زار الجنرال تومي فرانك قائد القوات المركزية الاميركية، صنعاء للمرة الرابعة منذ انفجار المدمرة الاميركية "كول" قرب ميناء عدن، والتقى الرئيس علي عبدالله صالح، ورئيس الحكومة عبدالكريم الارياني، وبحث مع كل منهما على حدة، التعاون بين البلدين في المجال العسكري معرباً عن شكر بلاده لليمن على تعاونها في حادث تفجير المدمرة، سواء في عملية اسعاف الجرحى والمصابين ونقل جثث القتلى السبعة عشر من جنود المارينز او في التحقيقات الخاصة بالكشف عن ملابسات الحادث". ومن جانبه اشاد رئيس الوزراء اليمني اثناء استقباله للقائد الاميركي، بالتعاون بين البلدين وما تقدمه الولاياتالمتحدة من دعم ومساعدات لليمن في عدة مجالات، خصوصاً في مجال برنامج نزع الالغام من المناطق المحيطة بمدينة عدن منذ الحرب الاهلية في صيف 1994 وفي تأسيس وتطوير خفر السواحل، التي تعمل الحكومة على تشكيل قواتها ومنشآتها بعد اتساع حدود اليمن البحرية 2150 كلم عقب قيام الوحدة وبعدما ادى غياب هذه القوة البحرية الى تزايد اختراقات اللاجئين والقادمين من دول القرن الافريقي الى اليمن عبر المياه الاقليمية المفتوحة من دون وثائق قانونية، ما ينعكس على الداخل بكثير من السلبيات، كالتهريب وتشكيل عصابات التزوير والمخدرات والسرقات والاسلحة والمتفجرات وما ينتج عنها من متاعب ومطاردات تقوم اجهزة الامن بها بصورة اصبحت شبه دائمة، وكذا بعد حادث تفجير المدمّرة وما كشفته التحقيقات عن تسرب عدد من العناصر التي نفّذت الحادث وخطّطت له واشرفت عليه وقدّمت الوسائل والمواد المتفجرة التي اكد مسؤولو وخبراء التحقيقات في اجهزة الامن والجيش، عدم وجودها في اليمن. الحرازي بأسماء كثيرة وكان مسؤولون في وزارة الداخلية اليمنية اعلنوا ان فريق التحقيقات اوشك على الانتهاء من ملفات ستة من المتهمين بالضلوع في الحادث، وان محاكمتهم ستبدأ في الشهر نفسه. "وقد لا يتم الاعلان عن موعد المحاكمة الا قبلها بساعات لاسباب امنية". وكانت مصادر مطلعة اشارت الى انه تم تأجيل المحاكمة الى الشهر المقبل وان ثلاثة من الستة ما زال البحث جارياً عنهم، بينهم شخص رئيسي في العملية يدعى محمد عمر الحرازي يمني يتخفى تحت اسماء وجوازات سفر مزورة، وان المدعو جمال البدوي المعتقل على ذمة القضية يمثّل المشتبه به الاول، في الوقت الذي كانت فيه مصادر امنية اعلنت القبض على شخصين اضافيين الى الستة، الا ان التحقيق معهما لم يستكمل بعد، واضافت المصادر انه ثبت من التحقيقات وسجلات اجهزة الامن، انهما من العناصر التي تلقت تدريبها في افغانستان في الثمانينات وينتميان الى تنظيم "الجهاد الاسلامي". وعلى رغم مرور اربعة اشهر تقريباً على حادث المدمرة فان التحقيقات ما زالت مستمرة متجاوزة الفترة التي كانت متوقعة لانتهائها. وفي هذا الصدد، قال مصدر مسؤول ل"الوسط" ان القضية "اعمق جذوراً وابعد مدى واكثر تعقيداً مما هو منظور ومُعلن بكثير". واضاف معللاً تأخير محاكمة المتهمين والتحقيقات مع المعتقلين الآخرين المشتبه بهم، ان هذا يعود لأسباب موضوعية، منها ما سبقت الاشارة اليه من اهمية القضية واتساعها، اضافة الى الحرص على ان لا تبدأ المحاكمة قبل كشف الخيوط الموصلة الى معرفة اهم الملابسات التي في مقدمتها من يقف وراء العملية. وما تتطلبه من القبض على العناصر الرئيسية الذين ما زال عدد منهم فارين يجري البحث عنهم، واشار المصدر الى وجود تناقضات في اقوال المتهمين، فضلاً عن اختلاف وجهتي النظر اليمنية والاميركية حول مسار التحقيقات واعداد الملفات، ومنها ما يراه اليمنيون من محاكمة بعض الفارين غيابياً وبعض العناصر الثانوية، وهو امر لم يوافق عليه الاميركيون حسب المصدر، الا انهم في الفترة الاخيرة قلّلوا وربما اوقفوا اعتراضاتهم، وطرح وجهة نظرهم حول منهج وسياسة الفريق اليمني في التحقيقات، حسب مصادر صحافية، ويدخل ضمن هذه علاقة بعض التيارات الاسلامية والشخصيات الحزبية اليمنية بحادث التفجير مع ان عدداً غير قليل من الخبراء الاميركيين ما زالوا في عدن يحققون ويشاركون اليمنيين في بعض مهمات الفحص والتحقيقات. مليون دولار للألغام لقد حمل الجنرال الاميركي في اجندته مسائل ونقاطاً لم يتم الاعلان عنها تم بحثها مع المسؤولين في صنعاء، منها موافقة الاميركيين على اعادة الخبراء للعمل في برنامج نزع الالغام في عدن، بعدما كانوا أوقفوه او جمّدوه نتيجة ظواهر غير ايجابية من قبل مجهولين يمنيين تحفظ الخبراء حيالها. كما اشارت المصادر الى ان الجنرال فرانك، اكد استمرار الادارة الاميركية عبر وزارة الدفاع، في دعم هذا البرنامج بالخبراء والمعدات والوسائل الفنية ووعد بتقديم مليون دولار لهذا الغرض. وقد اعطى المسؤولون اليمنيون موافقتهم على ان يشترك الخبراء الاميركيون في التحقيق مع العناصر اليمنية المشتبه بها في تفجير المدمرة، بصفة مباشرة، وهذا ما ظل الفريق الاميركي في عدن يسعى اليه منذ البداية، لكن محاولاته بقيت رفضاً متكرراً من جانب اليمنيين ادى اكثر من مرة الى خلاف كان يمكن ان يتسع لولا ان الرئيس صالح نفسه، كان يتدخل بين فترة واخرى لتهدئته. يرى مراقبون في هذا الاطار ان محاولة خطف طائرة ال"بوينغ" التابعة ل"الخطوط اليمنية" يوم 23 الشهر الماضي اثناء قيامها برحلة داخلية من صنعاء الى تعز من قبل يمني متعاطف مع العراق أراد توجيهها الى بغداد وتغلّب عليه طاقم الطائرة اثر هبوطها في مطار جيبوتي، كان لها اثر في امتصاص ما بقي من رواسب لدى الاميركيين نظراً الى ان الطائرة كانت تقل 91 راكباً بينهم السفيرة الاميركية في صنعاء بربارا بودين وهو احتمال وارد نظراً الى ملابسات المحاولة واهدافها من جهة ولما حققته زيارة قائد القوات المركزية الاميركية من نتائج ايجابية من جهة اخرى خصوصاً من وجهة نظر الاميركيين اذ كانوا حسب تصريحات عدد من قادتهم العسكريين بالذات، يرون ان الخلاف على التحقيقات انعكس سلباً على العلاقات بين البلدين وفرض تجميد او تعطيل بعض المساعدات والمشاريع الاميركية في اليمن كرد فعل موقت لم يعلن عنه بصفة رسمية، ويبدو ان هذه الزيارة تجاوزت ما قبلها على رغم ان تفاصيلها لم تظهر حتى الآن