برزت ظاهرة تغيير المدربين في الدوري السعودي بشكل لافت، ولم يسلم من هذه المعضلة سوى مدربين اثنين: الأول مدرب الشعلة خالد القروني، والثاني مدرب الأهلي البلجيكي لوكا بيروزفيتش، الذي يبدو قريباً من الإبعاد في حال اخفاقه في نيل كأس البطولة الخليجية، وهو مرشح بدرجة كبيرة للانضمام الى 10 مدربين سبقوه الى صالة المغادرة الدولية في مطارات المدن السعودية. لقد عرفت كرة القدم السعودية المدربين الأجانب في فترة مبكرة، واستعانت بداية بالمدربين العرب من السودان ومصر، من أمثال محمد عبده صالح الوحش والشيخ طه اسماعيل اللذين أشرفا على المنتخب السعودي في دورات الخليج الاولى، ثم توجه السعوديون نحو المدربين الاجانب واستعانوا بالمجري بوشكاش لكنه لم يصب نجاحاً كمثل الذي حققه عندما كان لاعباً، واستبدل السعوديون طواقهم عندما استعانوا بالمدرسة الانكليزية ممثلة بأكاديمية جيمي هيل وكان ذلك في أواخر السبعينات، وجاء التطور المذهل في طريقة لعب السعوديين عندما تعاقدوا مع البرازيلي روبنز مانيلي العام 1980 الذي نجح في ايجاد نواة للمنتخبات السعودية على رغم فشله في التأهل الى كأس العالم 1982. وكان ديدي، "الحية السمراء"، سبق مانيلي الى الملاعب السعودية عندما درب الأهلي. ثم كرت سبحة الاستعانة بالكوادر البرازيلية، وجاء زاغالو ودرب الهلال والنصر ثم باريرا وكنديينو وكامبوس. واستعان السعوديون بالمدرسة الأوروبية فتعاقد الهلال مع الويلزي جورج سميث، والنصر لاحقاً مع الفرنسي روبير هيربان والايرلندي بينغهام، والاتحاد مع الالماني الشهير كرامر. ومازالت الأندية السعودية تفضل المدرب الأجنبي على نظيره الوطني على رغم نجاح القروني مع الشعلة، والجوهر مع المنتخب وقبلهما الزياني والخراشي. ولا يجد المسؤولون غضاضة في القاء اللوم دائماً على المدربين في حال اخفاق فرقهم، ويبعدون أنفسهم على رغم مشاركتهم في الاخفاق. وفي كل موسم تخسر الأندية السعودية ملايين الريالات في التعاقد مع المدربين، لكن النتيجة تكون تسريح الجهاز الفني، واللافت ان كثيرين من المدربين الذين تم ترحيلهم بصورة "فجة"، سرعان ما كانوا يتولون مناصب مهمة في بلدانهم. ويتذكر الجميع المدرب البرازيلي ذائع الصيت ماريو زاغالو الذي اطيح به في دورة الخليج السابعة ثم عاد الى بلاده ونال شهرة واسعة، والأمر ينطبق على مواطنه كارلوس البرتو بيريرا الذي قاد منتخب بلاده إلى احراز كأس العالم عام 1994، وعندما اراد السعوديون ان يجددوا الثقة معه في مونديال فرنسا 1998، عادوا وابعدوه في منتصف المشوار بعد خسارة ضد فرنسا صفر- 4، علماً أن فرنسا سحقت البرازيل في نهائي المونديال بنتيجة 3-صفر. ويتذكر السعوديون جيداً البرازيلي خوسيه كنديينو الذي ساهم بشكل كبير في تأهل السعودية الى مونديال 1994، وتم إبعاده بين شوطي مباراة السعودية والعراق في التصفيات الآسيوية. ومشوار المنتخب السعودي في الغاء عقود المدربين طويل والقائمة تضم التشيخي ميلان ماتشالا واليوغسلافي سانتراتش والبرتغالي فينغادا والهولندي ليو بنهاكر الذي تسلم ورقة إبعاده خلال الحصة التدريبية. ولم يقتصر إبعاد المدربين على المنتخب السعودي، بل ان سجل الأندية السعودية حافل بمثل هذه الاقالات، ويبرز مدرب منتخب البرازيل الحالي لويس فيليب سكولاري الذي درب الأهلي والشباب، ويعتبر البرازيلي الآخر تيلي سانتانا من أبرز المدربين الذين عملوا في السعودية وتم إبعاده من تدريب أربعة فرق هي النصر والهلال والشباب واخيراً الاتفاق، وهو يعد حالياً من أفضل مدربي الدرجة الأولى في البرازيل. ولم يسلم مدربو أوروبا من مقصلة الإبعاد، وسجل الهلال في هذا المجال سبقاً منقطع النظير عندما ابعد اليوغسلافي يوزيتيش على رغم تحقيقه الفوز في كأس الكؤوس الآسيوية، وبعد رحيله تولى تدريب فريق سبورتنغ لشبونة البرتغالي وقاده الى كسر احتكار فريقي بنفيكا وبورتو وحقق بطولة الدوري، ومثله البرتغالي فان هانغيم الذي درب الكمار بعد تركه الهلال، وهو يتولى حالياً مساعد مدرب منتخب هولندا، وتوج الهلال ابعاده للمدربين بعزل البرتغالي آرتور جورج صاحب الانجازات مع باريس سان جيرمان. ولم تشفع الانجازات التي حققها البلجيكي ديمتري دايفيدوفيتش مع الاتحاد في ابعاده من منصبه، وكان الارجنتيني اوزفالدو ارديليس آخر المبعدين على رغم تصدر الفريق لقائمة الدوري الممتاز. ولن تتغير الاسطوانة التي يرددها مسيرو الأندية السعودية، وسيظل المدرب هو الشماعة التي تلقى عليها اخفاقات النادي حتى وان كان ابطال هذا الاخفاق هم الاداريون او اللاعبون، لكن الحل السريع دائماً هو المدرب