أقمار اصطناعية معطّلة، قطع من المعادن… مواد جعلت من الفضاء المجاور للارض مزبلة حقيقية تهدد الطيران التقليدي، ومن غير المستبعد ان تسقط فوق المنازل المسكونة في اية لحظة. بعد مضي حوالي نصف قرن على اطلاق اول مركبة فضائية Spontnik عام 1957 يبلغ اليوم عدد الاقمار الاصطناعية والمحطات الفضائية التي ابحرت ولا تزال في الفضاء اكثر من 4 آلاف اي بمعدل اطلاق قمر اصطناعي او مركبة فضائية كل اربعة ايام، وتعرض اغلب هذه القطع للتفكك وسقط، غير انه لا يزال الكثير من هذا الحطام يسبح فوق رؤوسنا. ان رادارات واجهزة التلسكوب التابعة للشبكة الاميركية العسكرية المختصة بمراقبة السماء تتابع على نحو مستمر اكثر من تسعة آلاف قطعة يتجاوز قطر الواحدة منها 10 سنتيميترات في حركة دائمة حول الارض، بينها 540 قمراً اصطناعياً فقط في حالة التشغيل اي 6 في المئة لا اكثر من المجموع، في حين تتألف ال94 في المئة المتبقية من اقمار اصطناعية معطلة وطوابق علوية مهجورة للصواريخ وصفائح معدنية من خزانات الوقود التي تعرضت للانفجار، ويبلغ وزن هذا الحطام حوالى 3 آلاف طن تطوّق كوكبنا. وتقدر شبكة الرقابة الاميركية العسكرية عدد قطع الحطام التي يتجاوز قطرها سنتيمتراً واحداً بأكثر من 200 ألف وما يقل قطرها عن سنتيمتر واحد بأكثر من 35.5 مليون وينتج هذا الحطام عن الانفجارات والاصطدامات والتعرض للاشعة فوق البنفسجية التي تؤدي الى تفكيك الطلاء والصفائح الرقيقة التي تغطي هيكل المركبات الفضائية والاقمار الاصطناعية. واذا كان هذا التلوث مكثفاً جواً فإن السبب يكمن في محدودية ميدان النشاطات الفضائية الانسانية التي تتركز في منطقتين حول الارض، المدار الاسفل على ارتفاع يتراوح بين 200 و2000 كيلومتر حيث نجد المحطة الفضائية الدولية والاقمار الاصطناعية المختصة بمراقبة الارض ومدار التموضع الجغرافي، وهو خط تاجي رفيع يبلغ عرضه حوالي خمسين كيلومتراً على ارتفاع 36 ألف كيلومتر تسير عليه اغلب الاقمار الاصطناعية المتعلقة بالاتصالات. ويهدد هذا الحطام المكثف في هاتين المنطقتين بشكل جدي ال540 آلية فضائية قيد التشغيل حالياً، لأن السرعة التي تتنقل فيها هذه الاجسام في المدار تتراوح بين عشرة آلاف و28 الف كيلومتر في الساعة تبعاً للارتفاع، ومن هنا فإن الاصطدام بقشرة طلائية او معدنية بسيطة ينطوي على نتائج كارثية، ومن شأن الانفجار الناتج عن الاصطدام لقشرة بسيطة ان يؤدي الى ركام من الحطام الذي يتبعثر في الفضاء تجاوز كميته مئة ضعف مقارنة بحجم الحطام الذي سبب الانفجار، ومن هنا فإن التوقف عن اطلاق الاقمار الاصطناعية حالياً لن يؤدي الى ازالة التلوث في الفضاء او الحد من الحطام الذي سيواصل ارتفاعه بسبب الاصطدامات التي تتعرض لها الآليات العاملة حالياً. وتؤكد الاحصاءات ان قمراً اصطناعياً للمراقبة مثل Spot العامل في المدار على ارتفاع 800 كيلومتر معرض للاصطدام بقطعة من بقايا الانفجارات يتراوح قطرها بين مليمتر واحد وسنتيمتر واحد بنسبة 50 في المئة خلال عام واحد. ولكن حتى الساعة لا توجد خطة جدية لتنظيف الفضاء حتى بالنسبة الى القطع الكبيرة حيث اصطدم المشروع الاميركي Orion الذي كان يهدف الى التخلص من الاجسام غير المرغوب فيها في الفضاء بواسطة اشعة الليزر بثلاث عقبات، الاولى كيفية انتاج الليزر الذي يتمتع بقوة كافية لتذويب هذه القطع، والثانية كيفية التسديد لاصابة هدف يسير بسرعة تقدّر بآلاف الكيلومترات في الساعة، والثالثة وهي الأهم ايجاد طريقة لمعالجة بقايا الحطام الذي يتم تدميره بأشعة الليزر. ولكن هذا المشروع اودع رفوف النسيان منذ التسعينات، ويبدو ان النفايات الفضائية محكومة بالبقاء في مكانها الى حين سقوطها فوق الارض بفعل الاحتكاكات الفضائية.