عندما يصاب أحدنا باحمرار في العين ويقول الآخر: يا فلان عينك "محمرّة" فإنه غالباً ما يكون الجواب على رأس اللسان: "بسيطة، انها لفحة هواء... أو ضربة شمس"... صحيح أن الأمر قد لا يتعدى ذلك، ولكن يجب أن نضع في الحسبان دوماً وأبداً بأن احمرار العين يمكن أن يخفي وراءه ظروفاً حادة ساخنة إذا لم يتم إسعافها في الوقت الملائم تصبح العواقب وخيمة في بعض الأحيان. طبعاً لا نريد هنا أن نجعل من الحبة قبة، ولا نريد أن نعقد الأمر أكثر من اللازم. الاصابة قد تكون بسيطة، ولكن علينا باستمرار أن نمعن النظر في بعض العلامات والاشارات التي ترافق الإحمرار، فهذه يجب أن نضعها في الميزان لكي لا نسير في طريق مجهولة لا نعرف نهايتها الى أين. هل احمرار العين يترافق مع الألم؟ هذا هو السؤال الأول الذي يجب ألا يغيب عن بالنا. فإذا كان الجواب سلباً، فهنا بإمكاننا أن نتنفس الصعداء، فالأمر قد لا يتعدى الاصابة بالتهاب في الملتحمة العينية Conjonctivite في طرف واحد أو في الطرفين معاً، وهذه الاصابة تؤدي الى المعاناة من أعراض شتى منها إحمرار العين والحرقة والدُمَاعْ والانزعاج من الضياء اضافة الى الاحساس بوجود أجسام رملية تحت الجفن مع ظهور المفرزات القيحية. ان التهاب الملتحمة غالباً ما يكون بسيطاً وسليم العواقب، وشفاؤه يتم خلال أيام. واحمرار العين قد يحصل إثر اصابتها بالنزوف الدموية التي تتقوقع في جزء ما من بياض العين على شكل بقع صغيرة أو كبيرة، ومن مميزاتها أنها غير مؤلمة ولا هي مزعجة، وأسبابها عادة تعود الى التعرض للرضوض أو نتيجة دخول أجسام غريبة الى العين، ولهذا فإن الطبيب المختص غالباً ما يجد عند فحصه للعين وجود شظية ناعمة أو برادة صغيرة من الحديد القابعة في أحضان الملتحمة وهذه كثيراً ما تكون سبب احمرار العين. أما إذا ترافق احمرار العين بالألم فهنا يجب أخذ الأمر على محمل الجد من كل ولا بد، لأن ذلك قد يخفي وراءه اضطراباً خطيراً يجب رصده وملاحقته "طبياً" حتى القضاء عليه نهائياً، وإلا أدى الى اختلاطات لا تحمد عقباها. ومن أهم الاضطرابات العينية التي تسبب إحمرار العين اضافة للألم نذكر: مرض الزراق الحاد ويسمى بالعامية المياه الزرقاء. عند اصابة العين بالإحمرار وخصوصاً في محيط القرنية، فإن هذا يجب أن يدفعنا للشك بوجود مرض الزراق في العين، ففي هذا المرض يحدث انحباس في السوائل داخل العين، فتنتج عن ذلك آلام شديدة قد لا تطاق اضافة الى المعاناة من تبدلات في الرؤية والغثيان والتقيؤ، وحتى أن مقلة العين تصبح شديدة، قاسية، ومتوترة. ان هذه الحالة تتطلب علاجاً إسعافياً بأقصى سرعة بهدف فك الحصار عن السوائل المحبوسة داخل العين. تقرحات قرنية العين. عند اصابة قرنية العين البؤبؤ بالتقرح فإن المريض يشكو من آلام شديدة تمنعه من النوم، مترافقة مع احمرار في العين واضطراب في الرؤية، والانزعاج الشديد من النور. إن تقرحات العين، وخصوصاً تلك الناتجة عن مرض الهربس، يجب أن تعالج بالسبل المناسبة والفعالة، إذ أن غياب مثل هذه المعالجة قد تكلف صاحبها فقدان البصر نهائياً. التهاب قزحية العين. ان العوارض الناتجة عن التهاب القزحية تشبه الى حد بعيد تلك الناجمة عن مرض الزراق الحاد، فالمصاب يعاني من الإحمرار حول القرنية مع هبوط حاد في الرؤية وعدم تحمل الضوء زيادة على الآلام الشديدة في العين. ان الفحص الدقيق للعين من قبل طبيب مختص يسمح بوضع النقاط على حروف هذا المرض وعلاجه بالطريقة المناسبة. بالمختصر المفيد، إن العين عضو ثمين لا يقدر بثمن، وتعرضها للاحمرار قد لا يعني وجود اصابة خطيرة فيها ولكن في الوقت ذاته لا يعني ان الأمر بسيط، من هنا فأمام كل احمرار للعين مترافق مع بعض الاشارات، وخصوصاً الألم وتغير الرؤية، علينا أن نستشير الطبيب، فالاستهتار قد يؤدي أحياناً الى خراب الديار، أي العيش في ظلام دائم... وهل هناك أبشع من الظلام؟