كان الشاعر العماني سيف الرحبي يتأمل في ديوانه الجديد "قوس قزح الصحراء" منشورات "الجمل"، كولونيا، في الجفاف واللاجدوى، فإنه، في الوقت ذاته، يقترح عناقاً ساحراً بين الشعر وظلاله في النثر، عبر لغة مكثفة مفتوحة تتجاوز التصنيف. ولعل قيمة التأمل في كل شيء، تنطوي بحسب "بوذا" على روعة يسحبها الرحبي على كل ما تقع عليه حواسه، فهو يحدق في الانساغ المهملة في الاشياء، ولا يحاول أن يؤطر تدفقه اللغوي في حقل. فإذا استفز التأمل الشعر كانت القصيدة: "كنا نائمين في الصحراء/ حين مر البدو على احصنتهم/ قاصدين البئر/ نهضت المدينة على اجسادنا/ لكن بقيت الاشارة/ اشارتك باتجاه النبع/ هي ما تبقى لي/ من زاد للطريق". أما اذا كان الطقس غير ذلك، فإنه يستدرج النثر باستطراداته الرحبة:"في هذا الصباح وانا افكر في كتابة هذه الاسطر، كنت قد قرأت عن نجمة تقع في اطار ""درادوس" التي هي غيمة ماجلان، المجرة الاقرب إلينا، وفيها تقع نجمة يصفها الفلكيون بأوصاف مختلفة ومثيرة وجنسية"... وبعد ذلك يتقدم الشعر، تتلوه الخواطر واليوميات: "يماثلون للشفاء/ أولئك الذي طالت بهم سكة الرحيل". ويعجن صاحب"منازل الخطوة الاولى"بين ظلال قراءاته ومشاهداته السينمائية، واستذكاراته عن ابيه وعن حبيباته والاسرّة في الفنادق... وعن غرف النوم والستائر... يعجنها كلها في بوتقة، ثم يشعل فيها اخيلته منتجاً نصاً متمرداً يتآخى فيه طه حسين مع بورخيس، وتغدو الكتابة "نوعاً من مكيدة للزمن"، فيما يصبح غياب المرأة "أكثر حضوراً من عاصفة".