يتوقع ان تتواصل الحملة التي شنتها قوات الامن الباكستانية على الجماعات الاسلامية المتشددة الخمس التي حظرت السلطات نشاطاتها وطاولت اكثر من ألفين من عناصرها وكوادرها لتشمل جماعات اسلامية اخرى. وذكرت مصادر ديبلوماسية تتوسط بين باكستانوالهند ل"الوسط" ان التحرك الباكستاني ضد هذه الجماعات ليس نهاية المطاف، بل هو جزء من تحرك عام ضد الجماعات الاسلامية الباكستانية، ولعل هذا ما يفسر الإبقاء على احتجاز زعيم الجماعة الاسلامية الباكستانية القاضي حسين احمد وزعيم جمعية علماء الاسلام الباكستانية مولانا فضل الرحمن. ويهدف التحرك الباكستاني الاخير ضد قيادتي "الجماعة الاسلامية" الباكستانية و"جمعية علماء الاسلام" الى قطع الطريق على التحركات الشعبية التي وعدت بها هذه الجماعات في الفترة المقبلة، احتجاجاً على الاجراءات الحكومية الاخيرة التي تعتبرها رضوخاً للمطالب الهندية. وتعتقد اوساط سياسية باكستانية بأن المقاومة الكشميرية اضحت على مفترق طرق بعد خطاب الرئيس برويز مشرف الذي ندد بالهجمات التي تتم عبر الحدود، وهو اعتراف باكستاني للمرة الاولى بوجود عمليات تنطلق من الحدود الباكستانية ضد القطاع الخاضع للسيادة الهندية في كشمير. وترافق ذلك مع تشكيل اللجنة الكشميرية التي التقاها الرئيس مشرف على رغم مقاطعتها من قبل الجماعات الاسلامية وحزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه بنازير بوتو. وجاء تعيين الرئيس السابق للشطر الباكستاني من كشمير سردار عبدالقيوم خان رئيساً للجنة دليلاً على رغبة باكستانية ودولية في الدفع باتاه الحل السلمي، كما ترافق ذلك ايضاً مع زيارة اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي للمنطقة حيث دعوا الى التعجيل بتسوية القضية الكشميرية. وعلى رغم ان السردار خان نفى، في حديث ل"الوسط" التخلي عن الكفاح المسلح للشعب الكشميري، الا انه دعا الى الاستفادة من قوة الدفع الدولي لتسوية الصراع حسب رغبة الشعب الكشميري. وتلاقى ذلك مع ما صرح به زعيم حزب المجاهدين الكشميري سيد صلاح الدين ل"الوسط" في شأن رغبة المقاتلين الكشميريين في التسوية السلمية. اذ قال: "نحن شعب محب للسلام ونرغب في تسوية الصراع سلمياً استناداً الى قرارات دولية تعترف بحقنا، على رأسها حق تقرير المصير وهو ابسط حقوق البشر". لكن ما تخشاه شريحة كشميرية واسعة هو ان يؤدي تخلي باكستان عن المجموعات الكشميرية المسلحة الى رفض الهند لأي تسوية للقضية. وبالتالي تخسر باكستان تسوية القضية وتفقد ثقة المقاومة الكشميرية. وكشفت مصادر كشميرية انها ستعمل على التجنيد وجمع التبرعات بشكل سري، بينما توارت قيادات الجماعات الكشميرية المسلحة عن الانظار خشية الاعتقال. ويشمل قرار حظر الجماعات الاسلامية المتشددة خمس منظمات حتى الآن، منظمتان كشميريتان وثلاث منظمات باكستانية، اما الكشميريتان فهما منظمة "عسكر طيبة" و"جيش محمد" اللتان اتهمتهما الهند بتدبير الهجوم على البرلمان الهندي في 13 كانون الاول ديسمبر 2001، وهو ما نفته المنظمتان. غير انهما تعهدتا مواصلة القتال ضد القوات الهندية، وشدد احد المسؤولين في "عسكر طيبة" في اتصال هاتفي مع "الوسط"، على ان الحركة ستواصل نشاطاتها المسلحة من دون ان تأبه بالحظر. يذكر ان زعيم الحركة البروفسور حافظ محمد سعيد وزعيم "جيش محمد" مسعود أظهر أدخلا السجن بتهمة التحريض ومخالفة القوانين الباكستانية، وإن كان الجميع في إسلام آباد يدركون بأن ذلك جاء بسبب الضغوط الهندية والاميركية المتزايدة. وفي رسالة حديثة للبروفسور سعيد، نشرت على موقع الجماعة على شبكة الانترنت يقول: "لا استطيع ان اغير مجرى حياتي بسبب المحاكمات. سأواصل نضالي حتى يتم تحرير الأمة الاسلامية". واستبعد مسؤولون في "جيش محمد" ان يؤثر القرار الباكستاني على نشاط الحركة في كشمير الخاضعة للسيادة الهندية. لكن الجماعات الاخرى التي استثناها قرار الحظر تخشى في المقابل ان يشملها هذا القرار في حال شن مقاتلوها اي هجوم على القوات الهندية. وتفيد تقارير ان الحكومة الباكستانية اصدرت اوامر الى الاستخبارات العسكرية الباكستانية المتهمة بتأسيس هذه الجماعات بالعمل على ضمان نقل مكاتبها الى القطاع الباكستاني من كشمير، لتخفيف الضغوط على الحكومة الباكستانية مع إغلاق معسكرات التدريب التي اقامتها هذه الجماعات في بعض المناطق الباكستانية. ويتردد ان الحكومة امرت الاستخبارات العسكرية بأن تساعد قوات الشركة في القبض على العناصر المطلوبة من الجماعات المحظورة، وهو ما يضع المؤسسة الامنية في ظروف صعبة كونها هي التي أنشأت هذه الجماعات. اما المدارس الدينية الباكستانية فهي تعتبر الحاضن الاساسي للحركات المسلحة الكشميرية، اذ توفر لها العنصر البشري. ولعل هذا ما جعل الرئيس مشرف يركز في خطابه على الحركات المتشددة والمدارس الدينية في آن معاً. اذ ان المصادر الغربية تعتقد بأن الفكر المدرسي الديني هو السبب في انعاش الفكر المتطرف والمتشدد وسط الجماعات الاسلامية الباكستانية. ومعلوم ان هذه المدارس يصل عددها الى عشرات الآلاف، وهي تتبع جماعات اسلامية باكستانية عدة. ولعل المحك الاساسي للحكومة سيكون في مدى قدرتها على فرض منهج تعليمي موحد للمدارس الدينية في ظل تباين فكري ومذهبي بين المدارس والجماعات الاسلامية الباكستانية.