصوصا انني من النوع الذي يتقمص الشخصيات التمثيلية بصدق تام وبشكل يقترب من الواقع الى أكبر درجة ممكنة. فقد تدربت على معاملة الرضيع وقرأت عشرات الكتب حول الأمومة وكل ما يتعلق بفترة الحمل ومن ثم الولادة، وأنا على أتمّ الاستعداد الآن لخوض التجربة في الواقع وأعتقد انني سأفعلها عقب انتهائي من تصوير الحلقات الجديدة والأخيرة من "أصدقاء" قبل نهاية العام 2003. ماذا عن حكاية انغماسك في عالم العاملات البسيطات في المصانع قبل تقمصك شخصيتك السينمائية في "الفتاة الطيبة"، وهذا ما كتب عنك، فهل تقلدين داستين هوفمان وروبرت دي نيرو وغيرهما من الذين يميلون الى الاحتكاك بعالم الاجرام مثلا لاكتشاف حقيقة خباياه وبالتالي الزيادة من فعاليتهم أمام الكاميرا في ما بعد اذا مثلوا الشر؟ - نعم وهذا ما قلته توا بشأن تمثيلي دور أم في "فريندز"، فأنا أضفت اسمي الى قائمة الفنانين الذين يدرسون أدوارهم "في ميدان المعركة" وقضيت أياماً طويلة في الشركات والمصانع والمتاجر الكبيرة الى درجة ان بعض زبائن هذه الأماكن اعتقد انني من الموظفات فيها ولم يتعرفوا عليّ على رغم ملامحي المعروفة في أميركا. فأنا لم أغسل شعري ولم أتزين بالمكياج ولم أبتسم بالمرة طوال أسابيع عدة قبل بدء التصوير حتى أقلّد الفتيات العاملات في هذه المواقع واللاتي يتسمن بالتعاسة من كثرة ضغط العمل لقاء أجور زهيدة جداً في نهاية الأسبوع. ورق العنب هل صحيح أنك يونانية الجذور؟ - بالطبع واسمي الحقيقي أناستاساكيس وليس أنيستون، وأنا خبيرة في تحضير الوجبات اليونانية القريبة جداً الى نظيراتها اللبنانية أليس كذلك، مثل ورق العنب تضحك؟ نعم؟ - انا أحضّرها على طريقة جدتي وأصبح براد يعشقها ويطلبها دورياً، كما أنه نشر سمعتها في هوليوود الى درجة أن صديقه المخرج والممثل روبرت ريدفورد مثلاً يسأله اذا كنت استطيع تحضير وجبة يونانية له من حين الى آخر، وهذا غير تردده الى مطاعم متخصصة، وان كانت لا تضارع وصفات جدتي تضحك. أنت الآن صاحبة شركة انتاج سينمائي ايضاً؟ - نعم وهذه حكاية حديثة جداً، اذ فتحنا أنا وبراد شركة انتاج تحت شعار "بلان بي" تسمح لنا باختيار وتمويل السيناريوات التي تعجبنا وبالتالي المشاركة فيها من الناحية التمثيلية بدلاً من العمل الدائم في أفلام الغير. أنا راضية جداً عن عملي في حقل التمثيل، ولكني قررت اقتحام ميدان الانتاج بتشجيع من زوجي وشريكي في العملية، لسبب بسيط هو ضمان استمراريتي في المهنة على رغم مرور الأعوام وتقدمي في العمر. والممثلات عادة ما يواجهن هذه المشكلة ونادراً ما نعثر على بطلة سينمائية فوق سن الأربعين. صحيح أني لا أعاني بعد من التقدم في العمر اذ اني في الرابعة والثلاثين بعد، لكني على دراية بكون السينما في هوليوود لا تعرف الرحمة خصوصا تجاه المرأة، وبالتالي يسمح لي نشاطي كمنتجة أولا بربح المال وضمان استقلالي الذاتي على المدى الطويل، ثم استمرار حصولي على أدوار لأنني سوف أمنحها لنفسي عندما يتوقف تدفقها من الخارج. ماذا تفعلين بملايين الدولارات التي تكسبينها؟ - أعيش حياة الترف وأقتني ما يعجبني وأسافر كثيراً مع زوجي، ثم من ناحية ثانية أساهم في نشاطات جمعية خيرية متخصصة في مكافحة الأمراض التي تصيب الأطفال