تمكنت المطربة اللبنانية ألين خلف من فرض نفسها على الساحة الفنية المزدحمة بالأصوات والأشكال، من دون اللجوء الى خدمات مكتب فني أو توقيع عقد إحتكاري مع أي مؤسسة إعلامية. ساعدها في ذلك حضورها المحبب وشخصيتها القريبة الى الدلال وومضة طفولية تشع من عينيها، الى صوتها الدافئ البعيد من التصنع والمرسل بعفوية وبساطة. خطت ألين خلف أولى خطواتها الفنية بذكاء إذ مهدت لانطلاقتها عبر إعادة تسجيلها أغنيات المطربة طروب ولاقت نجاح. بدايتها جاءت مبكرة في برنامج "ليالي لبنان" الذي بثه تلفزيون لبنان في 1983 وكان عمرها لا يتجاوز 9 أعوام. تتطلع خلف الى التميز دائماً والظهور بشكل يؤمن لها النجاح والإنتشار السريعين، وهي من القائلين بعدم وجود أي تدهور في الأغنية اللبنانية والعربية، وأن عصر العمالقة قد ولى ليحل مكانه عصر النجوم، وأن الأغنية الضاربة هي مقياس النجومية! كلامها مثير للجدل لكنها تبدو مقتنعة به الى أقصى الحدود. في ما يأتي نص الحديث معها: تتميزين بالجرأة في الحضور على المسرح وفي أغنياتك المصورة، وقد رحت ترقصين باحتراف في فيديو كليب "لا ليه له"، من أين اكتسبت هذه الجرأة؟ - ينبغي على أي فنان أن يكون ملك المسرح والكاميرا وأن يثبت شخصيته أينما وجد. بدايتي المبكرة أنضجتني فكرياً في سن صغيرة، وأكسبتني في الوقت عينه خبرة واسعة. فقد غنيت مع مطربين كبار مثل ملحم بركات وجورج وسوف وكاظم الساهر، وكنت أراقبهم كيف يتحدثون الى الجمهور وكيف يتعاملون مع الفرقة الموسيقية وتعلمت منهم الشيء الكثير. وفي النهاية استنتجت أن على الفنان الإبتعاد عن التقليد والبقاء عفوياً في حضوره كي يحبه الناس. هل نجاحك يعود برأيك الى حضورك أم الى صوتك المميز؟ - لست أدري. صوتي جميل وحضوري معقول. إشتهرت بأدائك لأغنيات المطربة طروب، هل أنت من اخترت الغناء لها وما الهدف من إحيائك لتراثها؟ - نعم، أنا من اخترتها لأنها كانت منسية. طروب هي مطربتي المفضلة منذ الصغر ورأيت أن أغنياتها تلائم العصر وتتوافق مع شخصيتي الغنائية، وبالفعل لاقت استحسان الجمهور. هل تعرفت اليها شخصيا؟ - نعم فقد طلبت التعرف الي، وزرتها في منزلها حين جاءت الى بيروت وكان اللقاء ودياً. وأبدت إعجابها بطريقة أدائي للأغنيات، ولم تعترض إلا على فيديو كليب "يا صبابين الشاي" إذ لم يوضع أنها ملحنة الأغنية وقد صححنا الأمر ولم نكن نعلم ذلك. يلاحظ أنك لم تبني انتشارك على أغنياتك الخاصة بل على أغنيات سواك، لماذا؟ هل ثمة نقص في الملحنين أو الشعراء؟ - ليس الأمر صحيحاً، ربما ركزت على أغنيات طروب، وثمة جيل كبير لا يعرف أنها لها فأعدت إحياءها من جديد ونجحت. كثيرون غنوا من بعدي لطروب ولم ينجحوا. لكن أغنياتي الخاصة لاقت النجاح أيضا، وشهرة "وايد وايد"، و"لا ليه له" كانت كبيرة في لبنان والعالم العربي. علام تفتشين في الألحان والكلمات؟ - أفتش على الكلمة القريبة والأصالة التي تدخل الى القلوب من دون استئذان، وأن يكون اللحن والتوزيع غير معقدين. الواقع أننا نفتقد الى الكلمة واللحن الجيدين، وقد باتت سرقة الألحان التركية وسواها دارجة، وينسبها بعضهم الى أنفسهم من دون خجل، ويتبجحون عبر البرامج التلفزيونية بأن أغنياتهم ضاربة. هذا أمر معيب في حق لبنان وهو نبع الألحان الجميلة من الرحابنة الى وديع الصافي وفيلمون وهبي وزكي ناصيف وسواهم. بم يتميز صوتك عن بقية الأصوات على الساحة الفنية؟ - يتميز بأنه لا يشبه صوت أحد من الموجودين، على الأقل لم أخطئ بعد بين صوتي وصوت آخر شبيه له! يعتبر بعض النقاد أن أغنية "يا صبابين الشاي" كانت الأنجح بين الأغنيات التي أديتها لطروب، فيما لم يكن صوتك قريبا من صوتها في أغنية "يا حلاق عملي غرة" وسواها، لماذا؟ - إن أغنية "يا صبابين الشاي" أقوى بكثير من "يا حلاق عملي غرة"، لكن الأخيرة لاقت نجاحا كبيرا لا سيما في العالم العربي وهي لا تزال تطلب مني أكثر من الأولى. يتعرض جيلكم الفني لانتقادات دائمة من حيث المستوى الفني المتدني وعدم اهتمامه بالأغنية اللبنانية ومستوى الألحان والكلمات التي يقدمها، ما رأيك؟ - لقد تبدل العصر وبتنا نعيش في زمن التطور التكنولوجي السريع ولا يمكننا العودة الى الوراء. حتى وردة الجزائرية اضطرت الى مجاراة العصر وغنت "حرمت أحبك" و"جرب نار الغيرة". لكل عصر فنه الخاص به، الفن لم يخلق لأشخاص معينين فقط وهو ليس في حالة تدهور البتة والأغنية اللبنانية موجودة بقوة. هل تعتبرين أنك خدمت الأغنية اللبنانية؟ - نعم، على الأقل أنني لا أزعج الناس بصوتي ولا أنشز وأعرف موسيقى ولا أتعدى على الفن، بل أنا موهوبة والناس هي التي تحكم علي. لا أتكل على قول النقاد فقط بل على الناس الذين يؤمنون بفني. ما هو معيار النجومية برأيك؟ - تعتمد النجومية على الأغنية الضاربة. لكن الأغنيات التي تضرب اليوم لا تدوم لفترة طويلة؟ - زمن الخالدين لم يعد موجودا اليوم. هذا يعني أنه لن يخلد أحد من جيلكم الفني الحالي؟ - لست أدري. أعتقد أن الألحان التي تقدم للفنان هي التي تخلده، وعلى الفنان أن يحسن الإختيار ومن المؤكد أنه لن يخلد باللحن التركي! هل هو الصوت أم اللحن الذي يخلد الأغنية؟ - الإثنان معاً، الصوت الحلو والأداء السليم والكاريزما التي تقرب الفنان من الجمهور. تم انتقاد أزيائك لا سيما في فيديو كليب "وايد وايد" الذي افتقر الى تناسق الألوان، من يختار لك أزياءك؟ - حصلت غلطة والحق على المصمم آنذاك، علمت بالأمر في اللحظة الأخيرة ولم يعد بإمكاني تأجيل التصوير. اليوم أعتمد "السبور" والبساطة و"اللوك" الناعم واللطيف. من هو مثالك الأعلى في الغناء؟ - أحترم السيدة فيروز بصوتها وبحضورها، ومرة التقيتها في الطائرة فلم أتمكن من محادثتها لشدة إعجابي بها. كما أحب صباح بروحها الحلوة، ووردة الجزائرية. من هو الملحن الذي تتمنين لحناً منه؟ - كنت أحلم بأن يلحن لي بليغ حمدي، وكان لدي موعد معه قبل أن يتوفى بأسبوع. كان يريد التعرف الى صوتي